باب قِصَّةُ دَوْسٍ وَالطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الدَّوْسِيِّ
 
4392- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ ذَكْوَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " جَاءَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ دَوْسًا قَدْ هَلَكَتْ عَصَتْ وَأَبَتْ فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِم" .
4393- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "لَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ فِي الطَّرِيقِ:
يَا لَيْلَةً مِنْ طُولِهَا وَعَنَائِهَا ... عَلَى أَنَّهَا مِنْ دَارَةِ الْكُفْرِ نَجَّتِ
وَأَبَقَ غُلاَمٌ لِي فِي الطَّرِيقِ فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْتُهُ فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ إِذْ طَلَعَ الْغُلاَمُ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "يَا أَبَا هُرَيْرَةَ هَذَا غُلاَمُكَ فَقُلْتُ هُوَ لِوَجْهِ اللَّهِ فَأَعْتَقْتُه" .
قوله: "قصة دوس والطفيل بن عمرو الدوسي" بفتح المهملة وسكون الواو بعدها مهملة، تقدم نسبهم في غزوة ذي الخلصة، والطفيل بن عمرو أي ابن طريف بن العاص بن ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم بن دوس، كان يقال له ذو النور آخره راء؛ لأنه لما أتى النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم بعثه إلى قومه فقال: اجعل لي آية، فقال: اللهم نور له،
(8/101)

فسطع نور بين عينيه، فقال: يا رب أخاف أن يقولوا إنه مثلة، فتحول إلي طرف سوطه، وكان يضيء في الليلة المظلمة؛ ذكره هشام بن الكلبي في قصة طويلة، وفيها أنه دعا قومه إلى الإسلام فأسلم أبوه ولم تسلم أمه، وأجابه أبو هريرة وحده. قلت: وهذا يدل على تقدم إسلامه، وقد جزم ابن أبي حاتم بأنه قدم مع أبي هريرة بخيبر وكأنها قدمته الثانية. قوله: "عن ابن ذكوان" هو عبد الله أبو الزناد. قوله: "اللهم اهد دوسا وائت بهم" وقع مصداق ذلك، فذكر ابن الكلبي أن حبيب بن عمرو بن حثمة الدوسي كان حاكما على دوس، وكذا كان أبوه من قبله، وعمر ثلاثمائة سنة، وكان حبيب يقول: إني لأعلم أن للخلق خالقا لكني لا أدري من هو، فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم خرج إليه ومعه خمسة وسبعون رجلا من قومه فأسلم وأسلموا. وذكر ابن إسحاق أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل الطفيل بن عمرو ليحرق صنم عمرو بن حثمة الذي كان يقال له ذو الكفين بفتح الكاف وكسر الفاء، فأحرقه. وذكر موسى بن عقبة عن ابن شهاب أن الطفيل بن عمرو استشهد بأجنادين في خلافة أبي بكر، وكذا قال أبو الأسود عن عروة، وجزم ابن سعد بأنه استشهد باليمامة، وقيل باليرموك. قوله: "حدثنا إسماعيل" هو ابن أبي خالد "عن قيس" هو ابن أبي حازم. قوله: "لما قدمت" أي أردت القدوم. قوله: "قلت في الطريق" تقدم شرحه مستوفى في كتاب العتق، وقوله في هذه الرواية: "وأبق غلام لي" لا يغاير قوله في الرواية الماضية في العتق "فأضل أحدهما صاحبه" لأن رواية أبق فسرت وجه الإضلال، وأن الذي أضل هو أبو هريرة، بخلاف غلامه فإنه أبق1 أبو هريرة مكانه لهربه، فلذلك أطلق أنه أضله، فلا يلتفت إلى إنكار ابن التين أنه أبق، وأما كونه عاد فحضر عند النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينافيه أيضا لأنه يحمل على أنه رحم عن الإباق وعاد إلى سيده ببركة الإسلام، ويحتمل أن يكون أطلق أبق بمعنى أنه أضل الطريق فلا تتنافى الروايتان.
ـــــــ
1 في العبارة غموض أو ساقط منها شيء.
(8/102)

باب قصة وفد طيء وحديث عدي بن حاتم
...