سورة الْحَاقَّةِ
 
بسم الله الرحمن الرحيم
{عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} : يُرِيدُ فِيهَا الرِّضَا {الْقَاضِيَةَ} الْمَوْتَةَ الأُولَى الَّتِي مُتُّهَا لَمْ أُحْيَ بَعْدَهَا {مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} أَحَدٌ يَكُونُ لِلْجَمْعِ وَلِلْوَاحِدِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْوَتِينَ نِيَاطُ الْقَلْبِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ طَغَى كَثُرَ وَيُقَالُ بِالطَّاغِيَةِ بِطُغْيَانِهِمْ وَيُقَالُ طَغَتْ عَلَى الْخَزَّانِ كَمَا طَغَى الْمَاءُ عَلَى قَوْمِ نُوحٍ
قوله: "سورة الحاقة {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} كذا لأبي ذر، والحاقة من أسماء يوم القيامة، سميت بذلك لأنها حقت لكل قوم أعمالهم. قال قتادة: أخرجه عبد الرزاق عن معمر عنه. قوله: "حسوما متتابعة" كذا للنسفي وحده هنا، وهو قول أبي عبيدة. وأخرج الطبراني ذلك عن ابن مسعود موقوفا بإسناد حسن وصححه الحاكم. قوله: "وقال ابن جبير" عيشة راضية" . يريد فيها الرضا" وقال أبو عبيدة: معناه مرضية، قال وهو مثل ليل نائم. قوله: "وقال ابن جبير أرجائها ما لم ينشق منها، فهم على حافتيه، كقولك على أرجاء البئر" كذا للنسفي وحده هنا، وهو عند أبي نعيم أيضا، وتقدم أيضا في بدء الخلق قوله: "واهية وهيها تشققها" كذا للنسفي وحده هنا وهو عند أبي نعيم أيضا، وتقدم أيضا في بدء الخلق. قوله: "والقاضية الموتة الأولى التي متها لم أحي بعدها" كذا لأبي ذر، ولغيره: "ثم أحيي بعدها" والأول أصح وهو قول الفراء، قال في قوله: {يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ} يقول: ليت الموتة الأولى التي متها لم أحي بعدها. قوله: {مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ}، أحد يكون للجميع والواحد" هو قول الفراء، قال أبو عبيدة في قوله: {مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} جمع صفته على صفة الجميع لان أحدا يقع على الواحد والاثنين والجمع من الذكر والأنثى. قوله: "وقال ابن عباس: الوتين نياط القلب" بكسر النون وتخفيف التحتانية هو حبل الوريد، وهذا وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، والفريابي والأشجعي والحاكم كلهم من طريق عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وإسناده قوي لأنه من رواية الثوري عن عطاء وسمعه منه قبل الاختلاط. وقال أبو عبيدة مثله. وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: الوتين
(8/664)

حبل القلب. قوله: "قال ابن عباس: طغى كثر" وصله ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس بهذا. وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة: بلغنا أنه طغى فوق كل شيء خمسة عشر ذراعا. قوله: "ويقال بالطاغية: بطغيانهم" هو قول أبي عبيدة وزاد: "كفرهم" . وأخرج الطبري من طريق مجاهد قال: {فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ} بالذنوب. قوله: "ويقال طغت على الخزان كما طغى الماء على قوم نوح" لم يظهر لي فاعل طغت لأن الآية في حق ثمود وهم قد أهلكوا بالصيحة، ولو كانت عادا لكان الفاعل الريح وهي لها الخزان، وتقدم في أحاديث الأنبياء أنها عتت على الخزان. وأما الصيحة فلا خزان لها، فلعله انتقال من عتت إلى طغت. وأما قوله: {لَمَّا طَغَا الْمَاءُ} فروى سعيد بن منصور من طريق السدي عن أبي مالك وأبي صالح عن ابن عباس في قوله: {لَمَّا طَغَا الْمَاءُ} قال: طغى على خزانه فنزل بغير كيل ولا وزن. قوله: "وغسلين ما يسيل من صديد أهل النار" كذا ثبت للنسفي وحده عقب قوله: "القاضية" وهو عند أبي نعيم أيضا، وهو كلام الفراء قال في قوله: {وَلا طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ} يقال إنه ما يسيل من صديد أهل النار. قوله: "وقال غيره {مِنْ غِسْلِينٍ} كل شيء غسلته فخرج منه شيء فهو غسلين، فعلين من الغسل مثل الجرح والدبر" كذا للنسفي وحده هنا وقد تقدم في بدء الخلق. أعجاز نخل أصولها كذا للنسفي وحده هنا وهو عند أبي نعيم أيضا؛ وقد تقدم أيضا في أحاديث الأنبياء. قوله: "باقية بقية" كذا للنسفي وحده وعند أبي نعيم أيضا، وقد تقدم أحاديث الأنبياء.
" تنبيه " : لم يذكر في تفسير الحاقة حديثا مرفوعا، ويدخل فيه حديث جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أذن لي أن أحدث عن ملك من حملة العرش ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام" أخرجه أبو داود وابن أبي حاتم من رواية إبراهيم بن طهمان عن محمد بن المنكدر وإسناده على شرط الصحيح.
(8/665)