باب أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ 2
 
"عبد الطاغوت". وقد أنكر ابن قتيبة أن يكون في القرآن كلمة تقرأ على سبعة أوجه، ورد عليه ابن الأنباري بمثل "عبد الطاغوت، ولا تقل لهما أف، وجبريل" ويدل على ما قرره أنه أنزل أولا بلسان قريش ثم سهل على الأمة أن يقرءوه بغير لسان قريش وذلك بعد أن كثر دخول العرب في الإسلام، فقد ثبت أن ورود التخفيف بذلك كان بعد الهجرة كما تقدم في حديث أبي بن كعب "أن جبريل لقي النبي صلى الله عليه وسلم وهو عند أضاة بني غفار فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف، فقال : أسأل الله معافاته ومغفرته، فإن أمتي لا تطيق ذلك" الحديث أخرجه مسلم، وأضاة بني غفار هي بفتح الهمزة والضاد المعجمة بغير همز وآخره تاء تأنيث، هو مستنقع الماء كالغدير، وجمعه أضا كعصا، وقيل بالمد والهمز مثل إناء، وهو موضع بالمدينة النبوية ينسب إلى بني غفار بكسر المعجمة وتخفيف الفاء لأنهم نزلوا عنده. وحاصل ما ذهب إليه هؤلاء أن معنى قوله: "أنزل القرآن على سبعة أحرف" أي أنزل موسعا على القارئ أن يقرأه على سبعة أوجه، أي يقرأ بأي حرف أراد منها على البدل من صاحبه، كأنه قال أنزل على هذا الشرط أو على هذه التوسعة وذلك لتسهيل قراءته، إذ لو أخذوا بأن يقرءوه على حرف واحد لشق عليهم كما تقدم. قال ابن قتيبة في أول "تفسير المشكل" له: كان من تيسير الله أن أمر نبيه أن يقرأ كل قوم بلغتهم، فالهذلي يقرأ حتى حين يريد "حتى حين" والأسدي يقرأ تعلمون بكسر أوله، والتميمي يهمز والقرشي لا يهمز، قال ولو أراد كل فريق منهم أن يزول عن لغته وما جرى عليه لسانه طفلا وناشئا وكهلا لشق عليه غاية المشقة، فيسر عليهم ذلك بمنه، ولو كان المراد أن كل كلمة منه تقرأ على سبعة أوجه لقال مثلا أنزل سبعة أحرف، وإنما المراد أن يأتي في الكلمة وجه أو وجهان أو ثلاثة أو أكثر إلى سبعة. وقال ابن عبد البر: أنكر أكثر أهل العلم أن يكون معنى الأحرف اللغات، لما تقدم من اختلاف هشام وعمر ولغتهما واحدة، قالوا: وإنما المعنى سبعة أوجه من المعاني المتفقة بالألفاظ المختلفة، نحو أقبل وتعال وهلم. ثم ساق الأحاديث الماضية الدالة على ذلك. قلت: ويمكن الجمع بين القولين بأن يكون المراد بالأحرف تغاير الألفاظ مع اتفاق المعنى مع انحصار ذلك في سبع لغات، لكن لاختلاف القولين فائدة أخرى، وهي ما نبه عليه أبو عمرو الداني أن الأحرف السبعة ليست متفرقة في القرآن كلها ولا موجودة فيه في ختمة واحدة، فإذا قرأ القارئ برواية واحدة فإنما قرأ ببعض الأحرف السبعة لا بكلها، وهذا إنما يتأتى على القول بأن المراد بالأحرف اللغات، وأما قول من يقول بالقول الآخر فيتأتى ذلك في ختمة واحدة بلا ريب، بل يمكن على ذلك القول أن تصل الأوجه السبعة في بعض القرآن كما تقدم. وقد حمل ابن قتيبة وغيره العدد المذكور على الوجوه التي يقع بها التغاير في سبعة أشياء: الأول ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته، مثل {وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ} بنصب الراء ورفعها. الثاني ما يتغير بتغير الفعل مثل {بعد بين