باب {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}
 
4836- حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا زِيَادٌ هُوَ ابْنُ عِلاَقَةَ أَنَّهُ سَمِعَ الْمُغِيرَةَ يَقُولُ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ فَقِيلَ لَهُ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ: "أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا"
4837- حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ سَمِعَ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُومُ مِنْ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ فَقَالَتْ عَائِشَةُ لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ: "أَفَلاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا" فَلَمَّا كَثُرَ لَحْمُهُ صَلَّى جَالِسًا فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَع"
"قام النبي صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه" وقد تقدم شرحه في صلاة الليل من كتاب الصلاة. قوله: "أنبأنا حيوة" هو ابن شريح المصري، وأبو الأسود هو محمد بن عبد الرحمن النوفلي المعروف بيتيم عرروة، ونصف هذا الإسناد مصريون ونصفه مدنيون، وقد تقدم شرحه في صلاة الليل. قوله: "فلما كثر لحمه" أنكره الداودي وقال: المحفوظ "فلما بدن" أي كبر فكأن الراوي
(8/584)

تأوله على كثرة اللحم انتهى. وتعقبه أيضا ابن الجوزي فقال: لم يصفه أحد بالسمن أصلا، ولقد مات صلى الله عليه وسلم وما شبع من خبز الشعير في يوم مرتين، وأحسب بعض الرواة لما رأى "بدن" ظنه كثر لحمه، وليس كذلك وإنما هو بدن تبدينا أي أسن، قاله أبو عبيدة. قلت: وهو خلاف الظاهر، وفي استدلاله بأنه لم يشبع من خبز الشعير نظر، فإنه يكون من جملة المعجزات. كما في كثرة الجماع وطوافه في الليلة الواحدة على تسع وإحدى عشرة مع عدم الشبع وضيق العيش، وأي فرق بين تكثير المني مع الجوع وبين وجود كثرة اللحم في البدن مع قلة الأكل؟ وقد أخرج مسلم من طريق عبد الله بن عروة عن عائشة قالت: "لما بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم وثقل كان أكثر صلاته جالسا" لكن يمكن تأويل قوله: "ثقل" أي ثقل عليه حمل لحمه وإن كان قليلا لدخوله في السن. قوله: "صلى جالسا، فإذا أراد أن يركع قام فقرأ ثم ركع" في رواية هشام بن عروة عن أبيه "قام فقرأ نحوا من ثلاثين أو أربعين آية ثم ركع" أخرجاه، وقد تقدم في آخر أبواب تقصير الصلاة، وأخرجا من طريق أبي سلمة ابن عبد الرحمن عن عائشة بلفظ: "فإذا بقي من قراءته نحو من ثلاثين أو أربعين آية قام فقرأها وهو قائم ثم ركع" ولمسلم من طريق عمرة عن عائشة "فإذا أراد أن يركع قام فقرأ قدر ما يقرأ إنسان أربعين آية" وقد روى مسلم من طريق عبد الله بن شقيق عن عائشة في صفة تطوعه صلى الله عليه وسلم وفيه: "وكان إذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم، وإذا قرأ قاعدا ركع وسجد وهو قاعد" وهذا محمول على حالته الأولى قبل أن يدخل في السن جميعا بين الحديثين، وقد تقدم بيان ذلك والبحث فيه في صلاة الليل، وكثير من فوائده أيضا في آخر أبواب تقصير الصلاة.
(8/585)