باب {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ} الآيَةَ
 
4576- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ الأَشْجَعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ} قَالَ هِيَ مُحْكَمَةٌ وَلَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ تَابَعَهُ سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاس"
قوله: "باب {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ} الآية" سقط "باب" لغير أبي ذر. قوله: "حدثنا أحمد بن حميد" هو القرشي الكوفي صهر عبيد الله بن موسى قال له دار أم سلمة لقب بذلك لجمعه حديث أم سلمة وتتبعه لذلك. وقال ابن عدي: كان له اتصال بأم سلمة يعني زوج السفاح الخليفة فلقب بذلك، ووهم الحاكم فقال: يلقب جار أم سلمة، وثقه مطين وقال: كان يعد في حفاظ أهل الكوفة، ومات سنة عشرين ومائتين، ووهم من قال خلاف ذلك، وما له في البخاري سوى هذا الحديث الواحد، وشيخه عبيد الله الأشجعي هو ابن عبيد الرحمن الكوفي، وأبوه فرد في الأسماء مشهور في أصحاب سفيان الثوري، والشيباني هو أبو إسحاق، والإسناد إلى عكرمة كوفيون. قوله: "هي محكمة وليست بمنسوخة" زاد الإسماعيلي من وجه آخر عن الأشجعي" وكان ابن عباس إذا ولى رضخ، وإذا كان في المال قلة اعتذر إليهم، فذلك القول بالمعروف" . وعند الحاكم من طريق عمرو بن أبي قيس عن الشيباني بالإسناد المذكور في هذه الآية قال: "ترضخ لهم وإن كان في المال تقصير اعتذر إليهم" . قوله: "تابعه سعيد بن جبير عن ابن عباس" وصله في الوصايا بلفظ: "إن ناسا يزعمون أن هذه الآية نسخت، ولا والله ما نسخت، ولكنها مما تهاون الناس بها، هما واليان: وال يرث وذلك الذي يرزق، ووال لا يرث وذلك الذي يقال له بالمعروف يقول: لا أملك لك أن أعطيك" وهذان الإسنادان الصحيحان عن ابن عباس هما المعتمدان، وجاءت عنه روايات من أوجه ضعيفة عند ابن أبي حاتم وابن مردويه أنها منسوخة، نسختها آية الميراث، وصح ذلك عن سعيد بن المسيب، وهو قول القاسم بن محمد وعكرمة وغير واحد، وبه قال الأئمة الأربعة وأصحابهم، وجاء عن ابن عباس قول آخر أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح عن القاسم بن محمد "أن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر قسم ميراث أبيه عبد الرحمن في حياة عائشة، فلم يدع في الدار ذا قرابة ولا مسكينا إلا أعطاه من ميراث أبيه" وتلا الآية قال القاسم فذكرته لابن عباس فقال: ما أصاب، ليس ذلك له، إنما ذلك إلى الوصي، وإنما ذلك في العصبة أي ندب للميت أن يوصى لهم. قلت: وهذا لا ينافي حديث الباب، وهو أن الآية محكمة وليست بمنسوخة. وقيل معنى الآية: وإذا حضر قسمة الميراث قرابة الميت ممن لا يرث واليتامى والمساكين فإن نفوسهم تتشوف إلى أخذ شيء منه، ولا سيما إن كان جزيلا، فأمر الله سبحانه أن يرضخ لهم بشيء على سبيل البر والإحسان. واختلف من قال بذلك هل الأمر فيه على الندب أو الوجوب؟ فقال مجاهد وطائفة: هي على الوجوب وهو قول ابن حزم أن على الوارث أن يعطي هذه الأصناف ما طابت به نفسه. ونقل ابن الجوزي عن أكثر أهل العلم أن المراد بأولى
(8/242)

القرابة من لا يرث، وأن معنى {فَارزُقُوهُمْ} أعطوهم من المال. وقال آخرون: أطعموهم، وأن ذلك على سبيل الاستحباب وهو المعتمد، لأنه لو كان على الوجوب لاقتضى استحقاقا في التركة ومشاركة في الميراث بجهة مجهولة فيفضي إلى التنازع والتقاطع، وعلى القول بالندب فقد قبل: يفعل ذلك ولي المحجور، وقيل لا بل يقول: ليس المال لي وإنما هو لليتيم، وأن هذا هو المراد بقوله: {وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً} وعلى هذا فتكون الواو في قوله: { وَقُولُوا} للتقسيم وعن ابن سيرين وطائفة: المراد بقوله: {فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ } اصنعوا لهم طعاما يأكلونه، وأنها على العموم في مال المحجور وغيره، والله أعلم
(8/243)