سورة يُوسُفَ
 
وَقَالَ فُضَيْلٌ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ {مُتَّكَأً} الأُتْرُجُّ قَالَ فُضَيْلٌ الأُتْرُجُّ بِالْحَبَشِيَّةِ مُتْكًا وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ مُجَاهِدٍ مُتْكًا قَالَ كُلُّ شَيْءٍ قُطِعَ بِالسِّكِّينِ وَقَالَ قَتَادَةُ {لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ} عَامِلٌ بِمَا عَلِمَ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ {صُوَاعَ الْمَلِكِ} مَكُّوكُ الْفَارِسِيِّ الَّذِي يَلْتَقِي طَرَفَاهُ كَانَتْ تَشْرَبُ بِهِ الأَعَاجِمُ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {تُفَنِّدُونِ} تُجَهِّلُونِ وَقَالَ غَيْرُهُ {غَيَابَةٌ} كُلُّ شَيْءٍ غَيَّبَ عَنْكَ شَيْئًا فَهُوَ غَيَابَةٌ {وَالْجُبُّ} الرَّكِيَّةُ الَّتِي لَمْ تُطْوَ {بِمُؤْمِنٍ لَنَا} بِمُصَدِّقٍ أَشُدَّهُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ فِي النُّقْصَانِ يُقَالُ {بَلَغَ أَشُدَّهُ} وَبَلَغُوا أَشُدَّهُمْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَاحِدُهَا شَدٌّ وَالْمُتَّكَأُ مَا اتَّكَأْتَ عَلَيْهِ لِشَرَابٍ أَوْ لِحَدِيثٍ أَوْ لِطَعَامٍ وَأَبْطَلَ الَّذِي قَالَ الأُتْرُجُّ وَلَيْسَ فِي كَلاَمِ الْعَرَبِ
(8/357)

الأُتْرُجُّ فَلَمَّا احْتُجَّ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُ الْمُتَّكَأُ مِنْ نَمَارِقَ فَرُّوا إِلَى شَرٍّ مِنْهُ فَقَالُوا إِنَّمَا هُوَ الْمُتْكُ سَاكِنَةَ التَّاءِ وَإِنَّمَا الْمُتْكُ طَرَفُ الْبَظْرِ وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لَهَا مَتْكَاءُ وَابْنُ الْمَتْكَاءِ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ أُتْرُجٌّ فَإِنَّهُ بَعْدَ الْمُتَّكَإِ شَغَفَهَا يُقَالُ بَلَغَ شِغَافَهَا وَهُوَ غِلاَفُ قَلْبِهَا وَأَمَّا شَعَفَهَا فَمِنْ الْمَشْعُوفِ أَصْبُ أَمِيلُ صَبَا مَالَ {أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ} مَا لاَ تَأْوِيلَ لَهُ وَالضِّغْثُ مِلْءُ الْيَدِ مِنْ حَشِيشٍ وَمَا أَشْبَهَهُ وَمِنْهُ {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا} لاَ مِنْ قَوْلِهِ {أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ} وَاحِدُهَا ضِغْثٌ نَمِيرُ مِنْ الْمِيرَةِ {وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ} مَا يَحْمِلُ بَعِيرٌ أَوَى إِلَيْهِ ضَمَّ إِلَيْهِ السِّقَايَةُ مِكْيَالٌ {تَفْتَأُ} لاَ تَزَالُ. {اسْتَيْأَسُوا} يَئِسُوا {لاَ تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ} مَعْنَاهُ الرَّجَاءُ {خَلَصُوا نَجِيًّا} اعْتَزَلُوا نَجِيًّا وَالْجَمِيعُ أَنْجِيَةٌ يَتَنَاجَوْنَ الْوَاحِدُ نَجِيٌّ وَالاثْنَانِ وَالْجَمِيعُ نَجِيٌّ وَأَنْجِيَةٌ {حَرَضًا} مُحْرَضًا يُذِيبُكَ الْهَمُّ {تَحَسَّسُوا} تَخَبَّرُوا {مُزْجَاةٍ} قَلِيلَةٍ {غَاشِيَةٌ} مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَامَّةٌ مُجَلِّلَةٌ.
