سورة الصَّافَّاتِ
 
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ} بَعِيدٍ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ { وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ} يُرْمَوْنَ {وَاصِبٌ} دَائِمٌ {لاَزِبٌ} لاَزِمٌ {تَأْتُونَنَا عَنْ الْيَمِينِ} يَعْنِي الْحَقَّ الْكُفَّارُ تَقُولُهُ لِلشَّيْطَانِ {غَوْلٌ} وَجَعُ بَطْنٍ {يُنْزَفُونَ} لاَ تَذْهَبُ عُقُولُهُمْ {قَرِينٌ} شَيْطَانٌ {يُهْرَعُونَ} كَهَيْئَةِ الْهَرْوَلَةِ {يَزِفُّونَ} النَّسَلاَنُ فِي الْمَشْيِ {وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا} قَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ الْمَلاَئِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ وَأُمَّهَاتُهُمْ بَنَاتُ سَرَوَاتِ الْجِنِّ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ عَلِمَتْ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} سَتُحْضَرُ لِلْحِسَابِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {لَنَحْنُ الصَّافُّونَ} الْمَلاَئِكَةُ {صِرَاطِ الْجَحِيمِ} سَوَاءِ الْجَحِيمِ وَوَسَطِ الْجَحِيمِ {لَشَوْبًا} يُخْلَطُ طَعَامُهُمْ وَيُسَاطُ بِالْحَمِيمِ {مَدْحُورًا} مَطْرُودًا {بَيْضٌ مَكْنُونٌ} اللُّؤْلُؤُ الْمَكْنُونُ {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ} يُذْكَرُ بِخَيْرٍ وَيُقَالُ {يَسْتَسْخِرُونَ} يَسْخَرُونَ بَعْلًا رَبًّا
قوله: "سورة الصافات {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}". قوله: "وقال مجاهد ويقذفون بالغيب من مكان بعيد من كل مكان، ويقذفون من كل جانب. دحورا يرمون. واصب دائم. لازب لازم" سقط هذا كله لأبي ذر، وقد تقدم بعضه في بدء الخلق. وروى الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: "ويقذفون بالغيب من مكان" يقولون هو ساحر هو كاهن هو شاعر وفي قوله: {إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ} قال: لازم. وقال أبو عبيدة في قوله: "ولهم عذاب واصب أي دائم وفي قوله: {مِنْ طِينٍ لازِبٍ} هي بمعنى اللازم قال النابغة" ولا يحسبون الشر ضربة لازب" أي لازم. قوله: {تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ} ، يعني الحق، الكفار تقوله للشياطين "ووقع في رواية الكشميهني: "يعني الجن" بجيم ثم نون، ونسبه عياض للأكثر. وقد وصله الفريابي عن مجاهد بلفظ: {إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ
(8/542)

الْيَمِينِ}، قال الكفار تقوله للشياطين" ولم يذكر الزيادة، فدل على أنه شرح من المصنف. ولكل من الروايتين وجه، فمن قال: "يعني الجن" أراد بيان المقول له وهم الشياطين، ومن قال: "الحق" بالمهملة والقاف أراد تفسير لفظ اليمين أي كنتم تأتوننا من جهة الحق فتلبسوه علينا، ويؤيده تفسير قتادة قال: يقول الإنس للجن: كنتم تأتوننا عن اليمين، أي من طريق الجنة تصدوننا عنها. قوله: "غول وجع بطن، ينزفون لا تذهب عقولهم، قرين شيطان" سقط هذا لأبي ذر، وقد وصله الفريابي عن مجاهد كذلك. قوله: "يهرعون كهيئة الهرولة" وصله الفريابي عن مجاهد كذلك. قوله: "يزفون النسلان في المشي" سقط هذا لأبي ذر، وقد وصله عبد بن حميد من طريق شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: "فأقبلوا إليه يزفون" قال: الوزيف النسلان انتهى - والنسلان بفتحتين الإسراع مع تقارب الخطأ، وهو دون السعي. قوله: "وبين الجنة نسبا إلخ" سقط هذا لأبي ذر، وقد تقدم في بدء الخلق. قوله: "وقال ابن عباس: لنحن الصافون الملائكة" وصله الطبري، وقد تقدم في بدء الخلق. قوله: "صراط الجحيم سواء الجحيم ووسط الجحيم، لشوبا يخلط طعامهم ويساط بالحميم، مدحورا مطرودا" سقط هذا كله لأبي ذر وقد تقدم في بدء الخلق، قال بعض الشراح: أراد أن يفسر "دحورا" التي في الصافات ففسر مدحورا التي في سورة الإسراء. قوله: "بيض مكنون اللؤلؤ المكنون" وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه. وقال أبو عبيدة في قوله كأنهن بيض مكنون أي مصون، وكل شيء صنته فهو مكنون، وكل شيء أضمرته في نفسك فقد أكننته. قوله: "وتركنا عليه في الآخرين يذكر بخير" ثبت هذا للنسفي وحده، وقد تقدم في بدء الخلق. قوله: "الأسباب السماء" سقط هذا لغير أبي ذر، وثبت للنسفي بلفظ: "ويقال: "وقد وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. قوله: "، يقال يستسخرون يسخرون" ثبت هذا أيضا للنسفي وأبي ذر فقط. وقال أبو عبيدة: يستسخرون ويسخرون سواء. قوله: "بعلا ربا" ثبت هذا للنسفي وحده، وقد وصله ابن أبي حاتم من طريق عطاء بن السائب عن عكرمة عن ابن عباس أنه أبصر رجلا يسوق بقرة فقال: من بعل هذا؟ قال فدعاه فقال: من أنت؟ فقال من أهل اليمين، قال: هي لغة {أَتَدْعُونَ بَعْلاً} أي ربا، وصله إبراهيم الحربي في "غريب الحديث:"من هذا الوجه مختصرا إلخ، ولمح المصنف بهذا القدر من قصة إلياس، وقد ذكرت خبره في أحاديث الأنبياء عند ذكر إدريس.
(8/543)