باب {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} صَغَوْتُ وَأَصْغَيْتُ مِلْتُ لِتَصْغَى لِتَمِيلَ {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} عَوْنٌ تَظَاهَرُونَ تَعَاوَنُونَ وَقَالَ مُجَاهِدٌ {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ} أَوْصُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَأَدِّبُوهُمْ
 
4915- حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ حُنَيْنٍ يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ عَنْ الْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَظَاهَرَتَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَكَثْتُ سَنَةً فَلَمْ أَجِدْ لَهُ مَوْضِعًا حَتَّى خَرَجْتُ مَعَهُ حَاجًّا فَلَمَّا كُنَّا بِظَهْرَانَ ذَهَبَ عُمَرُ لِحَاجَتِهِ فَقَالَ أَدْرِكْنِي بِالْوَضُوءِ فَأَدْرَكْتُهُ بِالإِدَاوَةِ فَجَعَلْتُ أَسْكُبُ عَلَيْهِ الْمَاءَ وَرَأَيْتُ مَوْضِعًا فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ الْمَرْأَتَانِ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَمَا أَتْمَمْتُ كَلاَمِي حَتَّى قَالَ عَائِشَةُ وَحَفْصَة"
قوله: "باب {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} صغوت وأصغيت ملت، لتصغى لتميل" سقط هذا لأبي ذر، وهو قول أبي عبيدة، قال في قوله: "ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة" : لتميل، من صغوت إليه ملت إليه، وأصغوت إليه مثله. وقال في قوله: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} أي عدلت ومالت. قوله: {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} عون" كذا لهم، واقتصر أبو ذر من سياق الآية على قوله: "ظهير: عون" وهو تفسير الفراء. قوله: "تظاهرون تعاونون" كذا لهم، وفي بعض النسخ تظاهرا تعاونا، وهو تفسير الفراء أيضا قال في قوله تعالى: {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} تعاونا عليه. قوله: "وقال مجاهد: {قُوا أَنْفُسَكُمْ} ، أوصوا أهليكم بتقوى الله وأدبوهم" وصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد بلفظ: "أوصوا أهليكم بتقوى الله" وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة "مروهم بطاعة الله وانهوهم عن معصيته" وعند سعيد بن منصور عن الحسن نحوه، وروى الحاكم من طريق ربعي بن حراش عن علي في قوله: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} قال: "علموا أهليكم خيرا" ورواته ثقات.
" تنبيه " : وقع في جميع النسخ التي وقفت عليها "أوصوا" بفتح الألف وسكون الواو بعدها صاد مهملة من الإيصاء، وسقطت هذه اللفظة للنسفي، وذكرها ابن التين بلفظ: "قوا أهليكم أو قفوا أهليكم" ونسب عياض هذه الرواية هكذا للقابسي وابن السكن، قال: وعند الأصيلي أوصوا أنفسكم وأهليكم انتهى. قال ابن التين: قال القابسي صوابه "أوفقوا" قال ونحو ذلك ذكر النحاس، ولا أعرف للألف من أو
(8/659)

ولا للفاء من قوله فقوا وجها، قال ابن التين: ولعل المعنى أوقفوا بتقديم القاف على الفاء أي أوقفوهم عن المعصية، قال: لكن الصواب على هذا حذف الألف لأنه ثلاثي من وقف، قال: ويحتمل أن يكون أوفقوا يعني بفتح الفاء وضم القاف لا تعصوا فيعصوا مثل لا تزن فيزن أهلك وتكون "أو" على هذا للتخيير، والمعنى إما أن تأمروا أهليكم بالتقوى أو فاتقوا أنتم فيتقوا هم تبعا لكم انتهى، وكل هذه التكلفات نشأت عن تحريف الكلمة، وإنما هي "أوصوا" بالصاد والله حديث ابن عباس عن عمر أيضا في قصة المتظاهرين، وسيأتي شرحه
(8/660)