سورة هُودٍ
 
وَقَالَ أَبُو مَيْسَرَةَ الأَوَّاهُ الرَّحِيمُ بِالْحَبَشِيَّةِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {بَادِئَ الرَّأْيِ} مَا ظَهَرَ لَنَا وَقَالَ مُجَاهِدٌ {الْجُودِيُّ} جَبَلٌ بِالْجَزِيرَةِ وَقَالَ الْحَسَنُ {إِنَّكَ لاَنْتَ الْحَلِيمُ} يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {أَقْلِعِي} أَمْسِكِي {عَصِيبٌ} شَدِيدٌ {لاَ جَرَمَ} بَلَى {وَفَارَ التَّنُّورُ} نَبَعَ الْمَاءُ وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَجْهُ الأَرْضِ
قوله سورة هود {بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قوله: "قال ابن عباس: عصيب شديد" وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال في قوله: {قَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ} قال: شديد. وأخرجه الطبري من طرق عن مجاهد وقتادة وغيرهما مثله. وقال: ومنه قول الراجز "يوم عصيب يعصب الأبطالا" ويقولون: عصب يومنا يعصب عصبا أي اشتد. قوله: "لا جرم بلى" وصله ابن أبي حاتم من طريق
(8/348)

علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ} قال أي بلى إن الله يعلم. وقال الطبري معنى جرم أي كسب الذنب ثم كثر استعماله في موضع لا بد كقولهم لا جرم أنك ذاهب، وفي موضع حقا كقولك لا جرم لتقومن. قوله: "وقال غيره وحاق نزل يحيق ينزل" قال أبو عبيدة في قوله تعالى: {وَحَاقَ بِهِمْ} أي نزل بهم وأصابهم. قوله: "يئوس فعول من يئست" هو قول أبي عبيدة أيضا، قال في قوله تعالى: {يَؤُوسٌ كَفُورٌ} هو فعول من يئست. قوله: "وقال مجاهد تبتئس تحزن" وصله الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد أيضا قال في قوله: {فَلا تَبْتَئِسْ} قال: لا تحزن، ومن طريق قتادة وغير واحد نحوه. قوله: "يثنون صدورهم شك وامتراء في الحق ليستخفوا منه من الله إن استطاعوا" وهو قول مجاهد أيضا قال في قوله: {أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} قال شك وامتراء في الحق ليستخفوا من الله إن استطاعوا، وصله الطبري من طرق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عنه، ومن طريق معمر عن قتادة قال: أخفى ما يكون الإنسان إذا أسر في نفسه شيئا بثوبه، والله مع ذلك يعلم ما يسرون وما يعلنون. ومن طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله: {يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} الشك في الله وعمل السيئات يستغشي بثيابه ويستكن من الله، والله يراه ويعلم ما يسر وما يعلن. والثني يعبر به عن الشك في الحق والإعراض عنه. ومن طريق عبد الله بن شداد أنها نزلت في المنافقين، كان أحدهم إذا مر برسول الله صلى الله عليه وسلم ثنى صدره وطأطأ رأسه وتغشى بثوبه لئلا يراه، أسنده الطبري من طرق عنه، وهو بعيد فإن الآية مكية، وسيأتي عن ابن عباس ما يخالف القول الأول، لكن الجمع بينهما ممكن.
" تنبيه " : قدمت هذه التفاسير من أول السورة إلى هنا في رواية أبي ذر، وهي عند الباقين مؤخرة عما سيأتي إلى قوله: "أقلعي أمسكي" . قوله: "وقال أبو ميسرة: الأواه الرحيم بالحبشية" تقدم في ترجمة إبراهيم من أحاديث الأنبياء، وسقط هنا من رواية أبي ذر. قوله: "وقال ابن عباس: بادئ الرأي ما ظهر لنا. وقال مجاهد: الجودي جبل بالجزيرة. وقال الحسن {إِنَّكَ لأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} يستهزئون به. وقال ابن عباس: أقلعي أمسكي، وفار التنور نبع الماء. وقال عكرمة وجه الأرض" تقدم جميع ذلك في أحاديث الأنبياء وسقط هنا لأبي ذر.
(8/349)