سورة التَّغَابُنِ
 
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَقَالَ عَلْقَمَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} : هُوَ الَّذِي إِذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ رَضِيَ وَعَرَفَ أَنَّهَا مِنْ اللَّهِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ التَّغَابُنُ غَبْنُ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَهْلَ النَّارِ.
قوله: "سورة التغابن والطلاق" كذا لأبي ذر، ولم يذكر غيره: "والطلاق" بلى اقتصروا على التغابن وأفردوا الطلاق بترجمة، وهو الأليق لمناسبة ما تقدم. قوله: "وقال علقمة عن عبد الله: ومن يؤمن بالله يهد قلبه إلخ" أي يهتدي إلى التسليم فيصبر ويشكر. وهذا التعليق وصله عبد الرزاق عن ابن عيينة عن الأعمش عن أبي ظبيان عن علقمة مثله، لكن لم يذكر ابن مسعود. وكذا أخرجه الفريابي عن الثوري وعبد بن حميد عن عمر بن سعد عن الثوري عن الأعمش، والطبري من طريق عن الأعمش، نعم أخرجه البرقاني من وجه آخر فقال: "عن علقمة قال: شهدنا عنده - يعني عند عبد الله - عرض المصاحف، فأتى على هذه الآية {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} قال: هي المصيبات تصيب الرجل فيعلم أنها من عند الله فيسلم ويرضى" وعند الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: المعنى يهدي قلبه لليقين فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه. قوله: "وقال مجاهد التغابن غبن أهل الجنة أهل
(8/652)

النار" كذا لأبي ذر عن الحموي وحده وقد وصله الفريابي وعبد بن حميد من طريق مجاهد وغبن بفتح المعجمة والموحدة وللطبري من طريق شعبة عن قتادة يوم التغابن يوم غبن أهل النار أي لكون أهل الجنة بايعوا على الإسلام بالجنة فربحوا وأهل النار امتنعوا من الإسلام فخسروا، فشبهوا بالمتبايعين يغبن أحدهما الآخر في بيعه، ويؤيد ذلك ما سيأتي في الرقاق من طريق الأعرج عن أبي هريرة رفعه: "لا يدخل أحد الجنة إلا أرى مقعده من النار لو أساء ليزداد شكرا، ولا يدخل أحد النار إلا أرى مقعده من الجنة لو أحسن ليكون عليه حسرة" .
(8/653)