سورة {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}
 
وقال مجاهد: {وَضُحَاهَا} ضوؤها {إِذَا تَلاهَا} تبعها و {طَحَاهَا ـ دَحَاهَا ـ دَسَّاهَا} أغواها {فَأَلْهَمَهَا} عرفها الشقاء والسعادة وَقَالَ مُجَاهِدٌ {بِطَغْوَاهَا} بِمَعَاصِيهَا {وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا} عُقْبَى أَحَدٍ
(8/704)

4942- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَمْعَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ وَذَكَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِي عَقَرَ فَقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَزِيزٌ عَارِمٌ مَنِيعٌ فِي رَهْطِهِ مِثْلُ أَبِي زَمْعَةَ وَذَكَرَ النِّسَاءَ فَقَالَ يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ فَيَجْلِدُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ فَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ ثُمَّ وَعَظَهُمْ فِي ضَحِكِهِمْ مِنْ الضَّرْطَةِ وَقَالَ لِمَ يَضْحَكُ أَحَدُكُمْ مِمَّا يَفْعَلُ" وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مِثْلُ أَبِي زَمْعَةَ عَمِّ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّام"
قوله: "سورة {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم" ثبتت البسملة لأبي ذر. قوله: "وقال مجاهد: {وَضُحَاهَا} ضوءها. {إِذَا تَلاهَا} تبعها. و {طَحَاهَا} {دَحَاهَا} . و {دَسَّاهَا} أغواها" ثبت هذا كله للنسفي وحده، وقد تقدم لهم في بدء الخلق مفرقا إلا قوله: {دَسَّاهَا} فأخرجه الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد بهذا، وقد أخرج الحاكم من طريق حصين عن مجاهد عن ابن عباس جميع ذلك قوله: {فَأَلْهَمَهَا} عرفها الشقاء والسعادة "ثبت هذا للنسفي وحده، وقد أخرجه الطبري من طريق مجاهد قوله: {وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا} عقبي أحد" وصله الفريابي من طريق مجاهد في قوله: "ولا يخاف عقباها" : الله لا يخاف عقبى أحد، وهو مضبوط بفتح الألف والمهملة، وفي بعض النسخ بسكون الخاء المعجمة بعدها ذال معجمة، قال الفراء: قرأ أهل البصرة والكوفة بالواو وأهل المدينة بالفاء" فلا يخاف" فالواو صفة العاقر أي عقر ولم يخف عاقبة عقرها، أو المراد لا يخاف الله أن يرجع بعد إهلاكها، فالفاء على هذا أجود، والضمير في عقباها للدمدمة أو لثمود أو للنفس المقدم ذكرها، والدمدمة الهلاك العام. قوله: {بِطَغْوَاهَا} معاصيها" وصله الفريابي من طريق مجاهد بلفظ: "معصيتها" وهو الوجه. والطغوى بفتح الطاء والقصر الطغيان، ويحتمل في الباء أن تكون للاستعانة وللسبب، أو المعنى كذبت بالعذاب الناشئ عن طغيانها. قوله: "هشام" هو ابن عروة بن الزبير. قوله: "عبد الله بن زمعة" أي ابن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى صحابي مشهور، وأمه قريبة أخت أم سلمة أم المؤمنين، وكان تحته زينب بنت أم سلمة. وقد تقدم في قصة ثمود من أحاديث الأنبياء أنه ليس له في البخاري سوى هذا الحديث، وأنه يشتمل على ثلاثة أحاديث. قوله: "وذكر الناقة" أي ناقة صالح، والواو عاطفة على شيء محذوف تقديره: فخطب فذكر كذا وذكر الناقة. قوله: "والذي عقر" كذا هنا بحذف المفعول، وتقدم بلفظ: "عقرها" أي الناقة. قوله: {إِذِ انْبَعَثَ} تقدم في أحاديث الأنبياء بلفظ انتدب، تقول ندبته إلى كذا فانتدب له أي أمرته فامتثل. قوله: "عزيز: أي قليل المثل. قوله: "عارم" بمهملتين أي صعب على من يرومه كثير الشهامة والشر. قوله: "منيع" أي قوي ذو منعة أي رهط يمنعونه من الضيم، وقد تقدم في أحاديث الأنبياء بلفظ: "ذو منعة" وتقدم بيان اسمه وسبب عقره الناقة. قوله: "مثل أبي زمعة" يأتي في الحديث الذي بعده. قوله: "وذكر النساء" أي وذكر في خطبته النساء استطرادا إلى ما يقع من أزواجهن. قوله: "يعمد" بكسر الميم وسيأتي شرحه في كتاب النكاح. قوله: "ثم وعظهم في ضحكهم" في رواية الكشميهني: "في ضحك" بالتنوين وقال: لم يضحك أحدكم مما يفعل؟ يأتي الكلام عليه في كتاب الأدب إن شاء الله تعالى. قوله: "وقال أبو معاوية إلخ" وصله إسحاق بن راهويه في مسنده قال: أنبأنا أبو معاوية،
(8/705)

فذكر الحديث بتمامه وقال في آخره: "مثل أبي زمعة عم الزبير بن العوام" كما علقه البخاري سواء. وقد أخرجه أحمد عن أبي معاوية لكن لم يقل في آخره: "عم الزبير بن العوام" قوله: "عم الزبير بن العوام" هو عم الزبير مجازا لأنه الأسود بن المطلب بن أسد، والعوام بن خويلد بن أسد. فنزل ابن العم منزلة الأخ فأطلق عليه عما بهذا الاعتبار، كذا جزم الدمياطي باسم أبي زمعة هنا وهو المعتمد وقال القرطبي في "المفهم" : يحتمل أن المراد بأبي زمعة الصحابي الذي بايع تحت الشجرة يعني وهو عبيد البلوي، قال: ووجه تشبيهه به إن كان كذلك أنه كان في عزة ومنعة في قومه كما كان ذلك الكافر، قال: ويحتمل أن يريد غيره ممن يكنى أبا زمعة من الكفار. قلت: وهذا الثاني هو المعتمد، والغير المذكور هو الأسود، وهو جد عبد الله بن زمعة راوي هذا الخبر، لقوله في نفس الخبر "عم الزبير بن العوام" وليس بين البلوي وبين الزبير نسب. وقد أخرج الزبير بن بكار هذا الحديث في ترجمة الأسود بن المطلب من طريق عامر بن صالح عن هشام بن عروة وزاد: "قال فتحدث بها عروة وأبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة جالس، فكأنه وجد منها، فقال له عروة: يا ابن أخي، والله ما حدثنيها أبوك إلا وهو يفخر بها، وكان الأسود أحد المستهزئين، ومات على كفره بمكة، وقتل ابنه زمعة يوم بدر كافرا أيضا
(8/706)