سورة {لَمْ يَكُنْ} . بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
 
{مُنْفَكِّينَ} زَائِلِينَ {قَيِّمَةٌ} الْقَائِمَةُ {دِينُ الْقَيِّمَةِ} أَضَافَ الدِّينَ إِلَى الْمُؤَنَّثِ
قوله: "سورة {لَمْ يَكُنْ} بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم" سقطت البسملة لغير أبي ذر، ويقال لها أيضا سورة القيمة، وسورة البينة. قوله: "منفكين زائلين" هو قول أبي عبيدة. قوله: "قيمة القائمة دين القيمة أضاف الدين إلى المؤنث" هو قول أبي عبيدة بلفظه. وأخرج ابن أبي حاتم من طريق مقاتل بن حيان قال: القيمة الحساب المبين.
باب 4959- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال النبي صلى الله عليه وسلم لأُبَيٍّ: "إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ {لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا} قَالَ وَسَمَّانِي قَالَ نَعَمْ فَبَكَى"
باب 4960- حدثنا حسان بن حسان حدثنا همام عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي: إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن قال أبي: آلله سماني لك قال الله سماك لي فجعل أبي يبكي قال قتادة: فأنبئت أنه قرأ عليه {مْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ}
قوله: "إن الله أمرني أن أقرأ عليك {لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا} كذا في رواية شعبة، وبين في رواية همام أن تسمية السورة لم يحمله قتادة عن أنس فإنه قال في آخر الحديث:"قال قتادة: فأنبئت أنه قرأ عليه {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} "وسقط بيان ذلك من رواية سعيد بن أبي عروبة، هذا ما في هذه الطرق الثلاثة التي أخرجها البخاري وقد أخرجه الحاكم وأحمد والترمذي من طريق زر بن حبيش عن أبي بن كعب نفسه مطولا ولفظه: "إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن، قال فقرأ عليه {لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا} . والجمع بين الروايتين حمل المطلق على المقيد لقراءته لم يكن دون غيرها، فقيل: الحكمة في تخصيصها بالذكر لأن فيها {يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً} ، وفي تخصيص أبي
(8/725)

بن كعب التنويه به في أنه أقرأ الصحابة، فإذا قرأ عليه النبي صلى الله عليه وسلم مع عظيم منزلته كان غيره بطريق التبع له، وقد تقدم في المناقب مزيد كلام في ذلك.
باب 4961- حَدَّثَنَا أحمد بن أبي داوود أَبُو جَعْفَرٍ الْمُنَادِي حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُقْرِئَكَ الْقُرْآنَ قَالَ أَاللَّهُ سَمَّانِي لَكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَقَدْ ذُكِرْتُ عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ نَعَمْ فَذَرَفَتْ عَيْنَاه"
قوله: "حدثني أحمد بن أبي داود أبو جعفر المنادي" كذا وقع عند الفريابي عن البخاري، والذي وقع عند النسفي" حدثني أبو جعفر المنادي" حسب، فكأن تسميته من قبل الفربري. فعلى هذا لم يصب من وهم البخاري فيه، وكذا من قال إنه كان يرى أن محمدا وأحمد شيء واحد، وقد ذكر ذلك الخطيب عن اللالكائي احتمالا، قال: واشتبه على البخاري، قال: وقيل كان لأبي جعفر أخ اسمه أحمد، قال: وهو باطل والمشهور أن اسم أبي جعفر هذا محمد وهو ابن عبيد الله بن يزيد وأبو داود كنية أبيه، وليس لأبي جعفر في البخاري سوى هذا الحديث، وقد عاش بعد البخاري ستة عشر عاما، ولكنه عمر وعاش مائة سنة وسنة وأشهرا، وقد سمع منه هذا الحديث بعينه من لم يدرك البخاري وهو أبو عمرو بن السماك فشارك البخاري في روايته عن ابن المنادي هذا الحديث وبينهما في الوفاة ثمان وثمانون سنة، وهو من لطيف ما وقع من نوع السابق واللاحق. قوله: "أن أقرئك" أي أعلمك بقراءتي عليك كيف تقرأ حتى لا تتخالف الروايتان، وقيل: الحكمة فيه لتحقق قوله تعالى فيها {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً} . قوله: "فذرفت" بفتح الراء وقبلها الذال معجمة، أي تساقطت بالدموع، وقد تقدم شرح الحديث في مناقب أبي بن كعب.
(8/726)

سورة {إذا زلزلت الأرض زلزالها}: باب قوله {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره}
...