باب {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا}
 
4722- حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} قَالَ نَزَلَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخْتَفٍ بِمَكَّةَ
(8/404)

كَانَ إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ فَإِذَا سَمِعَهُ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ وَمَنْ جَاءَ بِهِ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ} أَيْ بِقِرَاءَتِكَ فَيَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ فَيَسُبُّوا الْقُرْآنَ {وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} عَنْ أَصْحَابِكَ فَلاَ تُسْمِعُهُمْ {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} "
4723- حَدَّثَنِي طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ أُنْزِلَ ذَلِكَ فِي الدُّعَاء"
[الحديث 4723- طرفاه في: 6327، 7526]
قوله: "باب {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} سقط "باب" لغير أبي ذر. قوله: "حدثنا يعقوب بن إبراهيم" هو الدورقي. قوله: "أخبرنا أبو بشر" في رواية غير أبي ذر "حدثنا أبو بشر" وهو جعفر بن أبي وحشية، وذكر الكرماني أنه وقع في نسخته "يونس" بدل قوله أبو بشر وهو تصحيف. قال الفربري: أنبأنا محمد بن عياش قال: لم يخرج محمد بن إسماعيل البخاري في هذا الكتاب من حديث هشيم إلا ما صرح فيه بالإخبار. قلت: يريد في الأصول، وسبب ذلك أن هشيما مذكور بتدليس الإسناد. قوله: "عن ابن عباس" كذا وصله هشيم وأرسله شعبة أخرجه الترمذي من طريق الطيالسي عن شعبة وهشيم مفصلا. قوله: "نزلت ورسول الله مختف بمكة" يعني في أول الإسلام. قوله: "رفع صوته بالقرآن" في رواية الطبري من وجه آخر عن ابن عباس "فكان إذا صلى بأصحابه وأسمع المشركين فآذوه" وفسرت رواية الباب الأذى بقوله: سبوا القرآن. وللطبري من وجه آخر عن سعيد بن جبير "فقالوا له: لا تجهر فتؤذي آلهتنا فنهجو إلهك" ومن طريق داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جهر بالقرآن وهو يصلي تفرق عنه أصحابه، وإذا خفض صوته لم يسمعه من يريد أن يسمع قراءته فنزلت" . قوله: "ولا تجهر بصلاتك أي بقراءتك" وفي رواية الطبري "لا تجهر بصلاتك" أي لا تعلن بقراءة القرآن إعلانا شديدا فيسمعك المشركون فيؤذونك، {وَلا تُخَافِتْ بِهَا} أي لا تخفض صوتك حتى لا تسمع أذنيك "وابتغ بين ذلك سبيلا" أي طريقا وسطا. قوله: "حدثنا طلق" بفتح المهملة وسكون اللام "ابن غنام" بالمعجمة والنون وهو النخعي، من كبار شيوخ البخاري، وروايته عنه في هذا الكتاب قليلة. وشيخه زائدة هو ابن قدامة. قوله: "عن عائشة" تابعه الثوري عن هشام، وأرسله سعيد بن منصور عن يعقوب بن عبد الرحيم الإسكندراني عن هشام، وكذلك أرسله مالك. قوله: "أنزل ذلك في الدعاء" هكذا أطلقت عائشة، وهو أعم من أن يكون ذلك داخل الصلاة أو خارجها. وقد أخرجه الطبري وابن خزيمة والعمري والحاكم من طريق حفص بن غياث عن هشام فزاد في الحديث: "في التشهد" ومن طريق عبد الله بن شداد قال: "كان أعرابي من بني تميم إذا سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال: اللهم ارزقنا مالا وولدا" ورجح الطبري حديث ابن عباس قال: لأنه أصح مخرجا. ثم أسند عن عطاء قال: "يقول قوم: إنها في الصلاة، وقوم إنها في الدعاء" وقد جاء عن ابن عباس نحو تأويل عائشة أخرجه الطبري من طريق أشعث بن سوار عن عكرمة عن ابن عباس قال: "نزلت في الدعاء" ومن وجه آخر عن ابن عباس مثله، ومن طريق عطاء ومجاهد وسعيد ومكحول مثله، ورجح النووي وغيره قول ابن عباس كما رجحه الطبري، لكن
(8/405)

يحتمل الجمع بينهما بأنها نزلت في الدعاء داخل الصلاة وقد روى ابن مردويه من حديث أبي هريرة قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى عند البيت رفع صوته بالدعاء، فنزلت: {وجاء عن أهل التفسير في ذلك أقوال أخر، منها ما روى سعيد بن منصور من طريق صحابي لم يسم رفعه في هذه الآية" لا ترفع صوتك في دعائك فتذكر ذنوبك فتعير بها "ومنها ما روى الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "لا تجهر بصلاتك" أي لا تصل مراآة للناس "ولا تخافت بها" أي لا تتركها مخافة منهم. ومن طرق عن الحسن البصري نحوه. وقال الطبري: لولا أننا لا نستجيز مخالفة أهل التفسير فيما جاء عنهم لاحتمل أن يكون المراد "لا تجهر بصلاتك" أي بقراءتك نهارا {وَلا تُخَافِتْ بِهَا} أى ليلا، وكان ذلك وجها لا يبعد من الصحة، انتهى. وقد أثبته بعض المتأخرين قولا. وقيل: الآية في الدعاء، وهي منسوخة بقوله: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} .
(8/406)