باب {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ}
 
4689- حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيُّ النَّاسِ أَكْرَمُ قَالَ أَكْرَمُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ قَالَ فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ ابْنُ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ قَالَ فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِي قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَخِيَارُكُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا" تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّه"
قوله: "باب {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} ذكر ابن جرير وغيره أسماء إخوة يوسف وهم: روبيل وشمعون ولاوي ويهوذا وريالون ويشجر ودان ونيال وجاد واشر وبنيامين، وأكبرهم أولهم. ثم ذكر المصنف في حديث أبي هريرة "سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس أكرم" الحديث، وقد تقدم شرحه مستوفى في أحاديث الأنبياء. ومحمد في أول الإسناد هو ابن سلام كما تقدم مصرحا به في أحاديث الأنبياء، وعبده هو ابن سليمان، وعبيد الله هو العمري. وفي الجمع بين قول يعقوب {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ} وبين قوله: {وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ} غموض، لأنه جزم بالاجتباء، وظاهره فيما يستقبل، فكيف يخاف عليه أن يهلك قبل ذلك؟ وأجيب بأجوبة: لا يلزم من جواز أكل الذئب له أكل جميعه بحيث يموت. ثانيها أراد بذلك دفع إخوته عن التوجه به فخاطبهم بما جرت عادتهم لا على ما هو في معتقده. ثالثها أن قوله: {يَجْتَبِيكَ} لفظه خبر ومعناه الدعاء كما يقال فلان يرحمه الله فلا ينافي وقوع هلاكه قبل ذلك. رابعها أن الاجتباء الذي ذكر يعقوب أنه سيحصل له كان حصل قبل أن يسأل إخوته أباهم أن يوجهه معهم، بدليل قوله بعد أن ألقوه في الجب {وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} ولا بعد في أن يؤتى النبوة في ذلك السن فقد قال في قصة يحيى {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً} ولا اختصاص لذلك بيحيى فقد قال عيسى وهو في المهد {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً} وإذا حصل الاجتباء الموعود به لم يمتنع عليه الهلاك. خامسها أن يعقوب أخبر بالاجتباء مستندا إلى ما أوحى إليه به، والخبر يجوز أن يدخله النسخ عند قوم فيكون هذا من أمثلته، وإنما قال: {وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ} تجويزا لا وقوعا، وقريب منه أنه صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأشياء من علامات الساعة كالدجال ونزول عيسى وطلوع الشمس من المغرب، ومع ذلك فإنه لما كسفت الشمس يجر رداءه فزعا يخشى أن تكون الساعة، وقوله: "تابعه أبو أسامة عن عبيد الله" وصله المؤلف في أحاديث الأنبياء.
(8/362)

باب {قل بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبرا جميل}
...