باب 4853- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي أَشْتَكِي فَقَالَ: "طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ" فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ يَقْرَأُ بِالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُور"
 
4854- حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثُونِي عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الْآيَةَ {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بَلْ لاَ يُوقِنُونَ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمْ الْمُسَيْطِرُونَ} قَالَ كَادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ قَالَ سُفْيَانُ فَأَمَّا أَنَا فَإِنَّمَا سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ وَلَمْ أَسْمَعْهُ زَادَ الَّذِي قَالُوا لِي".
قوله: "عن أم سلمة قالت. شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي" أي أنها كانت ضعيفة لا تقدر على الطواف ماشية، وقد تقدم شرحه مستوفى في كتاب الحج. قوله: "حدثنا سفيان" هو ابن عيينة "قال حدثوني عن الزهري" اعترضه الإسماعيلي بما أخرجه من طريق عبد الجبار بن العلاء وابن أبي عمر كلاهما عن ابن عيينة "سمعت الزهري قال:"فصرحا عنه بالسماع، وهما ثقتان. قلت: وهو اعتراض ساقط؛ فإنهما ما أوردا من الحديث إلا القدر الذي ذكره الحميدي عن سفيان أنه سمعه من الزهري، بخلاف الزيادة التي صرح الحميدي عنه بأنه لم يسمعها من الزهري، وإنما بلغته عنه بواسطة. قوله: "كاد قلبي يطير" قال الخطابي كأنه انزعج عند سماع هذه الآية لفهمه معناها ومعرفته بما تضمنته، ففهم الحجة فاستدركها بلطيف طبعه، وذلك من قوله تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ} قيل معناه ليسوا أشد خلقا من خلق السموات والأرض لأنهما خلقتا من غير شيء، أي هل خلقوا باطلا لا يؤمرون ولا ينهون؟ وقيل المعنى أم خلقوا من غير خالق؟ وذلك لا يجوز فلا بد لهم من خالق، وإذا أنكروا الخالق فهم الخالقون لأنفسهم، وذلك في الفساد والبطلان أشد، لأن ما لا وجود له كيف يخلق، وإذا بطل الوجهان قامت الحجة عليهم بأن لهم خالقا. ثم قال: {أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} أي إن جاز لهم أن يدعوا خلق أنفسهم فليدعوا خلق السموات والأرض، وذلك لا يمكنهم، فقامت الحجة. ثم قال: {بَلْ لا يُوقِنُونَ} فذكر العلة التي عاقتهم عن الإيمان وهو عدم اليقين الذي هو موهبة من الله ولا يحصل إلا بتوفيقه، فلهذا انزعج جبير حتى كاد قلبه يطير، ومال إلى الإسلام. انتهي. ويستفاد من قوله فلما بلغ
(8/603)

هذه الآية أنه استفتح من أول السورة، وظاهر السياق أنه قرأ إلى آخرها، وقد تقدم البحث في ذلك في صفة الصلاة
(8/604)



الموضوع التالي


سورة وَالنَّجْمِ

الموضوع السابق


سورة وَالطُّورِ