باب قَوْلِهِ {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةُ الْحَطَبِ}
 
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {حَمَّالَةُ الْحَطَبِ} تَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ {فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} يُقَالُ مِنْ مَسَدٍ لِيفِ الْمُقْلِ وَهِيَ السِّلْسِلَةُ الَّتِي فِي النَّارِ
قوله: "باب {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} " قال أبو عبيدة: كان عيسى بن عمر يقرأ: {حَمَّالَةُ الْحَطَبِ} " بالنصب ويقول هو ذم لها. قلت: وقرأها بالنصب أيضا من الكوفيين عاصم. واسم امرأة أبي لهب العوراء وتكنى أم جميل، وهي بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان والد معاوية، وتقدم لها ذكر في تفسير والضحى، يقال إن اسمها أروى والعوراء لقب، ويقال لم تكن عوراء وإنما قيل لها ذلك لجمالها. وروى البزار بإسناد حسن عن ابن عباس قال: "لما نزلت {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} جاءت امرأة أبي لهب، فقال أبو بكر للنبي صلى الله عليه وسلم: لو تنحيت، قال: " إنه سيحال بيني وبينها" ، فأقبلت فقالت: يا أبا بكر هجاني صاحبك، قال: لا ورب هذه البنية، ما ينطق بالشعر ولا يفوه به. قالت: إنك لمصدق. فلما ولت قال أبو بكر: ما رأتك. قال: "ما زال ملك يسترني حتى ولت" . وأخرجه الحميدي وأبو يعلى وابن أبي حاتم من حديث أسماء بنت أبي بكر بنحوه. وللحاكم من حديث زيد بن أرقم" لما {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} قيل لامرأة أبي لهب: إن محمدا هجاك، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: هل رأيتني أحمل حطبا، أو رأيت في جيدي حبلا" . قوله: "وقال مجاهد: حمالة الحطب تمشي بالنميمة" وصله الفريابي عنه. وأخرج سعيد بن منصور من طريق محمد بن سيرين قال: كانت امرأة أبي لهب تنم على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المشركين. وقال الفراء: كانت تنم فتحرش فتوقد بينهم العداوة، فكنى عن ذلك بحملها الحطب. قوله: "في جيدها حبل من مسد يقال من مسد ليف المقل، وهي السلسلة التي في النار" قلت هما قولان حكاهما الفراء في قوله تعالى: {حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} قال: هي السلسلة التي في النار، ويقال المسد ليف المقل. وأخرج الفريابي من طريق مجاهد قال في قوله: {حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} قال: من حديد. قال أبو عبيدة. في عنقها حبل من نار، والمسد عند العرب حبال من ضروب.
(8/738)