أسفارنا} و {بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا} بصيغة الطلب والفعل الماضي. الثالث ما يتغير بنقط بعض الحروف المهملة مثل "ثم ننشرها بالراء والزاي". الرابع ما يتغير بإبدال حرف قريب من مخرج الآخر مثل {وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ} في قراءة على وطلع منضود. الخامس ما يتغير بالتقديم والتأخير مثل {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} في قراءة أبي بكر الصديق وطلحة بن مصرف وزين العابدين {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ}. السادس ما يتغير بزيادة أو نقصان كما تقدم في التفسير عن ابن مسعود وأبي الدرداء {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى -والذكر والأنثى} هذا في النقصان، وأما في الزيادة فكما تقدم في تفسير {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} في
(9/28)

حديث ابن عباس "وأنذر عشيرتك الأقربين، ورهطك منهم المخلصين". السابع ما يتغير بإبدال كلمة بكلمة ترادفها مثل "العهن المنفوش" في قراءة ابن مسعود وسعيد بن جبير كالصوف المنفوش، وهذا وجه حسن لكن استبعده قاسم بن ثابت في "الدلائل" لكون الرخصة في القراءات إنما وقعت وأكثرهم يومئذ لا يكتب ولا يعرف الرسم، وإنما كانوا يعرفون الحروف بمخارجها. قال: وأما ما وجد من الحروف المتباينة المخرج المتفقة الصورة مثل "ننشرها وننشرها" فإن السبب في ذلك تقارب معانيها، واتفق تشابه صورتها في الخط. قلت: ولا يلزم من ذلك توهين ما ذهب إليه ابن قتيبة، لاحتمال أن يكون الانحصار المذكور في ذلك وقع اتفاقا، وإنما اطلع عليه بالاستقراء، وفي ذلك من الحكمة البالغة ما لا يخفى. وقال أبو الفضل الرازي: الكلام لا يخرج عن سبعة أوجه في الاختلاف: الأول اختلاف الأسماء من إفراد وتثنية وجمع أو تذكير وتأنيث. الثاني اختلاف تصريف الأفعال من ماض ومضارع وأمر، الثالث وجوه الإعراب، الرابع النقص والزيادة، الخامس التقديم والتأخير، السادس الإبدال، السابع اختلاف اللغات كالفتح والإمالة والترقيق والتفخيم والإدغام والإظهار ونحو ذلك. قلت: وقد أخذ كلام ابن قتيبة ونقحه. وذهب قوم إلى أن السبعة الأحرف سبعة أصناف من الكلام، واحتجوا بحديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كان الكتاب الأول ينزل من باب واحد على حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف: زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به وانتهوا عما نهيتم عنه، واعتبروا بأمثاله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه وقولوا آمنا به كل من عند ربنا" أخرجه أبو عبيد وغيره، قال ابن عبد البر: هذا حديث لا يثبت، لأنه من رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن مسعود ولم يلق ابن مسعود، وقد رده قوم من أهل النظر منهم أبو جعفر أحمد بن أبي، عمران. قلت: وأطنب الطبري في مقدمة تفسيره في الرد على من قال به، وحاصله أنه يستحيل أن يجتمع في الحرف الواحد هذه الأوجه السبعة. وقد صحح الحديث المذكور ابن حبان والحاكم، وفي تصحيحه نظر لانقطاعه بين