باب {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً} وَقَالَ مَعْمَرٌ التَّبَرُّجُ أَنْ تُخْرِجَ مَحَاسِنَهَا سُنَّةَ اللَّهِ اسْتَنَّهَا جَعَلَهَا
 
4785- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهَا حِينَ أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُخَيِّرَ أَزْوَاجَهُ فَبَدَأَ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا فَلاَ عَلَيْكِ أَنْ لاَ تَسْتَعْجِلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ قَالَتْ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ قَالَ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ} إِلَى تَمَامِ الآيَتَيْنِ فَقُلْتُ لَهُ فَفِي أَيِّ هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَة"
قوله: "باب {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً} في رواية أبي ذر {أُمَتِّعْكُنَّ} الآية" . قوله: "وقال معمر" كذا لأبي ذر. وسقط هذا العزو من رواية غيره. قوله: "التبرج أن تخرج زينتها" هو قول أبي عبيدة واسمه معمر بن المثنى، ولفظه في "كتاب المجاز: . في قوله تعالى: {وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} هو من التبرج، وهو أن يبرزن محاسنهن. وتوهم مغلطاي ومن قلده أن مراد البخاري معمر بن راشد فنسب هذا إلى تخريج عبد الرزاق في تفسيره عن معمر، ولا وجود لذلك في تفسير
(8/519)

عبد الرزاق، وإنما أخرج عن معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في هذه الآية قال. كانت المرأة تخرج تتمشى بين الرجال فذلك تبرج الجاهلية، وعند ابن أبي حاتم عن طريق شيبان عن قتادة قال: كانت لهن مشية وتكسر وتغنج إذا خرجن من البيوت فنهين عن ذلك. ومن طريق عكرمة عن ابن عباس قال: قال عمر: ما كانت إلا جاهلية واحدة. فقال له ابن عباس. هل سمعت بأولى إلا ولها آخرة؟ ومن وجه آخر عن ابن عباس قال: تكون جاهلية أخرى. ومن وجه آخر عنه قال: كانت الجاهلية الأولى ألف سنة فيما بين نوح وإدريس، وإسناده قوي. ومن حديث عائشة قالت: الجاهلية الأولى بين نوح وإبراهيم، وإسناده ضعيف. ومن طريق عامر - وهو الشعبي - قال: هي ما بين عيسى ومحمد. وعن مقاتل بن حيان قال: الأولى زمان إبراهيم، والأخرى زمان محمد قبل أن يبعث. قلت: ولعله أراد الجمع بين ما نقل عن عائشة وعن الشعبي والله أعلم. قوله: "سنة الله استنها جعلها" هو قول أبي عبيده أيضا وزاد: جعلها سنة. ونسبه مغلطاي ومن تبعه أيضا إلى تخريج عبد الرزاق عن معمر، وليس ذلك فيه. قوله: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءها حين أمر الله أن يخير أزواجه" سيأتي الكلام عليه في الباب الذي بعده.
(8/520)