باب {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لاَوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا}
 
4732- حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ سَمِعْتُ خَبَّاباً قَالَ جِئْتُ الْعَاصَ بْنَ وَائِلٍ السَّهْمِيَّ أَتَقَاضَاهُ حَقّاً لِي عِنْدَهُ فَقَالَ لاَ أُعْطِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لاَ حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ قَالَ وَإِنِّي لَمَيِّتٌ ثُمَّ مَبْعُوثٌ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ إِنَّ لِي هُنَاكَ مَالاً وَوَلَداً فَأَقْضِيكَهُ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا} رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ وَحَفْصٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ عَنْ الأَعْمَشِ
قوله: "باب قوله: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لاَوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا} قراءة الأكثر بفتحتين، والكوفيين سوى عاصم بضم ثم سكون، قال الطبري: لعلهم أرادوا التفرقة بين الواحد والجمع، لكن قراءة الفتح أشمل وهي أعجب إلي. قوله: "عن الأعمش عن أبي الضحى" كذا رواه بشر بن موسى وغير واحد عن الحميدي، وأخرجه ابن مردويه من وجه آخر عن الحميدي بهذا الإسناد فقال: "عن أبي وائل" بدل أبي الضحى والأول أصوب، وشذ حماد بن شعيب فقال أيضا عن الأعمش عن أبي وائل، وأخرجه ابن مردويه أيضا. قوله: "جئت العاص بن وائل السهمي" هو والد عمرو بن العاص الصحابي المشهور، وكان له قدر في الجاهلية ولم يوفق للإسلام، قال ابن الكلبي: كان من حكام قريش، وقد تقدم في ترجمة عمر بن الخطاب أنه أجار عمر بن الخطاب حين أسلم.
(8/429)

وقد أخرج الزبير بن بكار هذه القصة مطولة وفيها "أن العاص بن وائل قال: رجل اختار لنفسه أمرا، فما لكم وله؟ فرد المشركين عنه" وكان موته بمكة قبل الهجرة، وهو أحد المستهزئين. قال عبد الله بن عمرو: سمعت أبي يقول: عاش أبي خمسا وثمانين، وإنه ليركب حمارا إلى الطائف فيمشي عنه أكثر مما يركب، ويقال أن حماره رماه على شوكة أصابت رجله فانتفخت فمات منها. قوله: "أتقاضاه حقا لي عنده" بين في الرواية التي بعده هذه أنه أجره سيفا عمله له. وقال فيها: "كنت قينا" وهو بفتح القاف وسكون التحتانية بعدها نون وهو الحداد، ولأحمد من وجه آخر عن الأعمش "فاجتمعت لي عند العاص بن وائل دراهم" . قوله: "فقلت لا" أي لا أكفر. قوله: "حتى تموت ثم تبعث" مفهومه أنه يكفر حينئذ لكنه لم يرد ذلك لأن الكفر حينئذ لا يتصور، فكأنه قال: لا أكفر أبدا. والنكتة في تعبيره بالبعث تعيير العاص بأنه لا يؤمن به، وبهذا التقرير يندفع إيراد من استشكل قوله هذا فقال: علق الكفر، ومن علق الكفر كفر، وأجاب بأنه خاطب العاص بما ينتقده فعلق على ما يستحيل بزعمه، والتقرير الأول يغني عن هذا الجواب. قوله: "فأقضيك، فنزلت" زاد ابن مردويه من وجه آخر عن الأعمش "فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت" . قوله: "رواه الثوري وشعبة وحفص وأبو معاوية ووكيع عن الأعمش" أما رواية الثوري فوصلها بعد هذا، وكذا رواية شعبة ووكيع، وأما رواية حفص وهو ابن غياث فوصلها في الإجارة، وأما رواية أبي معاوية فوصلها أحمد قال: "حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش به - وفيه - قال: فإني إذا مت ثم بعثت جئتني ولي ثم مال وولد فأعطيك، فأنزل الله: {أفرأيت الذي كفر بآياتتا} - إلى قوله: {يَأْتِينَا فَرْداً} وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي من رواية أبي معاوية.
(8/430)