سورة النَّمْلِ
 
{َالْخَبْء}ُ مَا خَبَأْتَ {لاَ قِبَلَ} لاَ طَاقَةَ {الصَّرْحُ} كُلُّ مِلاَطٍ اتُّخِذَ مِنْ الْقَوَارِيرِ وَالصَّرْحُ الْقَصْرُ وَجَمَاعَتُهُ صُرُوحٌ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {وَلَهَا عَرْشٌ} سَرِيرٌ {كَرِيمٌ} حُسْنُ الصَّنْعَةِ وَغَلاَءُ الثَّمَنِ يَأْتُونِي {مُسْلِمِينَ} طَائِعِينَ {رَدِفَ} اقْتَرَبَ {جَامِدَةً} قَائِمَةً {أَوْزِعْنِي} اجْعَلْنِي وَقَالَ مُجَاهِدٌ {نَكِّرُوا} غَيِّرُوا {وَأُوتِينَا الْعِلْمَ} يَقُولُهُ سُلَيْمَانُ {الصَّرْحُ} بِرْكَةُ مَاءٍ ضَرَبَ عَلَيْهَا سُلَيْمَانُ قَوَارِيرَ أَلْبَسَهَا إِيَّاهُ
قوله: "سورة النمل – {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم" سقط "سورة والبسملة" لغير أبي ذر، وثبت للنسفي لكن بتقديم البسملة. قوله: "الخبء ما خبأت" في رواية غير أبي ذر "والخبء" بزيادة واو في أوله، وهذا قول ابن عباس أخرجه الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عنه قال: "يخرج الخبء" : يعلم كل خفية في السماوات والأرض. وقال الفراء في قوله: "يخرج الخبء" : أي الغيث من السماء والنبات من الأرض، قال: و "في" هنا بمعنى من، وهو كقولهم: ليستخرجن العلم فيكم أي الذي منكم، وقرأ ابن مسعود" يخرج الخبء من "بدل "في" ، وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: الخبء السر، ولابن أبي حاتم من طريق عكرمة مثله، ومن طريق مجاهد قال: الغيث. ومن طريق سعيد بن المسيب قال: الماء. قوله: "لا قبل: لا طاقة" هو قول أبي عبيدة. وأخرج الطبري من طريق إسماعيل بن أبي خالد مثله. قوله: "الصرح كل ملاط اتخذ من القوارير" كذا للأكثر بميم مكسورة. وفي رواية الأصيلي بالموحدة المفتوحة ومثله لابن السكن، وكتبه الدمياطي في نسخته بالموحدة وليست هي روايته. والملاط بالميم المكسورة الطين الذي يوضع بين ساقتي البناء، وقيل: الصخر، وقيل: كل بناء عال منفرد. وبالموحدة المفتوحة ما كسيت به الأرض من حجارة أو رخام أو كلس. وقد قال أبو عبيدة: الصرح كل بلاط اتخذ من قوارير، والصرح القصر. وأخرج الطبري من طريق وهب بن منبه قال: أمر سليمان الشياطين فعملت له الصرح من زجاج كأنه الماء بياضا، ثم أرسل الماء تحته ووضع سريره فيه فجلس عليه. وعكفت عليه الطير والجن والإنس، ليريها ملكا هو أعز من ملكها، فلما رأت ذلك بلقيس حسبته لجة وكشفت عن ساقيها لتخوضه. ومن طريق محمد بن كعب قال: سجن سليمان فيه دواب البحر الحيتان والضفادع، فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها فإذا هي أحسن الناس ساقا وقدما، فأمرها سليمان فاستترت. قوله: "والصرح القصر وجماعته صروح" هو قول أبي عبيدة كما تقدم، وسيأتي له تفسير آخر بعد هذا بقليل. قوله: "وقال ابن عباس: ولها عرش سرير كريم حسن الصنعة وغلاء الثمن" وصله الطبري من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس في قوله: {وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} قال: سرير كريم حسن الصنعة، قال: وكان من ذهب وقوائمه من جوهر ولؤلؤ. ولابن أبي حاتم من طريق زهير بن محمد قال: حسن الصنعة غالي الثمن سرير من ذهب وصفحتاه مرمول بالياقوت والزبرجد طوله ثمانون ذراعا في أربعين. قوله: " {يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} طائعين" وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس مثله، ومن طريق
(8/504)

ابن جريج أي مقرين بدين الإسلام، ورجح الطبري الأول واستدل له. قوله: "ردف اقترب" وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {عسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ} اقترب لكم. وقال أبو عبيدة في قوله تعالى: {عسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ} أي جاء بعدكم. ودعوى المبرد أن اللام زائده وأن الأصل ردفكم قاله على ظاهر اللفظ، وإذا صح أن المراد به اقترب صح تعديته باللام كقوله: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ} . قوله: "جامدة قائمة" وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس مثله. قوله: "أوزعني: اجعلني" وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس مثله. وقال أبو عبيدة في قوله: "أوزعني" أي سددني إليه. وقال في موضع آخر: أي ألهمني، وبالثاني جزم الفراء. قوله: "وقال مجاهد: نكروا غيروا" وصله الطبري من طريقه، ومن طريق قتادة وغيره نحو. وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر صحيح عن مجاهد قال: أمر بالعرش فغير ما كان أحمر جعل أخضر وما كان أخضر جعل أصفر، غير كل شيء عن حاله. ومن طريق عكرمة قال: زيدوا فيه وأنقصوا. قوله: "والقبس ما اقتبست منه النار" ثبت هذا للنسفي وحده، وهو قول أبي عبيدة، قال في قوله تعالى: {أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ} أي بشعلة نار، ومعنى قبس ما اقتبس من النار ومن الجمر. قوله: {وَأُوتِينَا الْعِلْمَ} يقوله سليمان" وصله الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد بهذا، ونقل الواحدي أنه من قول بلقيس، قالته مقرة بصحة نبوة سليمان، والأول هو المعتمد. قوله: "الصرح بركة ماء ضرب عليها سليمان قوارير وألبسها إياه" في رواية الأصيلي: "إياها" وأخرج الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: الصرح بركة من ماء ضرب عليها سليمان قوارير ألبسها، قال: وكانت هلباء شقراء. ومن وجه آخر عن مجاهد: كشفت بلقيس عن ساقيها فإذا هما شعراوان، فأمر سليمان بالنورة فصنعت. ومن طريق عكرمة نحوه قال: فكان أول من صنعت له النورة. وصله ابن أبي حاتم من وجه آخر عن عكرمة عن ابن عباس.
(8/505)