باب {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} تَيَمَّمُوا تَعَمَّدُوا آمِّينَ عَامِدِينَ
 
أَمَّمْتُ وَتَيَمَّمْتُ وَاحِدٌ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَمَسْتُمْ وَ تَمَسُّوهُنَّ وَ اللاَتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ وَالإِفْضَاءُ النِّكَاحُ
4607- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْتِمَاسِهِ وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقَالُوا أَلاَ تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِالنَّاسِ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ فَقَالَ حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسَ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ قَالَتْ عَائِشَةُ فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ وَجَعَلَ
(8/271)

يَطْعُنُنِي بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي وَلاَ يَمْنَعُنِي مِنْ التَّحَرُّكِ إِلاَّ مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَخِذِي فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ فَبَعَثْنَا الْبَعِيرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ فَإِذَا الْعِقْدُ تَحْتَه"
4608- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا سَقَطَتْ قِلاَدَةٌ لِي بِالْبَيْدَاءِ وَنَحْنُ دَاخِلُونَ الْمَدِينَةَ فَأَنَاخَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَزَلَ فَثَنَى رَأْسَهُ فِي حَجْرِي رَاقِدًا أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَكَزَنِي لَكْزَةً شَدِيدَةً وَقَالَ حَبَسْتِ النَّاسَ فِي قِلاَدَةٍ فَبِي الْمَوْتُ لِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَوْجَعَنِي ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَيْقَظَ وَحَضَرَتْ الصُّبْحُ فَالْتُمِسَ الْمَاءُ فَلَمْ يُوجَدْ فَنَزَلَتْ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ} الآيَةَ فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ لَقَدْ بَارَكَ اللَّهُ لِلنَّاسِ فِيكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ مَا أَنْتُمْ إِلاَّ بَرَكَةٌ لَهُم"
قوله: "باب قوله {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} كذا في الأصول، وزعم ابن التين وتبعه بعض الشراح المتأخرين أنه وقع هنا "فإن لم تجدوا ماء" ورد عليه بأن التلاوة "فلم تجدوا ماء" وهذا الذي أشار إليه إنما وقع في كتاب الطهارة، وهو في بعض الروايات دون بعض كما تقدم التنبيه عليه. قوله: "تيمموا تعمدوا، آمين عامدين، أممت وتيممت واحد" قال أبو عبيدة في قوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً} أي فتعمدوا. وقال في قوله تعالى: {وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} أي ولا عامدين، ويقال أممت، وبعضهم يقول تيممت، قال الشاعر:
إني كذاك إذا ما ساءني بلد ... يممت صدر بعيري غيره بلدا
" تنبيه " : قرأ الجمهور {وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ} بإثبات النون، وقرأ الأعمش بحذف النون مضافا كقوله محلى الصيد. قوله: "وقال ابن عباس لمستم وتمسوهن، واللاتي دخلتم بهن، والإفصاء النكاح" أما قوله: "لمستم" فروى إسماعيل القاضي في "أحكام القرآن" من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله تعالى: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} قال: هو الجماع. وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير بإسناد صحيح، وأخرجه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن ابن عباس قال: هو الجماع، ولكن الله يعفو ويكنى. وأما قوله: { تَمَسُّوهُنَّ} فروى ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى: { مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ} أي تنكحوهن. وأما قوله: {دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} فروى ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: { اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} قال: الدخول النكاح. وأما قوله: "والإفضاء" فروى ابن أبي حاتم من طريق بكر بن عبد الله المزني عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} قال: الإفضاء الجماع. وروى عبد بن حميد من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: الملامسة والمباشرة والإفضاء والرفث والغشيان والجماع كله النكاح، ولكن الله يكنى. وروى عبد الرزاق من طريق بكر المزني عن ابن عباس: إن الله حيي كريم يكنى عما شاء، فذكر مثله. لكن قال: "التغشي" بدل الغشيان، وإسناده صحيح. قال الإسماعيلي: أراد بالتغشي قوله تعالى :{فَلَمَّا تَغَشَّاهَا} وسيأتي شيء من هذا في النكاح. والذي يتعلق
(8/272)
بالباب قوله: "لمَسْتُم" وهي قراءة الكوفيين حمزة والكسائي والأعمش ويحيى بن وثاب، وخالفهم عاصم من الكوفيين فوافق أهل الحجاز فقرءوا {أَوْ لامَسْتُمُ} بالألف ووافقهم أبو عمرو بن العلاء من البصريين. ذكر المصنف حديث عائشة في سبب نزول الآية المذكورة من وجهين، وقد تقدم الكلام عليها مستوفي في كتاب. التيمم، واستدل به على أن قيام الليل لم يكن واجبا عليه صلى الله عليه وسلم، وتعقب باحتمال أن يكون صلى الله عليه وسلم صلى أول ما نزل ثم نام، وفيه نظر لأن التهجد القيام إلى الصلاة بعد هجعة، ثم يحتمل أنه هجع فلم ينتقض وضوءه لأن قلبه لا ينام، ثم قام فصلى ثم نام، والله أعلم.
(8/273)

باب {فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون}
...