باب حَجَّةِ الْوَدَاعِ 8
 
4404- حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: "حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً وَأَنَّهُ حَجَّ بَعْدَ مَا هَاجَرَ حَجَّةً وَاحِدَةً لَمْ يَحُجَّ بَعْدَهَا حَجَّةَ الْوَدَاعِ" قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَبِمَكَّةَ أُخْرَى.
حديث زيد بن أرقم، تقدم شرحه في أول الهجرة، وقوله: "وأنه حج بعدما هاجر حجة واحدة لم يحج بعدها حجة الوداع" يعني ولا حج قبلها إلا أن يريد نفي الحج الأصغر وهو العمرة فلا، فإنه اعتمر قبلها قطعا. قوله: "قال أبو إسحاق: وبمكة أخرى" هو موصول بالإسناد المذكور، وغرض أبي إسحاق أن لقوله: "بعدما هاجر" مفهوما، وأنه قبل أن يهاجر كان قد حج لكن اقتصاره على قوله أخرى قد يوهم أنه لم يحج قبل الهجرة إلا واحدة وليس كذلك بل حج قبل أن يهاجر مرارا، بل الذي لا أرتاب فيه أنه لم يترك الحج وهو بمكة قط، لأن قريشا في الجاهلية لم يكونوا يتركون الحج، وإنما يتأخر منهم عنه من لم يكن بمكة أو عاقه ضعف، وإذا كانوا وهم على غير دين يحرصون على إقامة الحج ويرونه من مفاخرهم التي امتازوا بها على غيرهم من العرب فكيف يظن بالنبي صلى الله عليه وسلم أنه يتركه؟ وقد ثبت من حديث جبير بن مطعم أنه رآه في الجاهلية واقفا بعرفة، وأن ذلك من توفيق الله له، وثبت دعاؤه قبائل العرب إلى الإسلام بمنى ثلاث سنين متوالية كما بينته في الهجرة إلى المدينة.
4405- حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ جَرِيرٍ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِجَرِيرٍ: " اسْتَنْصِتْ النَّاسَ فَقَالَ لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّاراً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْض" .
(8/107)

الحديث العاشر حديث جرير قوله: "عن علي بن مدرك" بضم الميم وسكون الدال وكسر الراء وهو نخعي كوفي ثقة، ذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وما له في البخاري سوى هذا الحديث، لكنه أورده في مواضع. والله أعلم. قوله: "استنصت الناس" فيه دليل على وهم من زعم أن إسلام جرير كان قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بأربعين يوما، لأن حجة الوداع كانت قبل وفاته بأكثر من ثمانين يوما، وقد ذكر جرير أنه حج مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع.