سورة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}
 
قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ اكْتُبْ فِي الْمُصْحَفِ فِي أَوَّلِ الإِمَامِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَاجْعَلْ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ خَطًّا وَقَالَ مُجَاهِدٌ {نَادِيَهُ} عَشِيرَتَهُ {الزَّبَانِيَةَ} الْمَلاَئِكَةَ وَقَالَ مَعْمَرٌ {الرُّجْعَى} الْمَرْجِعُ {لَنَسْفَعَنْ} قَالَ لَنَأْخُذَنْ وَلَنَسْفَعَنْ بِالنُّونِ وَهِيَ الْخَفِيفَةُ سَفَعْتُ بِيَدِهِ أَخَذْت"
قوله: "سورة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} قال صاحب الكشاف: ذهب ابن عباس ومجاهد إلى أنها أول سورة نزلت، وأكثر المفسرين إلى أن أول سورة نزلت فاتحة الكتاب. كذا قال. والذي ذهب أكثر الأئمة إليه هو الأول. وأما الذي نسبه إلى الأكثر فلم يقل به إلا عدد أقل من القليل بالنسبة إلى من قال بالأول. قوله: "وقال قتيبة حدثنا حماد عن يحيى بن عتيق عن الحسن قال: اكتب في المصحف في أول الإمام بسم الله الرحمن الرحيم واجعل بين السورتين خطا" في رواية أبي ذر عن غير الكشميهني: "حدثنا قتيبة" وقد أخرجه ابن الضريس في "فضائل القرآن" حدثنا أبو الربيع الزهراني حدثنا حماد بهذا، وحماد هو ابن زيد، وشيخه بصري ثقة من طبقة أيوب مات قبله، ولم أر له في البخاري إلا هذا الموضع. وقوله: "في أول الإمام" أي أم الكتاب، وقوله: "خطا" قال الداودي إن أراد خطا فقط بغير بسملة فليس بصواب لاتفاق الصحابة على كتابة البسملة بين كل سورتين إلا براءة وإن أراد بالإمام إمام كل سورة فيجعل الخط مع البسملة فحسن فكان ينبغي أن يستثنى براءة. وقال الكرماني: معناه اجعل البسملة في أوله فقط، واجعل بين كل سورتين علامة للفاصلة، وهو مذهب حمزة من القراء السبعة. قلت: المنقول ذلك عن حمزة في القراءة لا في الكتابة، قال: وكأن البخاري أشار إلى أن هذه السورة لما كان أولها مبتدأ بقوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} أراد أن يبين أنه لا تجب البسملة في أول كل سورة. بل من قرأ البسملة في أول القرآن كفاه في امتثال هذا الأمر. نعم استنبط السهيلي من هذا الأمر ثبوت البسملة في أول الفاتحة لأن هذا الأمر هو أول شيء نزل من القرآن فأولى مواضع امتثاله أول القرآن. قوله: "وقال مجاهد: ناديه عشيرته" وصله الفريابي من طريق مجاهد، وهو تفسير معنى، لأن المدعو أهل النادي والنادي المجلس المتخذ للحديث. قوله: "الزبانية الملائكة" وصله الفريابي من طريق مجاهد، وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق أبي حازم عن أبي هريرة مثله. قوله: "وقال معمر الرجعي المرجع" كذا لأبي ذر، وسقط لغيره: "وقال معمر" فصار كأنه من قول مجاهد والأول هو الصواب، وهو كلام أبي عبيدة في "كتاب المجاز: ولفظه {إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى} قال: المرجع والرجوع. قوله: {لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ} لنأخذن، ولنسفعن بالنون وهي الخفيفة، سفعت بيده أخذت" هو كلام أبي عبيدة أيضا ولفظه: و "لنسفعن" إنما يكتب بالنون لأنها نون خفيفة انتهى. وقد روي عن أبي عمرو بتشديد النون، والموجود في مرسوم المصحف بالألف، والسفع القبض على الشيء بشدة، وقيل أصله الأخذ بسفعة الفرس أي سواد ناصيته، ومنه قولهم: به سفعة من غضب، لما يعلو لون الغضبان من التغير، ومنه امرأة سفعاء.
(8/714)


...