باب {لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}
 
يُقَالُ أَلْحَفَ عَلَيَّ وَأَلَحَّ عَلَيَّ وَأَحْفَانِي بِالْمَسْأَلَةِ فَيُحْفِكُمْ يُجْهِدْكُمْ
4539- حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنِي شَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي عَمْرَةَ الأَنْصَارِيَّ قَالاَ سَمِعْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: "قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَلاَ اللُّقْمَةُ وَلاَ اللُّقْمَتَانِ إِنَّمَا الْمِسْكِينُ الَّذِي يَتَعَفَّفُ وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ يَعْنِي قَوْلَهُ : {لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}
قوله: "باب {لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} يقال ألحف علي، وألح، وأحفاني بالمسألة" زاد في نسخة الصغاني
(8/202)

"فيحفكم يجهدكم" هو تفسير أبي عبيدة قال في قوله تعالى: {وَلا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ} يقال أحفاني بالمسألة وألحف علي وألح علي بمعنى واحد، واشتقاق ألحف من اللحاف لأنه يشتمل على وجوه الطلب في المسألة كاشتمال اللحاف في التغطية. وقال أبو عبيدة في قوله: {لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} قال: إلحاحا انتهى. وانتصب "إلحافا" على أنه مصدر في موضع الحال أي لا يسألون في حال الإلحاف، أو مفعول لأجله أي لا يسألون لأجل الإلحاف، وهل المراد نفي المسألة فلا يسألون أصلا، أو نفي السؤال بالإلحاف خاصة فلا ينتفي السؤال بغير إلحاف فيه احتمال، والثاني أكثر في الاستعمال. ويحتمل أن يكون المراد لو سألوا لم يسألوا إلحافا فلا يستلزم الوقوع. ثم ذكر المصنف حديث أبي هريرة "ليس المسكين الذي ترده التمرة" الحديث، وقد تقدم شرحه في كتاب الزكاة، وقوله: "اقرءوا إن شئتم، يعني قوله: {لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} ووقع عند الإسماعيلي بيان قائل "يعني" فإنه أخرجه عن الحسن بن سفيان عن حميد بن زنجويه عن سعيد بن أبي مريم بسنده وقال في آخره: "قلت لسعيد بن أبي مريم: ما تقرأ؟ قال: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الآية" فيستفاد منه أن قائل يعني هو سعيد بن أبي مريم شيخ البخاري فيه. وقد أخرج مسلم والإسماعيلي هذا الحديث من طريق إسماعيل بن جعفر عن شريك بن أبي نمر بلفظ: اقرءوا إن شئتم {لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} فدل على صحة ما فسرها به سعيد بن أبي مريم. وكذا أخرجه الطبري من طريق صالح بن سويد عن أبي هريرة، لكنه لم يرفعه. وروى أحمد وأبو داود والنسائي وصححه ابن خزيمة وابن حبان من طريق عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه مرفوعا: "من سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف" وفي رواية ابن خزيمة: "فهو ملحف" والأوقية أربعون درهما. لأحمد من حديث عطاء بن يسار عن رجل من بني أسد رفعه: "من سأل وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا" ولأحمد والنسائي من حديث عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده رفعه: "من سأل وله أربعون درهما فهو ملحف" .
(8/203)