أبي سلمة وابن مسعود. وقد أخرجه البيهقي من وجه آخر عن الزهري عن أبي سلمة مرسلا وقال هذا مرسل جيد، ثم قال: إن صح فمعنى قوله في هذا الحديث: "سبعة أحرف" أي سبعة أوجه كما فسرت في الحديث، وليس المراد الأحرف السبعة التي تقدم ذكرها في الأحاديث الأخرى، لأن سياق تلك الأحاديث يأبى حملها على هذا، بل هي ظاهرة في أن المراد أن الكلمة الواحدة تقرأ على وجهين وثلاثة وأربعة إلى سبعة تهوينا وتيسيرا، والشيء الواحد لا يكون حراما وحلالا في حالة واحدة. وقال أبو علي الأهوازي وأبو العلاء الهمداني: قوله زاجر وآمر استئناف كلام آخر، أي هو زاجر أي القرآن؛ ولم يرد به تفسير الأحرف السبعة، وإنما توهم ذلك من توهمه من جهة الاتفاق في العدد. ويؤيده أنه جاء في بعض طرقه زاجرا وآمرا إلخ بالنصب أي نزل على هذه الصفة من الأبواب السبعة. وقال أبو شامة: يحتمل أن يكون التفسير المذكور للأبواب لا للأحرف، أي هي سبعة أبواب من أبواب الكلام وأقسامه، وأنزله الله على هذه الأصناف لم يقتصر منها على صنف واحد كغيره من الكتب. قلت: ومما يوضح أن قوله زاجر وآمر إلخ ليس تفسيرا للأحرف السبعة ما وقع في مسلم من طريق يونس عن ابن شهاب عقب حديث ابن عباس الأول من حديثي هذا الباب: قال ابن شهاب بلغني أن تلك الأحرف السبعة إنما هي في الأمر الذي يكون واحدا لا يختلف في حلال ولا حرام، قال أبو شامة: وقد اختلف السلف في الأحرف
(9/29)

السبعة التي نزل بها القرآن هل هي مجموعة في المصحف الذي بأيدي الناس اليوم أو ليس فيه إلا حرف واحد منها، مال ابن الباقلاني إلى الأول، وصرح الطبري وجماعة بالثاني وهو المعتمد. وقد أخرج ابن أبي داود في "المصاحف" عن أبي الطاهر بن أبي السرح قال: سألت ابن عيينة عن اختلاف قراءة المدنيين والعراقيين هل هي الأحرف السبعة؟ قال: لا، وإنما الأحرف السبعة مثل هلم وتعال وأقبل، أي ذلك قلت أجزأك. قال وقال لي ابن وهب مثله. والحق أن الذي جمع في المصحف هو المتفق على إنزاله المقطوع به المكتوب بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه بعض ما اختلف فيه الأحرف السبعة لا جميعها، كما وقع في المصحف المكي "تجري من تحتها الأنهار" في آخر براءة وفي غيره بحذف "من" وكذا ما وقع من اختلاف مصاحف الأمصار من عدة واوات ثابتة بعضها دون بعض، وعدة هاءات وعدة لامات ونحو ذلك، وهو محمول على أنه نزل بالأمرين معا، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابته لشخصين أو أعلم بذلك شخصا واحد وأمره بإثباتهما على الوجهين، وما عدا ذلك من القراءات مما لا يوافق الرسم فهو مما كانت القراءة جوزت به توسعة على الناس وتسهيلا؛ فلما آل الحال إلى ما وقع من الاختلاف في زمن عثمان وكفر بعضهم بعضا اختاروا الاقتصار على اللفظ المأذون في كتابته وتركوا الباقي. قال الطبري: وصار ما اتفق عليه الصحابة من الاقتصار كمن اقتصر مما خير فيه على خصلة واحدة، لأن أمرهم بالقراءة على الأوجه المذكورة لم يكن على سبيل الإيجاب بل على سبيل الرخصة. قلت: ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الباب: "فاقرءوا ما تيسر منه" وقد قرر الطبري