باب غَزْوَةِ خَيْبَرَ 2
 
4197- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى خَيْبَرَ لَيْلًا وَكَانَ إِذَا أَتَى قَوْمًا بِلَيْلٍ لَمْ يُغِرْ بِهِمْ حَتَّى يُصْبِحَ فَلَمَّا أَصْبَحَ خَرَجَتْ الْيَهُودُ بِمَسَاحِيهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ فَقال النبي صلى الله عليه وسلم: "خَرِبَتْ خَيْبَرُ إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ" .
4198- أَخْبَرَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ "صَبَّحْنَا خَيْبَرَ بُكْرَةً فَخَرَجَ أَهْلُهَا بِالْمَسَاحِي فَلَمَّا بَصُرُوا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ فَقال النبي صلى الله عليه وسلم: " اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ فَأَصَبْنَا مِنْ لُحُومِ الْحُمُرِ فَنَادَى مُنَادِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ فَإِنَّهَا رِجْسٌ"
4199- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ جَاءٍ فَقَالَ أُكِلَتْ الْحُمُرُ فَسَكَتَ ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَقَالَ أُكِلَتْ الْحُمُرُ
(7/467)

فَسَكَتَ ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ أُفْنِيَتْ الْحُمُرُ فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى فِي النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ فَأُكْفِئَتْ الْقُدُورُ وَإِنَّهَا لَتَفُورُ بِاللَّحْمِ"
الحديث الثالث حديث أنس ذكره من ثلاثة طرق قوله: "عن أنس" في رواية أبي إسحاق الفزاري عن حميد "سمعت أنسا" كما تقدم في الجهاد. قوله: "أتى خيبر ليلا" أي قرب منها، وذكر ابن إسحاق أنه نزل بواد يقال له الرجيع بينهم وبين غطفان لئلا يمدوهم وكانوا حلفاءهم، قال: فبلغني أن غطفان تجهزوا وقصدوا خيبر، فسمعوا حسا خلفهم فظنوا أن المسلمين خلفوهم في ذراريهم، فرجعوا فأقاموا وخذلوا أهل خيبر. قوله: "لم يغر بهم حتى يصبح" كذا للأكثر من الإغارة، ولأبي ذر عن المستملي: "لم يقربهم" بفتح أوله وسكون القاف وفتح الراء وسكون الموحدة، وتقدم في الجهاد بلفظ: "لا يغير عليهم" وهو يؤيد رواية الجمهور، وتقدم في الأذان من وجه آخر عن حميد بلفظ: "كان إذا غزا لم يغز بنا حتى يصبح وينظر، فإن سمع أذانا كف عنهم وإلا أغار، قال: فخرجنا إلى خيبر فانتهينا إليهم ليلا فلما أصبح ولم يسمع أذانا ركب" وحكى الواقدي أن أهل خيبر سمعوا بقصده لهم، فكانوا يخرجون في كل يوم متسلحين مستعدين، فلا يرون أحدا. حتى إذا كانت الليلة التي قدم فيها المسلمون ناموا فلم تتحرك لهم دابة ولم يصح لهم ديك، وخرجوا بالمساحي طالبين مزارعهم فوجدوا المسلمين. قوله: "خرجت يهود" زاد أحمد من طريق قتادة عن أنس "إلى زروعهم". قولهم: "بمساحيهم" بمهملتين جمع مسحاة وهي من آلات الحرث "ومكاتلهم" جمع مكتل وهو القفة الكبيرة التي يحول فيها التراب وغيره. وعند أحمد من حديث أبي طلحة في نحو هذه القصة" حتى إذا كان عند السحر وذهب ذو الزرع إلى زرعه وذو الضرع إلى ضرعه أغار عليهم". قوله: "محمد والخميس" تقدم في أوائل الصلاة من طريق عبد العزيز بن صهيب عن أنس بلفظ: "خرج القوم إلى أعمالهم فقالوا: محمد" قال عبد العزيز. قال بعض أصحابنا عن أنس "والخميس" يعني الجيش وعرف المراد ببعض أصحابه من هذا الطريق، وتقدم في صلاة الخوف من طريق حماد بن زيد عن ثابت وعبد العزيز عن أنس نحوه وفيه: "يقولون محمد والخميس" قال: والخميس الجيش. وعرف من سياق هذا الباب أن اللفظ هناك لثابت، وقد بينت ما في هذا الموضع من الإدراج في أوائل كتات الصلاة، وزاد في الجهاد من وجه آخر عن أيوب "فلجئوا إلى الحصن" أي تحصنوا به. قوله: "خربت خيبر" زاد في الجهاد فرفع يديه وقال: "الله أكبر، خربت خيبر" وزيادة التكبير في معظم الطرق عن أنس وعن حميد، قال السهيلي: يؤخذ من هذا الحديث التفاؤل، لأنه صلى الله عليه وسلم لما رأى آلات الهدم - مع أن لفظ المسحاة من سحوت إذا قشرت - أخذ منه أن مدينتهم ستخرب، انتهى. ويحتمل أن يكون قال. "خربت خيبر" بطريق الوحي. ويؤيده قوله بعد ذلك: "إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين" . قوله في رواية محمد بن سيرين عن أنس "صبحنا خيبر بكرة" لا يغاير قوله في رواية حميد عن أنس أنهم قدموها ليلا، فإنه يحمل على أنهم لما قدموها وناموا دونها ركبوا إليها يكره فصبحوها بالقتال والإغارة، وقد وقع ذلك في رواية إسماعيل بن جعفر عن حميد واضحا، زاد في رواية محمد بن سيرين قصة الحمر الأهلية وسيأتي شرحها مستوفى في كتاب الذبائح إن شاء تعالى. قوله: "حدثنا عبد الوهاب" هو ابن عبد المجيد الثقفي، وليس هو والد الراوي عند عبد الله بن عبد الوهاب، فإن الراوي عنه عبدري حجيي إلا ثقفي. قوله: "ينهيانكم" في رواية سفيان الآتية "ينهاكم" بالإفراد وفي رواية عبد الوهاب بالتثنية،
(7/468)

وهو دال على جواز جمع اسم الله مع غيره في ضمير واحد، فيرد به على من زعم أن قوله للخطيب: "بئس خطيب القوم أنت" لكونه قال: "ومن يعصمها فقد غوى" وقد تقدمت الإشارة إلى مباحث ذلك في كتاب الصلاة. قوله: "فأكفئت القدور" قال ابن التين: صوابه فكفئت، قال الأصمعي: كفأت الإناء قلبته ولا يقال أكفأته، ويحتمل أن يكون المراد أميلت حتى أزيل ما فيها، قال الكسائي: أكفأت الإناء أملته.