سورة الأَحْقَافِ
 
وَقَالَ مُجَاهِدٌ {تُفِيضُونَ} تَقُولُونَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَثَرَةٍ وَأُثْرَةٍ وَأَثَارَةٍ بَقِيَّةٌ مِنْ عِلْمٍ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {بِدْعًا مِنْ الرُّسُلِ} لَسْتُ بِأَوَّلِ الرُّسُلِ وَقَالَ غَيْرُهُ {أَرَأَيْتُمْ} هَذِهِ الأَلِفُ إِنَّمَا هِيَ تَوَعُّدٌ إِنْ صَحَّ مَا تَدَّعُونَ لاَ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ وَلَيْسَ قَوْلُهُ {أَرَأَيْتُمْ} بِرُؤْيَةِ الْعَيْنِ إِنَّمَا هُوَ أَتَعْلَمُونَ أَبَلَغَكُمْ أَنَّ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ خَلَقُوا شَيْئًا
قوله: "سورة حم الأحقاف. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم" سقطت البسملة لغير أبي ذر. قوله: "وقال بعضهم أثرة وأثرة وأثارة من علم" قال أبو عبيدة في قوله: {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} أي بقية من علم، ومن قال أثرة أي بفتحتين فهو مصدر أثره يأثره فذكره. قال الطبري: قرأ الجمهور "أو أثارة" بالألف، وعن أبي عبد الرحمن السلمي "أو أثرة" بمعنى أو خاصة من علم أوتيتموه وأوثرتم به على غيركم. قلت: وبهذا فسره الحسن وقتادة،
(8/575)

قال عبد الرزاق عن معمر عن الحسن في قوله: أو أثرة من علم" قال: أثرة شيء يستخرجه فيثيره. قال وقال قتادة: أو خاصة من علم. وأخرج الطبري من طريق أبي سلمة عن ابن عباس في قوله: {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} قال: خط كانت تخطه العرب في الأرض. وأخرجه أحمد والحاكم وإسناده صحيح. ويروى عن ابن عباس: جودة الخط، وليس بثابت. وحمل بعض المالكية الخط هنا على المكتوب، وزعم أنه أراد الشهادة على الخط إذا عرفه، والأول هو الذي عليه الجمهور، وتمسك به بعضهم في تجويد الخط، ولا حجة فيه لأنه إنما جاء على ما كانوا يعتمدونه، فالأمر فيه ليس هو لإباحته. قوله: "وقال ابن عباس "بدعا من الرسل "ما كنت بأول الرسل" وصله ابن أبي حاتم من طريق علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وللطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله. وقال أبو عبيدة مثله قال: ويقال ما هذا مني ببدع أي ببديع. وللطبري من طريق سعيد عن قتادة قال: إن الرسل قد كانت قبلي. قوله: "تفيضون تقولون" كذا لأبي ذر، وذكره غيره في أول السورة عن مجاهد، وقد وصله الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد. قوله: "وقال غيره أرأيتم هذه الألف إنما هي توعد إن صح ما تدعون لا يستحق أن يعبد، وليس قوله أرأيتم برؤية العين إنما هو أتعلمون أبلغكم أن ما تدعون من دون الله خلقوا شيئا" هذا كله سقط لأبي ذر.
(8/576)