ذلك تقريرا أطنب فيه ووهى من قال بخلافه، ووافقه على ذلك جماعة منهم أبو العباس بن عمار في "شرح الهداية" وقال: أصح ما عليه الحذاق أن الذي يقرأ الآن بعض الحروف السبعة المأذون في قراءتها لا كلها، وضابطه ما وافق رسم المصحف، فأما ما خالفه مثل "أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج" ومثل "إذا جاء فتح الله والنصر" فهو من تلك القراءات التي تركت إن صح السند بها، ولا يكفي صحة سندها في إثبات كونها قرآنا، ولا سيما والكثير منها مما يحتمل أن يكون من التأويل الذي قرن إلى التنزيل فصار يظن أنه منه. وقال البغوي في "شرح السنة" : المصحف الذي استقر عليه الأمر هو آخر العرضات على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر عثمان بنسخه في المصاحف وجمع الناس عليه، وأذهب ما سوى ذلك قطعا لمادة الخلاف، فصار ما يخالف خط المصحف في حكم المنسوخ والمرفوع كسائر ما نسخ ورفع، فليس لأحد أن يعدو في اللفظ إلى ما هو خارج عن الرسم وقال أبو شامة: ظن قوم أن القراءات السبع الموجودة الآن هي التي أريدت في الحديث وهو خلاف إجماع أهل العلم قاطبة، وإنما يظن ذلك بعض أهل الجهل. وقال ابن عمار أيضا: لقد فعل مسبع هذه السبعة ما لا ينبغي له، وأشكل الأمر على العامة بإيهامه كل من قل نظره أن هذه القراءات هي المذكورة في الخبر، وليته إذ اقتصر نقص عن السبعة أو زاد ليزيل الشبهة، ووقع له أيضا في اقتصاره عن كل إمام على راويين أنه صار من سمع قراءة راو ثالث غيرهما أبطلها وقد تكون هي أشهر وأصح وأظهر وربما بالغ من لا يفهم فخطأ أو كفر. وقال أبو بكر بن العربي: ليست هذه السبعة متعينة للجواز حتى لا يجوز غيرها كقراءة أبي جعفر وشيبة والأعمش ونحوهم، فإن هؤلاء مثلهم أو فوقهم. وكذا قال غير واحد منهم مكي بن أبي طالب وأبو العلاء الهمداني وغيرهم من أئمة القراء. وقال أبو حيان: ليس في كتاب ابن مجاهد ومن تبعه من القراءات المشهورة إلا النزر اليسير، فهذا أبو عمرو بن العلاء اشتهر عنه سبعة عشر راويا، ثم ساق أسماءهم. واقتصر في كتاب ابن مجاهد على اليزيدي، واشتهر عن اليزيدي عشرة أنفس فكيف
(9/30)

يقتصر على السوسي والدوري وليس لهما مزية على غيرهما لأن الجميع مشتركون في الضبط والإتقان والاشتراك في الأخذ، قال: ولا أعرف لهذا سببا إلا ما قضى من نقص العلم فاقتصر هؤلاء على السبعة ثم اقتصر من بعدهم من السبعة على النزر اليسير. وقال أبو شامة: لم يرد ابن مجاهد ما نسب إليه، بل أخطأ من نسب إليه ذلك، وقد بالغ أبو طاهر بن أبي هاشم صاحبه في الرد على من نسب إليه أن مراده بالقراءات السبع الأحرف السبعة المذكورة في الحديث، قال ابن أبي هشام: إن السبب في اختلاف القراءات السبع وغيرها أن الجهات التي وجهت إليها المصاحف كان بها من الصحابة من حمل عنه أهل تلك الجهة، وكانت المصاحف خالية من النقط والشكل، قال فثبت أهل كل ناحية على ما كانوا تلقوه سماعا عن الصحابة بشرط موافقة الخط، وتركوا ما يخالف الخط، امتثالا لأمر عثمان الذي وافقه عليه الصحابة لما رأوا في ذلك من الاحتياط للقرآن، فمن ثم نشأ الاختلاف بين قراء الأمصار مع