باب ما جاء في سورة الفاتحة 1
 
باب مَا جَاءَ فِي فَاتِحَةِ الْكِتَابِ
وَسُمِّيَتْ أُمَّ الْكِتَابِ أَنَّهُ يُبْدَأُ بِكِتَابَتِهَا فِي الْمَصَاحِفِ وَيُبْدَأُ بِقِرَاءَتِهَا فِي الصَّلاَةِ
(8/155)

وَالدِّينُ الْجَزَاءُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ كَمَا تَدِينُ تُدَانُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ بِالدِّينِ بِالْحِسَابِ مَدِينِينَ مُحَاسَبِينَ
قوله: "باب ما جاء في فاتحة الكتاب" أي من الفضل، أو من التفسير، أو أعم من ذلك، مع التقييد بشرطه في كل وجه. قوله: "وسميت أم الكتاب أنه" بفتح الهمزة "يبدأ بكتابتها في المصاحف، ويبدأ بقراءتها في الصلاة" هو كلام أبي عبيدة في أول "، مجاز القرآن" لكن لفظه: "ولسور القرآن أسماء: منها أن الحمد لله تسمى أم الكتاب لأنه يبدأ بها في أول القرآن، وتعاد قراءتها فيقرأ بها في كل ركعة قبل السورة، ويقال لها فاتحة الكتاب لأنه يفتتح بها في المصاحف فتكتب قبل الجميع" انتهى. وبهذا تبين المراد مما اختصره المصنف. وقال غيره: سميت أم الكتاب لأن أم الشيء ابتداؤه وأصله، ومنه سميت مكة أم القرى لأن الأرض دحيت من تحتها. وقال بعض الشراح: التعليل بأنها يبدأ بها يناسب تسميتها فاتحة الكتاب لا أم الكتاب، والجواب أنه يتجه ما قال بالنظر إلى أن الأم مبدأ الولد، وقيل سميت أم القرآن لاشتمالها على المعاني التي في القرآن من الثناء على الله تعالى والتعبد بالأمر والنهي والوعد ولوعيد. وعلى ما فيها من ذكر الذات والصفات والفعل. واشتمالها على ذكر المبدأ والمعاد والمعاش. ونقل السهيلي عن الحسن وابن سيرين ووافقهما بقي بن مخلد كراهية تسمية الفاتحة أم الكتاب، وتعقبه السهيلي. قلت وسيأتي في حديث الباب تسميتها بذلك، ويأتي في تفسير الحجر حديث أبي هريرة مرفوعا: "أم القرآن هي السبع المثاني" ولا فرق بين تسميتها بأم القرآن وأم الكتاب. ولعل الذي كره ذلك وقف عند لفظ الأم، وإذا ثبت النص طاح ما دونه. وللفاتحة أسماء أخرى جمعت من آثار أخرى: الكنز والوافية والشافعية والكافية وسورة الحمد لله وسورة الصلاة وسورة الشفاء والأساس وسورة الشكر وسورة الدعاء. قوله: "الدين الجزاء في الخير والشر. كما تدين تدان" هو كلام أبي عبيدة أيضا قال: الدين الحساب والجزاء، يقال في المثل: كما تدين تدان. انتهى، وقد ورد هذا في حديث مرفوع أخرجه عبد الرازق عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا وهو مرسل رجاله ثقات. ورواه عبد الرزاق بهذا الإسناد أيضا عن أبي قلابة عن أبي الدرداء موقوفا وأبو قلابة لم يدرك أبا الدرداء. وله شاهد موصول من حديث ابن عمر أخرجه ابن عدي وضعفه. قوله: "وقال مجاهد: بالدين بالحساب. مدينين محاسبين" وصله عبد بن حميد في التفسير من طريق منصور عن مجاهد في قوله تعالى: {كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ} قال: بالحساب. ومن طريق ورقاء بن عمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى: {فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ} غير محاسبين. والأثر الأول جاء موقوفا عن ناس من الصحابة أخرجه الحاكم من طريق السدي عن مرة الهمداني عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قال: هو يوم الحساب ويوم الجزاء وللدين معان أخرى: منها العادة والحكم والحال والخلق والطاعة والقهر والملة والشريعة والورع والسياسة، وشواهد ذلك يطول ذكرها.


الموضوع السابق


كتاب التفسير