سورة الْوَاقِعَةِ
 
وَقَالَ مُجَاهِدٌ {رُجَّتْ} زُلْزِلَتْ {بُسَّتْ} فُتَّتْ لُتَّتْ كَمَا يُلَتُّ السَّوِيقُ {الْمَخْضُودُ} الْمُوقَرُ حَمْلاً وَيُقَالُ أَيْضًا لاَ شَوْكَ لَهُ {مَنْضُودٍ} الْمَوْزُ وَالْعُرُبُ الْمُحَبَّبَاتُ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ {ثُلَّةٌ} أُمَّةٌ {يَحْمُومٍ} دُخَانٌ أَسْوَدُ {يُصِرُّونَ} يُدِيمُونَ {الْهِيمُ} الإِبِلُ الظِّمَاءُ {لَمُغْرَمُونَ} لَمَلُومُونَ {مَدِينِينَ} مُحَاسَبِينَ {رَوْحٌ} جَنَّةٌ وَرَخَاءٌ {وَرَيْحَانٌ} الرِّزْقُ {وَنُنْشِئَكُمْ فِيمَا لاَ تَعْلَمُونَ} فِي أَيِّ خَلْقٍ نَشَاءُ وَقَالَ غَيْرُهُ {تَفَكَّهُونَ} تَعْجَبُونَ {عُرُبًا} مُثَقَّلَةً وَاحِدُهَا عَرُوبٌ مِثْلُ صَبُورٍ وَصُبُرٍ يُسَمِّيهَا أَهْلُ مَكَّةَ الْعَرِبَةَ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ الْغَنِجَةَ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ الشَّكِلَةَ وَقَالَ فِي {خَافِضَةٌ} لِقَوْمٍ إِلَى النَّارِ وَ {رَافِعَةٌ} إِلَى الْجَنَّةِ {مَوْضُونَةٍ} مَنْسُوجَةٍ وَمِنْهُ وَضِينُ النَّاقَةِ وَالْكُوبُ لاَ آذَانَ لَهُ وَلاَ عُرْوَةَ وَالأَبَارِيقُ ذَوَاتُ الآذَانِ وَالْعُرَى {مَسْكُوبٍ} جَارٍ {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ {مُتْرَفِينَ} مُمَتَّعِينَ {مَا تُمْنُونَ} مِنْ النُّطَفِ يَعْنِي هِيَ النُّطْفَةُ فِي أَرْحَامِ النِّسَاءِ {لِلْمُقْوِينَ} لِلْمُسَافِرِينَ وَالْقِيُّ الْقَفْرُ {بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} بِمُحْكَمِ الْقُرْآنِ وَيُقَالُ بِمَسْقِطِ النُّجُومِ إِذَا سَقَطْنَ وَمَوَاقِعُ وَمَوْقِعٌ وَاحِدٌ {مُدْهِنُونَ} مُكَذِّبُونَ مِثْلُ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ فَسَلاَمٌ لَكَ أَيْ مُسَلَّمٌ لَكَ إِنَّكَ {مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ} وَأُلْغِيَتْ إِنَّ وَهُوَ مَعْنَاهَا كَمَا تَقُولُ أَنْتَ مُصَدَّقٌ مُسَافِرٌ عَنْ قَلِيلٍ إِذَا كَانَ قَدْ قَالَ إِنِّي مُسَافِرٌ عَنْ قَلِيلٍ وَقَدْ يَكُونُ كَالدُّعَاءِ لَهُ كَقَوْلِكَ فَسَقْيًا مِنْ الرِّجَالِ إِنْ رَفَعْتَ السَّلاَمَ فَهُوَ مِنْ الدُّعَاءِ {تُورُونَ} تَسْتَخْرِجُونَ أَوْرَيْتُ أَوْقَدْتُ {لَغْوًا} بَاطِلًا {تَأْثِيمًا} كَذِبًا.
