باب {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا}
 
الْمُخْتَالُ وَالْخَتَّالُ وَاحِدٌ نَطْمِسَ وُجُوهًا نُسَوِّيَهَا حَتَّى تَعُودَ كَأَقْفَائِهِمْ طَمَسَ الْكِتَابَ مَحَاهُ جَهَنَّمَ سَعِيرًا وُقُودًا
4582- حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ يَحْيَى بَعْضُ الْحَدِيثِ "عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْرَأْ عَلَيَّ قُلْتُ آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ قَالَ فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى بَلَغْتُ فَكَيْفَ {إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا} قَالَ: أَمْسِكْ فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَان"
[الحديث 4582- أطرافه في: 5049، 5050، 5055، 5056]
قوله: "باب {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا} وقع في الباب تفاسير لا تتعلق بالآية، وقد قدمت الاعتذار عن ذلك. قوله: "المختال والختال واحد" كذا للأكثر بمثناة فوقانية ثقيلة. وفي رواية الأصيلي: "المختال والخال واحد" وصوبه ابن مالك، وكذلك هو في كلام أبي عبيدة، قال في قوله تعالى :{مُخْتَالاً فَخُوراً} : المختال ذو الخيلاء والخال واحد. قال: ويجئ مصدرا قال العجاج" والخال ثوب من ثياب الجبال" . قلت: والخال يطلق لمعان كثيرة نظمها بعضهم في قصيدة فبلغ نحوا من العشرين، ويقال إنه وجدت قصيدة، تزيد على ذلك عشرين أخرى، وكلام عياض يقتضي أن الذي في رواية الأكثر بالمثناة التحتانية لا. الفوقانية
(8/250)

ولهذا قال كله صحيح، لكنه أورده في الخاء والتاء الفوقانية، والختال بمثناة فوقانية لا معنى له هنا كما قال ابن مالك وإنما هو فعال من الختل وهو العذر، ولأن عينه ياء تحتانية لا فوقانية، والاسم الخلاء، والمعنى أنه يختل في صورة من هو أعظم منه على سبيل التكبير والتعاظم. قوله: "نطمس وجوها نسويها حتى تعود كأقفائهم، طمس الكتاب محاه" هو مختصر من كلام أبي عبيدة، قال في قوله تعالى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً} أي نسويها حتى تعود كأقفائهم، يقال للريح طمست الآثار أي محتها، وطمس الكتاب أي محاه. وأسند الطبري عن قتادة: المراد أن تعود الأوجه في الأقفية. وقيل هو تمثيل وليس المراد حقيقته حسا. قوله: "بجهنم سعيرا وقودا" هو قول أبي عبيدة أيضا، قال في قوله تعالى: {وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً} أي وقودا. وأخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبي مالك مثله.
" تنبيه " : هذه التفاسير ليست لهذه الآية، وكأنه من النساخ كما نبهت عليه غير مرة. قوله: "حدثنا صدقة" هو ابن الفضل، ويحيى هو القطان، وسفيان هو الثوري، وسليمان هو الأعمش، وإبراهيم هو النخعي، وعبيدة بفتح أوله هو ابن عمرو، وعبد الله بن مسعود. والإسناد كله سوى شيخ البخاري وشيخه كوفيون، فيه ثلاثة من التابعين في نسق أولهم الأعمش. قوله: "قال يحيى" هو القطان، وهو موصول بالإسناد المذكور. قوله: "بعض الحديث عن عمرو بن مرة" أي من رواية الأعمش عن عمرو بن مرة عن إبراهيم، وقد ورد ذلك واضحا في فضائل القرآن حيث أخرجه المصنف عن مسدد عن يحيى القطان بالإسناد المذكور وقال بعده "قال الأعمش وبعض الحديث حدثني عمرو بن مرة عن إبراهيم" يعني بإسناده، ويأتي شرح الحديث هناك إن شاء الله تعالى. وقال الكرماني: إسناد عمرو مقطوع، وبعض الحديث مجهول. قلت: عبر عن المقتطع بالمقطوع لقلة اكتراثه بمراعاة الاصطلاح، وأما قوله مجهول فيزيد ما حدثه به عمرو بن مرة فكأنه ظن أنه أراد أن البعض عن هذا والبعض عن هذا، وليس كذلك وإنما هو عنده كله في الرواية الآتية، وبعضه في أثنائه أيضا
(8/251)