كونهم متمسكين بحرف واحد من السبعة. وقال مكي بن أبي طالب: هذه القراءات التي يقرأ بها اليوم وصحت رواياتها عن الأئمة جزء من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن. ثم ساق نحو ما تقدم قال: وأما من ظن أن قراءة هؤلاء القراء كنافع وعاصم هي الأحرف السبعة التي في الحديث فقد غلط غلطا عظيما، قال: ويلزم من هذا أن ما خرج عن قراءة هؤلاء السبعة مما ثبت عن الأئمة غيرهم ووافق خط المصحف أن لا يكون قرآنا، وهذا غلط عظيم، فإن الذين صنفوا القراءات من الأئمة المتقدمين - كأبي عبيد القاسم بن سلام، وأبي حاتم السجستاني، وأبي، جعفر الطبري، وإسماعيل بن إسحاق، والقاضي - قد ذكروا أضعاف هؤلاء قلت: اقتصر أبو عبيدة في كتابه على خمسة عشر رجلا من كل مصر ثلاثة أنفس فذكر من مكة ابن كثير وابن محيصن، وحميدا الأعرج ومن أهل المدينة: أبا جعفر وشيبة ونافعا ومن أهل البصرة، أبا عمرو، وعيسى بن عمر، وعبد الله بن أبي إسحاق، ومن أهل الكوفة: يحيى بن وثاب، وعاصما، والأعمش ومن أهل الشام: عبد الله بن عامر، ويحيى بن الحارث. قال وذهب عني اسم الثالث ولم يذكر في الكوفيين حمزة، ولا الكسائي بل قال: إن جمهور أهل الكوفة بعد الثلاثة صاروا إلى قراءة حمزة ولم يجتمع عليه جماعتهم قال: وأما الكسائي فكان يتخير القراءات. فأخذ من قراءة الكوفيين بعضا وترك بعضا وقال بعد أن ساق أسماء من نقلت عنه القراءة من الصحابة والتابعين. فهؤلاء هم الذين يحكي عنهم عظم القراءة وإن كان الغالب عليهم الفقه والحديث، قال: ثم قام بعدهم بالقراءات قوم ليست لهم أسنانهم ولا تقدمهم غير أنهم تجردوا للقراءة واشتدت عنايتهم بها وطلبهم لها حتى صاروا بذلك أئمة يقتدي الناس بهم فيها فذكرهم، وذكر أبو حاتم زيادة على عشرين رجلا ولم يذكر فيهم ابن عامر ولا حمزة ولا الكسائي، وذكر الطبري في كتابه اثنين وعشرين رجلا، قال مكي: وكان الناس على رأس المائتين بالبصرة على قراءة أبي عمرو ويعقوب، وبالكوف على قراءة حمزة وعاصم وبالشام على قراءة ابن عامر، وبمكة على قراءة ابن كثير، وبالمدينة على قراءة نافع، واستمروا على ذلك. فلما كان على رأس الثلاثمائة أثبت ابن مجاهد اسم الكسائي وحذف يعقوب، قال: والسبب في الاقتصار على السبعة مع أن في أئمة القراء من هو أجل منهم قدرا ومثلهم أكثر من عددهم أن الرواة عن الأئمة كانوا كثيرا جدا، فلما تقاصرت الهمم اقتصروا - مما يوافق خط المصحف - على ما يسهل حفظه وتنضبط القراءة به، فنظروا إلى من اشتهر بالثقة والأمانة وطول العمر في ملازمة القراءة والاتفاق على الأخذ عنه فأفردوا من كل مصر إماما واحدا، ولم يتركوا مع ذلك نقل ما كان عليه الأئمة غير هؤلاء من القراءات ولا القراءة به كقراءة يعقوب وعاصم الجحدري وأبي
(9/31)