قوله: "سورة الواقعة. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سقطت البسملة لغير أبي ذر، والمراد بالواقعة القيامة. قوله: "وقال مجاهد رجت زلزلت" وصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد بهذا، وعند عبد الرزاق عن معمر عن قتادة مثله. قوله: "بست: سمعت ولتت كما يلت السويق" وصله الفريابي من طريق مجاهد بنحوه، وعند أبي عبيدة بست كالسويق المبسوس بالماء. وعند ابن أبي حاتم من طريق منصور عن مجاهد قال: لتت لتا، ومن طريق الضحاك عن ابن عباس قال: فتت فتا. قوله: "المخضود لا شوك له" كذا لأبي ذر، ولغيره: المخضود الموقر حملا، ويقال أيضا إلخ تقدم بيانه في صفة الجنة من بدء الخلق. قوله: "منضود الموز: سقط هذا لأبي ذر، وقد
(8/625)

تقدم في صفة الجنة أيضا. قوله: "والعرب المحببات إلى أزواجهن" تقدم في صفة أهل الجنة أيضا. وقال ابن عيينة في تفسيره: حدثنا ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {عُرُباً أَتْرَاباً} قال: هي المحببة إلى زوجها. قوله: "ثلة أمة" وصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد به. وقال أبو عبيدة: الثلة الجماعة، والثلة البقية. وعند ابن أبي حاتم من طريق ميمون بن مهران في قوله: "ثلة" قال: كثير. قوله: "يحموم دخان أسود" وصله الفريابي أيضا كذلك، وأخرجه سعيد بن منصور والحاكم من طريق يزيد بن الأصم عن ابن عباس مثله. وقال أبو عبيدة في قوله: {وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ} : من شدة سواده، يقال أسود يحموم فهو وزن يفعول من الحمم. قوله: "يصرون يديمون" وصله الفريابي أيضا لكن لفظه: "يدمنون" بسكون الدال بعدها ميم ثم نون، وعند ابن أبي حاتم من طريق السدي قال: يقيمون. قوله: "الهيم الإبل الظماء" سقط هنا لأبي ذر، وقد تقدم في البيوع. قوله: "لمغرمون لملزمون" وصله ابن أبي حاتم من طريق شعبة عن قتادة، وعند الفريابي من طريق مجاهد: ملقون للشر. قوله: "مدينين محاسبين" تقدم في تفسير الفاتحة. قوله: "روح جنة ورخاء" سقط هذا لأبي ذر، وقد تقدم في صفة الجنة. قوله: "وريحان الرزق" تقدم في تفسير الرحمن قريبا. قوله: "وقال غيره تفكهون تعجبون" هو قول الفراء، قال في قوله تعالى: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} أي تتعجبون مما نزل بكم في زرعكم، قال ويقال: معناه تندمون. قلت: وهو قول مجاهد، أخرجه ابن أبي حاتم، وأخرجه ابن المنذر من طريق الحسن مثله، وعند عبد الرزاق عن معمر عن قتادة: هو شبه المتندم. قلت: تفكه بوزن تفعل وهو كتأثم أي ألقى الإثم، فمعنى تفكه أي ألقى عنه الفاكهة، وهو حال من دخل في الندم والحزن. قوله: "عربا مثقلة واحدها عروب إلى قوله الشكلة" سقط هنا لأبي ذر، وتقدم في صفة الجنة. قوله: {وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لا تَعْلَمُونَ} ، أي في أي خلق نشاء" تقدم في بدء الخلق، وسقط "فيما لا تعلمون" هنا لأبي ذر. قوله: "وفرش مرفوعة بعضها فوق بعض" هو قول مجاهد، وتقدم أيضا في صفة الجنة. قوله: "والكوب إلخ وكذا قوله مسكوب جار" سقط كله لأبي ذر هنا، وتقدم في صفة الجنة. قوله: "موضوبة منسوجة، ومنه وضين الناقة" سقط هنا لأبي ذر، وقد تقدم في صفة الجنة أيضا. قوله: "وقال في "خافضة" لقوم إلى النار و" رافعة" لقوم إلى الجنة" قال الفراء في قوله تعالى: {خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ} قال: خافضة لقوم إلى النار، رافعة لقوم إلى الجنة. وعن محمد بن كعب: خفضت أقواما كانوا في الدنيا مرتفعين، ورفعت أقواما كانوا في الدنيا منخفضين، وأخرجه