باب {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}
 
4858- حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} قَالَ رَأَى رَفْرَفًا أَخْضَرَ قَدْ سَدَّ الأُفُق"
قوله: "باب {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} ثبتت هذه الترجمة لأبي ذر والإسماعيلي، واختلف في الآيات المذكورة فقيل: المراد بها جميع ما رأى صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء، وحديث الباب يدل على أن المراد صفة جبريل. قوله: "عن عبد الله بن مسعود لقد رأى" أي في تفسير هذه الآية. قوله: "رأى رفرفا أخضر قد سد الأفق" هذا ظاهره يغاير التفسير السابق أنه رأى جبريل، ولكن يوضح المراد ما أخرجه النسائي والحاكم من طريق عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله بن مسعود قال: "أبصر نبي الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام على رفرف قد ملأ ما بين السماء والأرض" فيجتمع من الحديثين أن الموصوف جبريل والصفة التي كان عليها، وقد وقع في رواية محمد بن فضيل عند الإسماعيلي وفي رواية ابن عيينة عند النسائي كلاهما عن الشيباني عن زر عن عبد الله أنه رأى جبريل له ستمائة جناح قد سد الأفق، والمراد أن الذي سد الأفق الرفرف الذي فيه جبريل، فنسب جبريل إلى سد الأفق مجازا. وفي رواية أحمد والترمذي وصححها من طريق عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود رأى جبريل في حلة من رفرف قد ملأ ما بين السماء والأرض، وبهذه الرواية يعرف المراد بالرفرف وأنه حلة، ويؤيده قوله تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ} وأصل الرفرف ما كان من الديباج رقيقا حسن الصنعة، ثم اشتهر استعماله في الستر، وكل ما فضل من شيء فعطف وثني فهو رفرف، ويقال رفرف الطائر بجناحيه إذا بسطهما. وقال بعض الشراح: يحتمل أن يكون جبريل بسط أجنحته فصارت تشبه الرفرف، كذا قال، والرواية التي أوردتها توضح المراد.
(8/611)