جعفر وشيبة وغيرهم، قال وممن اختار من القراءات كما اختار الكسائي أبو عبيد وأبو حاتم والمفضل وأبو جعفر الطبري وغيرهم وذلك واضح في تصانيفهم في ذلك، وقد صنف ابن جبير المكي وكان قبل ابن مجاهد كتابا في القراءات فاقتصر على خمسة اختار من كل مصر إماما، وإنما اقتصر على ذلك لأن المصاحف التي أرسلها عثمان كانت خمسة إلى هذه الأمصار، ويقال إنه وجه بسبعة هذه الخمسة ومصحفا إلى اليمن ومصحفا إلى البحرين لكن لم نسمع لهذين المصحفين خبرا، وأراد ابن مجاهد وغيره مراعاة عدد المصاحف فاستبدلوا من غير البحرين واليمن قارئين يكمل بهما العدد فصادف ذلك موافقة العدد الذي ورد الخبر بها وهو أن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فوقع ذلك لمن لم يعرف أصل المسألة ولم يكن له فطنة فظن أن المراد بالقراءات السبع الأحرف السبعة، ولا سيما وقد كثر استعمالهم الحرف في موضع القراءة فقالوا: قرأ بحرف نافع بحرف ابن كثير، فتأكد الظن بذلك، وليس الأمر كما ظنه، والأصل المعتمد عليه عند الأئمة في ذلك أنه الذي يصح سنده في السماع ويستقيم وجهه في العربية ويوافق خط المصحف، وربما زاد بعضهم الاتفاق عليه ونعني بالاتفاق كما قال مكي بن أبي طالب ما اتفق عليه قراء المدينة والكوفة ولا سيما إذا اتفق نافع وعاصم، قال وربما أرادوا بالاتفاق ما اتفق عليه أهل الحرمين، قال: وأصح القراءات سندا نافع وعاصم، وأفصحها أبو عمرو والكسائي. وقال ابن السمعاني1 في "الشافي" : التمسك بقراءة سبعة من القراء دون غيرهم ليس فيه أثر ولا سنة، وإنما هو من جمع بعض المتأخرين فانتشر رأيهم أنه لا تجوز الزيادة على ذلك قال: وقد صنف غيره في السبع أيضا فذكر شيئا كثيرا من الروايات عنهم غير ما في كتابه، فلم يقل أحد إنه لا تجوز القراءة بذلك لخلو ذلك المصحف عنه. وقال أبو الفضل الرازي في "اللوائح" بعد أن ذكر الشبهة التي من أجلها ظن الأغبياء أن أحرف الأئمة السبعة هي المشار إليها في الحديث وأن الأئمة بعد ابن مجاهد جعلوا القراءات ثمانية أو عشرة لأجل ذلك قال: واقتفيت أثرهم لأجل ذلك وأقول: لو اختار إمام من أئمة القراء حروفا وجرد طريقا في القراءة بشرط الاختيار لم يكن ذلك خارجا عن الأحرف السبعة. وقال الكواشي: كل ما صح سنده واستقام وجهه في العربية ووافق لفظه خط المصحف الإمام فهو من السبعة المنصوصة فعلى هذا الأصل بنى قبول القراءات عن سبعة كانوا أو سبعة آلاف، ومتى فقد شرط من الثلاثة فهو الشاذ قلت: وإنما أوسعت القول في هذا لما تجدد في الأعصار المتأخرة من توهم أن القراءات المشهورة منحصرة في مثل "التيسير" والشاطبية، وقد اشتد إنكار أئمة هذا الشأن على من ظن ذلك كأبي شامة وأبي حيان، وآخر من صرح بذلك السبكي فقال في "شرح المنهاج" عند الكلام على القراءة بالشاذ صرح كثير من الفقهاء بأن ما عدا السبعة شاذ توهما منه انحصار المشهور فيها، والحق أن الخارج عن السبعة على قسمين: الأول ما يخالف رسم المصحف فلا شك في أنه ليس بقرآن، والثاني ما لا يخالف رسم المصحف وهو على قسمين أيضا: الأول ما ورد من طريق غريبة فهذا ملحق بالأول، والثاني ما اشتهر عند أئمة هذا الشأن القراءة به قديما وحديثا فهذا لا وجه للمنع منه كقراءة يعقوب وأبي جعفر وغيرهما. ثم نقل كلام البغوي وقال: هو أولى من يعتمد عليه في ذلك، فإنه فقيه محدث مقرئ. ثم قال: وهذا التفصيل بعينه وارد في الروايات عن السبعة، فإن عنهم شيئا كثيرا من الشواذ وهو الذي لم يأت إلا
ـــــــ
1 في نسخة أخرى: قال إسماعيل الخ.
