باب بَعْثُ أَبِي مُوسَى وَمُعَاذٍ إِلَى الْيَمَنِ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ 4
 
4347- حَدَّثَنِي حِبَّانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ: "إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ هُمْ طَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَإِنْ هُمْ طَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ فَإِنْ هُمْ طَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَاب" .
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ طَوَّعَتْ طَاعَتْ وَأَطَاعَتْ لُغَةٌ طِعْتُ وَطُعْتُ وَأَطَعْتُ
قوله: "حدثني حبان" بكسر أوله ثم موحدة ثم نون ابن موسى، وعبد الله هو ابن المبارك. قوله: "حين بعثه إلى اليمن" تقدم بيان الوقت الذي بعثه فيه وما فيه من اختلاف في أواخر كتاب الزكاة مع بقية شرح الحديث مستوفى ولله الحمد. قوله: "قال أبو عبد الله: طوعت طاعت وأطاعت" ومع هذا وما بعده لغير أبي ذر والنسفي، وأراد بذلك تفسير قوله تعالى: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ} على عادته في تفسير اللفظة الغريبة من القرآن إذا وافقت لفظة من الحديث، والذي وقع في حديث معاذ "فإن هم أطاعوا" فإن عند بعض رواته كما ذكره ابن التين "فإن هم طاعوا" بغير ألف، وقد قرأ الحسن البصري وطائفة معه "فطاوعت له نفسه" قال ابن التين: إذا امتثل أمره فقد أطاعه، وإذا وافقه فقد طاوعه، قال الأزهري. الطوع نقيض الكره، وطاع له انقاد، فإذا مضى لأمره فقد أطاعه. وقال يعقوب بن السكيت: طاع وأطاع بمعنى. وقال الأزهري أيضا: منهم من يقول طاع له يطوع طوعا فهو طائع بمعنى أطاع. والحاصل أن طاع وأطاع استعمل كل منهما لازما ومتعديا إما بمعنى واحد مثل "بدأ الله الخلق" وأبدأه، أو دخلت الهمزة للتعدية وفي اللازم للصيرورة، أو ضمن المتعدي بالهمزة معنى فعل آخر لازم لأن كثيرا من أهل العلم باللغة فسروا أطاع بمعنى لأن وانقاد، وهو اللائق في حديث معاذ هنا، وإن كان الغالب في الرباعي التعدي وفي الثلاثي اللزوم، وهذا أولى من دعوى فعل وأفعل بمعنى واحد لكونه قليلا، وأولى من دعوى أن اللام في قوله: "فإن هم أطاعوا لك" زائدة، وقد تقدم شيء من هذا في شرح الحديث في الزكاة. وقوله بعد ذلك: "طعت طعت وأطعت" : الأول بالضم والثانية بالكسر والثالثة بالفتح بزيادة ألف في أوله.
(8/64)