قوله: "سورة يوسف {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} سقطت البسملة لغير أبي ذر. قوله: "وقال فضيل عن حصين عن مجاهد متكأ الأترج بالحبشية متكا" كذا لأبي ذر، ولغيره: متكا الأترج. قال فضيل: الأترج بالحبشية متكا. وهذا وصله ابن أبي حاتم من طريق يحيى بن يمان عن فضيل بن عياض. وأما روايته عن حصين فرويناه في مسند مسدد رواية معاذ بن المثنى عنه عن فضيل عن حصين عن مجاهد في قوله تعالى: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً} قال: أترج. ورويناه في تفسير ابن مردويه من هذا الوجه فزاد فيه عن مجاهد عن ابن عباس، ومن طريقه أخرجه الحافظ الضياء في المختارة، وقد روى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله: {وأعتدت لهن متكا} قال: طعاما. قوله: "وقال ابن عيينة: عن رجل عن مجاهد متكا كل شيء قطع بالسكين" هكذا رويناه في "تفسير ابن عيينة" رواية سعيد بن عبد الرحمن المخزومي عنه بهذا. وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن مجاهد: المتكأ بالتثقيل الطعام وبالتخفيف الأترج، والرواية الأولى عنه أعم. قوله: "يقال بلغ أشده قبل أن يأخذ في النقصان. ويقال بلغوا أشدهم. وقال بعضهم واحدها شد. والمتكا ما اتكأت عليه لشراب أو لحديث أو لطعام وأبطل الذي قال الأترج، وليس في كلام العرب الأترج، فلما احتج عليهم بأن المتكا من نمارق فروا إلى شر منه وقالوا إنما هو المتك ساكنة التاء، وإنما المتك طرف البظر ومن ذلك قيل لها متكاء وابن المتكاء، فإن كان ثم أترج فإنه بعد المتكا" قلت: وقع هذا متراخيا عما قبله عند الأكثر، والصواب إيراده تلوه، فأما الكلام على الأشد فقال أبو عبيدة هو جمع لا واحد له من لفظه، وحكى الطبري أنه واحد لا نظير له في الآحاد. وقال سيبويه واحده شدة، وكذا قال الكسائي لكن بلا هاء. واختلف النقلة في قدر الأشد الذي بلغه يوسف فالأكثر أنه الحلم، وعن سعيد بن جبير ثمان عشرة وقيل سبع عشرة وقيل عشرون وقيل خمسة وعشرون وقيل ما بين ثمان عشرة إلى ثلاثين، وفي غيره قيل الأكثر أربعون وقيل ثلاثون وقيل ثلاثة وثلاثون وقيل خمسة وثلاثون وقيل ثمانية وأربعون وقيل ستون. وقال ابن التين: الأظهر أنه أربعون لقوله تعالى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً} وكان النبي لا ينبأ حتى يبلغ أربعين، وتعقب بأن عيسى عليه السلام نبئ لدون أربعين ويحيى كذلك لقوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً} وسليمان لقوله تعالى: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} إلى غير ذلك. والحق أن المراد بالأشد بلوغ سن الحلم.