سعيد بن منصور. وعن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله: {خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ} قال: شملت القريب والبعيد، حتى خفضت أقواما في عذاب الله ورفعت أقواما في كرامة الله. وروى ابن أبي حاتم من طريق سماك عن عكرمة عن ابن عباس نحوه، ومن طريق عثمان بن سراقة عن خاله عمر بن الخطاب نحوه، ومن طريق السدي قال: خفضت المتكبرين ورفعت المتواضعين. قوله: "مترفين متنعمين" كذا للأكثر بمثناة قبل النون وبعد العين ميم، وللكشميهني: "متمتعين" بميم قبل المثناة من التمتع، كذا في رواية النسفي والأول هو الذي وقع في "معاني القرآن للفراء" ومنه نقل المصنف. ولابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: منعمين. قوله: "ما تمنون هي النطف يعني في أرحام النساء" تقدم في بدء الخلق، قال الفراء: قوله: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ} يعني النطف إذا قذفت في أرحام النساء، أأنتم تخلقون تلك النطف أم نحن. قوله: {لِلْمُقْوِينَ} للمسافرين والقي القفر" سقط هنا لأبي ذر، وقد تقدم في بدء الخلق أيضا. قوله: "بمواقع النجوم بمحكم القرآن" قال الفراء:
(8/626)

حدثنا فضيل بن عياض عن منصور عن المنهال بن عمرو قال: قرأ عبد الله {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} قال: بمحكم القرآن، وكان ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم نجوما. وعند عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله: {بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} قال: بمنازل النجوم. قال وقال الكلبي: هو القرآن أنزل نجوما انتهي. ويؤيده ما أخرج النسائي والحاكم من طريق حصين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: نزل القرآن جميعا ليلة القدر إلى السماء، ثم فصل فنزل في السنين، وذلك قوله: {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} . قوله: "ويقال بمسقط النجوم إذا سقطن ومواقع وموقع واحد" هو كلام الفراء أيضا بلفظه، ومراده أن مفادهما واحد وإن كان أحدهما جميعا والآخر مفردا، لكن المفرد المضاف كالجمع في إفادة التعدد، وقرأها بلفظ الواحد حمزة والكسائي وخلف" وقال أبو عبيدة: مواقع النجوم مساقطها حيث تغيب" . قوله: "مدهنون مكذبون مثل: لو تدهن فيدهنون" قال الفراء في قوله: {أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ} : أي مكذبون، وكذلك في قوله: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} أي لو تكفر فيكفرون، كل قد سمعته قد أدهن أي كفر. وقال أبو عبيدة مدهنون واحدها مدهن وهو المداهن. قوله: {فَسَلامٌ لَكَ} أي مسلم لك. إنك من أصحاب اليمين وألغيت إن وهو معناها كما تقول أنت مصدق ومسافر عن قليل إذا كان قد قال إني مسافر عن قليل" هو كلام الفراء بلفظه لكن قال: أنت مصدق مسافر بغير واو وهو الوجه، والتقدير أنت مصدق أنك مسافر، ويؤيد ما قال الفراء ما أخرج ابن المنذر من طريق عطاء عن ابن عباس قال: تأتيه الملائكة من قبل الله، سلام لك من أصحاب اليمين: تخبره أنه من أصحاب اليمين. قوله: "وقد يكون كالدعاء له كقولك فسقيا من الرجال، إن رفعت السلام فهو من الدعاء" هو كلام الفراء أيضا بلفظه، لكنه قال: "وإن رفعت السلام فهو دعاء" . قوله: "تورون تستخرجون، أوريت أوقدت" سقط هنا لأبي ذر، وقد تقدم في صفة النار من بدء الخلق. قوله: "لغوا باطلا، تأثيما كذبا" وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: "لغوا" باطلا. وفي قوله: {وَلا تَأْثِيماً} قال: كذبا
(8/627)