سورة والتين
 
وَقَالَ مُجَاهِدٌ هُوَ التِّينُ وَالزَّيْتُونُ الَّذِي يَأْكُلُ النَّاسُ يُقَالُ {فَمَا يُكَذِّبُكَ} فَمَا الَّذِي يُكَذِّبُكَ بِأَنَّ النَّاسَ يُدَانُونَ بِأَعْمَالِهِمْ كَأَنَّهُ قَالَ وَمَنْ يَقْدِرُ عَلَى تَكْذِيبِكَ بِالثَّوَابِ وَالْعِقَاب"
باب 4952- حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي عَدِيٌّ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي سَفَرٍ فَقَرَأَ فِي الْعِشَاءِ فِي إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ تَقْوِيمٍ الْخَلْق"
قوله: "سورة والتين" وقال مجاهد: هو التين والزيتون الذي يأكل الناس" وصله الفريابي من طريق مجاهد في قوله: "والتين والزيتون" قال: الفاكهة التي تأكل الناس. "وطور سينين" الطور الجبل وسينين المبارك. وأخرجه الحاكم من وجه آخر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس، وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس مثله، ومن طريق العوفي عن ابن عباس قال: التين مسجد نوح الذي بني على الجودي. ومن طريق الربيع بن أنس قال: التين جبل عليه التين والزيتون جبل عليه الزيتون. ومن طريق قتادة: الجبل الذي عليه دمشق. ومن طريق محمد بن كعب قال: مسجد أصحاب الكهف، والزيتون مسجد إيلياء. ومن طريق قتادة: جبل عليه بيت المقدس. قوله: "تقويم: خلق" كذا ثبت لأبي نعيم، وقد وصله الفريابي من طريق مجاهد في قوله: {أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} قال: أحسن خلق. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس بإسناد حسن قال: أعدل خلق. قوله: {أَسْفَلَ سَافِلِينَ} إلا من آمن" كذا ثبت للنسفي وحده وقد تقدم لهم في بدء الخلق. وأخرج الحاكم من طريق عاصم الأحول عن عكرمة عن ابن عباس قال: من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر وذلك قوله: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا} قال: الذين قرءوا القرآن. قوله: "يقال فما يكذبك فما الذي يكذبك بأن الناس يدانون بأعمالهم كأنه قال: ومن يقدر على تكذيبك بالثواب والعقاب" في رواية أبي ذر عن غير الكشميهني: "تدالون" بلام بدل النون الأولى، والأول هو الصواب، كذا هو في كلام الفراء بلفظه وزاد في آخره: بعدما تبين له كيفية خلقه. قال ابن التين: كأنه جعل "ما" لمن يعقل وهو بعيد. وقيل: المخاطب بذلك الإنسان المذكور، قيل هو على طريق الالتفات وهذا عن مجاهد، أي ما الذي جعلك كاذبا؟ لأنك إذا كذبت بالجزاء صرت كاذبا، لأن كل مكذب بالحق فهو كاذب. وأما تعقب ابن التين قول الفراء جعل "ما" لمن يعقل وهو بعيد، فالجواب أنه ليس ببعيد فيمن أبهم أمره، ومنه {إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً} قوله: "أخبرني عدي" هو ابن ثابت الكوفي. قوله: "فقرأ في العشاء بالتين" تقدم شرحه في صفة الصلاة. وقد كثر سؤال بعض الناس: هل قرأ بها في الركعة الأول أو الثانية؟ أو قرأ فيهما معا كأن يقول أعادها في الثانية؟ وعلى أن يكون قرأ غيرها فهل عرف؟ وما كنت أستحضر لذلك جوابا، إلى أن رأيت في" كتاب الصحابة لأبي علي بن السكن" في ترجمة زرعة بن خليفة رجل من أهل اليمامة أنه قال: "سمعنا بالنبي صلى الله عليه وسلم فأتيناه فعرض علينا الإسلام فأسلمنا وأسهم لنا، وقرأ في الصلاة بالتين والزيتون وإنا أنزلناه في ليلة القدر" فيمكن إن
(8/713)

كانت هي الصلاة التي عين البراء بن عازب أنها العشاء أن يقال قرأ في الأولى بالتين وفي الثانية بالقدر، ويحصل بذلك جواب السؤال. ويقوى ذلك أنا لا نعرف في خبر من الأخبار أنه قرأ بالتين والزيتون إلا في حديث البراء ثم حديث زرعة هذا
(8/714)