(8/358)

ففي حق يوسف عليه السلام ظاهر ولهذا جاء بعده {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا} وفي حق موسى عليه السلام لعله بعد ذلك كبلوغ الأربعين ولهذا جاء بعده {وَاسْتَوَى} ووقع في قوله: {آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً} في الموضعين فدل على أن الأربعين ليست حدا لذلك. وأما المتكأ فقال أبو عبيدة أعتدت أفعلت من العتاد ومعناه أعتدت لهن متكأ أي نمرقا يتكأ عليه، وزعم قوم أنه الترنج وهذا أبطل باطل في الأرض، ولكن عسى أن يكون مع المتكأ ترنج يأكلونه، ويقال ألقى له متكأ يجلس عليه انتهى. وقوله: "ليس في كلام العرب الأترج" يريد أنه ليس في كلام العرب تفسير المتكأ بالأترج، قال صاحب "المطالع" وفي الأترج ثلاث لغات ثانيها بالنون وثالثها مثلها بحذف الهمزة وفي المفرد كذلك، وعند بعض المفسرين أعتدت لهن البطيخ والموز، وقيل كان مع الأترج عسل، وقيل كان للطعام المذكور بزماورد، لكن ما نفاه المؤلف رحمه الله تبعا لأبي عبيدة قد أثبته غيره. قد روى عبد بن حميد من طريق عوف الأعرابي حديث ابن عباس أنه كان يقرأها متكا مخففة ويقال هو الأترج، وقد حكاها الفراء وتبعه الأخفش وأبو حنيفة الدينوري والقالي وابن فارس وغيرهم كصاحب "المحكم" و "الجامع" و "الصحاح" ، وفي الجامع أيضا: أهل عمان يسمون السوسن المتكأ، وقيل بضم أوله الأترج وبفتحه السوسن. وقال الجوهري: المتكأ ما تبقيه الخاتنة بعد الختان من المرأة، والمتكاء التي لم تختن، وعن الأخفش المتكأ الأترج.
" تنبيه " : متكا بضم أوله وسكون ثانيه وبالتنوين على المفعولية هو الذي فسره مجاهد وغيره بالأترج أو غيره وهي قراءة، وأما القراءة المشهورة فهو ما يتكأ عليه من وسادة وغيرها كما جرت به عادة الأكابر عند الضيافة. وبهذا التقرير لا يكون بين النقلين تعارض. وقد روى عبد بن حميد عن طريق منصور عن مجاهد قال: من قرأها مثقلة قال الطعام، ومن قرأها مخففة قال الأترج، ثم لا مانع أن يكون المتكأ مشتركا بين الأترج وطرف البظر، والبظر بفتح الموحدة وسكون الظاء المشالة موضع الختان من المرأة، وقيل البظراء التي لا تحبس بولها. قال الكرماني: أراد البخاري أن المتكأ في قوله: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً} اسم مفعول من الاتكاء، وليس هو متكأ بمعنى الأترج ولا بمعنى طرف البظر، فجاء فيها بعبارات معجرفة. كذا قال فوقع في أشد مما أنكره فإنها إساءة على مثل هذا الإمام الذي لا يليق لمن يتصدى لشرح كلامه، وقد ذكر جماعة من أهل اللغة أن البظر في الأصل يطلق على ما له طرف من الجسد كالثدي. قوله: "وقال قتادة {لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ} عامل بما علم" وصله ابن أبي حاتم من طريق ابن عيينة عن سعيد بن أبي عروبة عنه بهذا. قوله: "وقال سعيد بن جبير "صواع الملك" مكوك الفارسي الذي يلتقي طرفاه، كانت تشرب الأعاجم به" وصله ابن أبي حاتم من طريق أبي عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير مثله، ورواه ابن منده في "غرائب شعبة" وابن مردويه من طريق عمرو بن مرزوق عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: {صُوَاعَ الْمَلِكِ} قال كان كهيئة المكوك من فضة يشربون فيه، وقد كان للعباس مثله في الجاهلية. وكذا أخرجه أحمد وابن أبي شيبة عن محمد بن جعفر عن شعبة وإسناده صحيح. والمكوك بفتح الميم وكافين الأولى مضمومة ثقيلة بينهما واو ساكنة هو مكيال معروف لأهل العراق. "تنبيه" : قراءة الجمهور "صواع" ، وعن أبي هريرة أنه قرأ: {صاع الملك "عن أبي رجاء" وصوع الملك" بسكون الواو، وعن يحيى بن يعمر مثله لكن بغين معجمة حكاها الطبري. قوله: "وقال ابن عباس {تُفَنِّدُونِ} تجهلون" وروى ابن أبي حاتم من طريق أبي سنان عن عبد الله بن أبي الهذيل عن ابن عباس في قوله: {لَوْلا أَنْ
