باب {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} الْمَسُّ الْجُنُونُ
 
4540- حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "لَمَّا نَزَلَتْ الآيَاتُ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الرِّبَا قَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ حَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الْخَمْر"
قوله: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} إلى آخر الآية. قوله: "المس الجنون" هو تفسير الفراء، قال في قوله تعالى: {لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} أي لا يقوم في الآخرة، قال: والمس الجنون، والعرب تقول ممسوس أي مجنون انتهى. وقال أبو عبيدة: المس اللمم من الجن. وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: "آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنونا" ومن طريق ابن عبد الله بن مسعود عن أبيه "أنه كان يقرأ: {إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} يوم القيامة" وقوله تعالى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} يحتمل أن يكون من تمام اعتراض الكفار حيث قالوا {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا} أي فلم أحل هذا وحرم هذا؟ ويحتمل أن يكون ردا عليهم ويكون اعتراضهم بحكم العقل والرد عليهم بحكم الشرع الذي لا معقب لحكمه، وعلى الثاني أكثر المفسرين، واستبعد بعض الحذاق الأول، وليس ببعيد إلا من جهة أن جوابهم بقوله: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ} إلى
(8/203)

آخره يحتاج إلى تقدير، والأصل عدمه. قوله: "فقرأها" أي الآيات. وفي رواية شعبة التي بعد هذه "في المسجد" وقد مضى ما يتعلق به في المساجد من كتاب الصلاة، واقتضى صنيع المصنف في هذه التراجم أن المراد بالآيات آيات الربا كلها إلى آية الدين. قوله: "ثم حرم التجارة في الخمر" تقدم توجيهه في البيوع، وأن تحريم التجارة في الربا وقع بعد تحريم الخمر بمدة فيحصل به جواب من استشكل الحديث بأن آيات الربا من آخر ما نزل من القرآن، وتحريم الخمر تقدم قبل ذلك بمدة.
(8/204)