(8/359)

تُفَنِّدُونِ} أي تسفهون، كذا قال أبو عبيدة وكذا أخرجه عبد الرزاق. وأخرج أيضا عن معمر عن قتادة مثله، وأخرجه ابن مردويه من طريق ابن أبي الهذيل أيضا أتم منه قال في قوله: {وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ} قال لما خرجت العير هاجت ريح فأتت يعقوب بريح يوسف فقال: {نِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ} قال لولا أن تسفهون، قال فوجد ريحه من مسيرة ثلاثة أيام، وقوله: {تُفَنِّدُونِ} مأخوذ من الفند محركا وهو الهرم. قوله: "غيابة الجب كل شيء غيب عنك فهو غيابة، والجب الركية التي لم تطو" كذا وقع لأبي ذر فأوهم أنه من كلام ابن عباس لعطفه عليه، وليس كذلك وإنما هو كلام أبي عبيدة كما هو سأذكره. ووقع في رواية غير أبي ذر "وقال غيره غيابة إلخ" وهذا هو الصواب. قوله: {بِمُؤْمِنٍ لَنَا} بمصدق قال أبو عبيدة في قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} : أي بمصدق. قوله: {شَغَفَهَا حُبّاً} يقال بلغ شغفاها وهو غلاف قلبها، وأما شعفها يعني بالعين المهملة فمن الشعوف" قال أبو عبيدة في قوله تعالى: {شَغَفَهَا حُبّاً} أي وصل الحب إلى شغاف قلبها وهو غلافه، قال ويقرأه قوم "شعفها" أي بالعين المهملة وهو من الشعوف انتهى. والذي قرأها بالمهملة أبو رجاء والأعرج وعوف رواه الطبري، ورويت عن علي والجمهور بالمعجمة، يقال مشغوف بفلان إذا بلغ الحب أقصى المذاهب، وشعاف الجبال أعلاها، والشغاف بالمعجمة حبة القلب، وقيل علقة سوداء في صميمه. وروى عبد بن حميد من طريق قرة عن الحسن قال: الشغف - يعني بالمعجمة - أن يكون قذف في بطنها حبه، والشعف يعني بالمهملة أن يكون مشعوفا بها. وحكى الطبري عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أن الشعف بالعين المهملة البغض وبالمعجمة الحب، وغلطه الطبري وقال: إن الشعف بالعين المهملة بمعنى عموم الحب أشهر من أن يجهله ذو علم بكلامهم. قوله: {أَصْبُ إِلَيْهِنَّ} أميل إليهن حبا قال أبو عبيدة في قوله تعالى: { وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ} أي أهواهن وأميل إليهن، قال الشاعر:
إلى هند صبا قلبي ... وهند مثلها يصبى
أي يمال. قوله: " {أَضْغَاثُ أَحْلامٍ} ما لا تأويل له، الضغث ملء اليد من حشيش وما أشبهه، ومنه {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً} لا من قوله أضغاث أحلام واحدها ضغث" كذا وقع لأبي ذر، وتوجيهه أنه أراد أن ضغثا في قوله تعالى: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً} بمعنى ملء الكف من الحشيش لا بمعنى ما لا تأويل له، ووقع عند أبي عبيدة في قوله تعالى: {قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ} : واحدها ضغث بالكسر وهي ما لا تأويل له من الرؤيا، وأراه جماعات تجمع من الرؤيا كما يجمع الحشيش فيقول ضغث أي ملء كف منه، وفي آية أخرى {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ} وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله: "أضغاث أحلام" قال: أخلاط أحلام، ولأبي يعلى من حديث ابن عباس في قوله: {أَضْغَاثُ أَحْلامٍ} قال: هي الأحلام الكاذبة. قوله: "نمير من الميرة، ونزداد كيل بعير ما يحمل بعير" قال أبو عبيدة في قوله تعالى: {وَنَمِيرُ أَهْلَنَا} : من مرت تمير ميرا وهي الميرة نأتيهم ونشتري لهم الطعام، و قوله: {كَيْلَ بَعِيرٍ} أي حمل بعير يكال له ما حمل بعيره. وروى الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله: {كَيْلَ بَعِيرٍ} أي كيل حمار. وقال ابن خالويه في كتاب "ليس" : هذا حرف نادر، ذكر مقاتل عن الزبور البعير كل ما يحمل بالعبرانية، ويؤيد ذلك أن إخوة يوسف كانوا من أرض كنعان وليس بها إبل. كذا
(8/360)

قال. قوله: {آوَى إِلَيْهِ} ضم" قال أبو عبيدة في قوله: {آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ} أي ضمه، آواه فهو يؤوى إليه إيواء. قوله: "السقاية مكيال" هي الإناء الذي كان يشرب به، قيل جعله يوسف عليه السلام مكيالا لئلا يكتالوا بغيره فيظلموا، وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله: {جَعَلَ السِّقَايَةَ} قال إناء الملك الذي يشرب به. قوله: "تفتأ لا تزال" قال أبو عبيدة في قوله تعالى: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} أي لا تزال تذكره، وروى الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد {تَفْتَأُ} أي لا تفتر عن حبه. وقيل معنى {تَفْتَأُ} تزال فحذف حرف النفي. قوله: "تحسسوا تخبروا" قال أبو عبيدة في قوله تعالى:{اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ} يقول تخيروا والتمسوا في المظان. قوله: "مزجاة قليلة" قال أبو عبيدة في قوله تعالى: {وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ} أي يسيرة قليلة، قيل فاسدة. وروى عبد الرزاق عن قتادة {مُزْجَاةٍ} قال: يسيرة، ولسعيد بن منصور عن عكرمة في قوله: {مُزْجَاةٍ} قال: قليلة. واختلف في بضاعتهم فقيل: كانت من صوف ونحوه، وقيل دراهم رديئة، وروى عبد الرزاق بإسناد حسن عن ابن عباس وسئل عن قوله: {بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ} قال: رثة الحبل والغرارة والشن. قوله: "غاشية من عذاب الله عامة مجللة" بالجيم، وهو تأكيد لقوله عامة. وقال أبو عبيدة "غاشية من عذاب الله" مجللة، وهي الجيم وتشديد اللام أي تعمهم، وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله: {غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ} أي وقيعة تغشاهم. قوله: "حرضا محرضا يذيبك الهم" قال أبو عبيدة في قوله تعالى:{حَتَّى تَكُونَ}: الحرض الذي أذابه الحزن أو الحب، وهو موضع محرض، قال الشاعر "إني امرؤ لج بي حزن فأحرضني" أي أذابني. قوله: "استيأسوا يئسوا {وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ} معناه الرجاء" ثبت هذا لأبي ذر عن المستملي والكشميهني، وسقط لغيرهما، وقد تقدم في ترجمة يوسف من أحاديث الأنبياء. قوله: {خَلَصُوا نَجِيّاً} أي اعتزلوا نجيا والجمع أنجية يتناجون الواحد نجي والاثنان والجمع نجي وأنجية" ثبت هذا لأبي ذر عن المستملي والكشميهني، ووقع في رواية المستملي: "اعترفوا" بدل اعتزلوا والصواب الأول، قال أبو عبيدة في قوله تعالى: {خَلَصُوا نَجِيّاً}: أي اعتزلوا نجيا يتناجون، والنجي يقع لفظه على الواحد والجمع أيضا، وقد يجمع فيقال أنجية.
(8/361)