(9/32)

من طريق غريبة وإن اشتهرت القراءة من ذلك المنفرد. وكذا قال أبو شامة. ونحن وإن قلنا إن القراءات الصحيحة إليهم نسبت وعنهم نقلت فلا يلزم أن جميع ما نقل عنهم بهذه الصفة، بل فيه الضعيف لخروجه عن الأركان الثلاثة: ولهذا ترى كتب المصنفين مختلفة في ذلك، فالاعتماد في غير ذلك على الضابط المتفق عليه. "فصل" لم أقف في شيء من طرق حديث عمر على تعيين الأحرف التي اختلف فيها عمر وهشام من سورة الفرقان. وقد زعم بعضهم فيما حكاه ابن التين أنه ليس في هذه السورة عند القراء خلاف فيما ينقص من خط المصحف سوى قوله: {وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً} وقرئ "سرجا" جمع سراج، قال: وباقي ما فيها من الخلاف لا يخالف خط المصنف. قلت: وقد تتبع أبو عمر بن عبد البر ما اختلف فيه القراء من ذلك من لدن الصحابة ومن بعدهم من هذه السورة، فأوردته ملخصا وزدت عليه قدر ما ذكره وزيادة على ذلك، وفيه تعقب على ما حكاه ابن التين في سبعة مواضع أو أكثر، قوله: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ} قرأ أبو الجوزاء وأبو السوار "أنزل" بألف. قوله: {عَلَى عَبْدِهِ} قرأ عبد الله بن الزبير وعاصم الجحدري "على عباده" ومعاذ أبو حليمة وأبو نهيك "على عبيده". قوله: {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا} قرأ طلحة بن مصرف ورويت عن إبراهيم النخعي بضم المثناة الأولى وكسر الثانية مبنيا للمفعول، وإذا ابتدأ ضم أوله. قوله: {مَلَكٌ فَيَكُونَ} قرأ عاصم الجحدري وأبو المتوكل ويحيى بن يعمر "فيكون" بضم النون. قوله: {أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ} قرأ الأعمش وأبو حصين "يكون" بالتحتانية. قوله: {يَأْكُلُ مِنْهَا} قرأ الكوفيون سوى عاصم "نأكل" بالنون ونقله في الكامل عن القاسم وابن سعد وابن مقسم. قوله: {وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً} قرأ ابن كثير وابن عامر وحميد وتبعهم أبو بكر وشيبان عن عاصم وكذا محجوب عن أبي عمرو وورش "يجعل" برفع اللام والباقون بالجزم عطفا على محل جعل وقيل لإدغامها، وهذا يجري على طريقة أبي عمرو بن العلاء، وقرأ بنصب اللام عمر بن ذر وابن أبي عبلة وطلحة ابن سليمان وعبد الله بن موسى، وذكرها الفراء جوازا على إضمار إن ولم ينقلها، وضعفها ابن جني. قوله: {مَكَاناً ضَيِّقاً} قرأ ابن كثير والأعمش وعلى بن نصر ومسلمة بن محارب بالتخفيف، ونقلها عقبة بن يسار عن أبي عمرو أيضا. قوله: {مُقَرَّنِينَ} قرأ عاصم الجحدري ومحمد بن السميفع "مقرنون". قوله: {ثُبُوراً} قرأ المذكوران بفتح المثلثة. قوله: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ} قرأ ابن كثير وحفص عن عاصم وأبو جعفر ويعقوب والأعرج والجحدري وكذا الحسن وقتادة والأعمش على اختلاف عنهم بالتحتانية وقرأ الأعرج1 بكسر الشين، قال ابن جني وهي قوية في القياس متروكة في الاستعمال. قوله: {وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} قرأ ابن مسعود وأبو نهيك وعمر بن ذر " وما يعبدون من دوننا". قوله: {فَيَقُولُ} قرأ ابن عامر وطلحة ابن مصرف وسلام وابن حسان وطلحة بن سليمان وعيسى بن عمر وكذا الحسن وقتادة على اختلاف عنهما ورويت عن عبد الوارث عن أبي عمرو بالنون. قوله: {مَا كَانَ يَنْبَغِي} قرأ أبو عيسى الأسواري وعاصم الجحدري بضم الياء وفتح الغين. قوله: {أَنْ نَتَّخِذَ} قرأ أبو الدرداء وزيد بن ثابت والباقر وأخوه زيد وجعفر الصادق ونصر بن علقمة ومكحول وشيبة وحفص ابن حميد وأبو جعفر القارئ وأبو حاتم السجستاني والزعفران - وروى عن مجاهد - وأبو رجاء
ـــــــ
1 في نسخة الأعمش
(9/33)

والحسن بضم أوله وفتح الخاء على البناء للمفعول، وأنكرها أبو عبيد وزعم الفراء أن أبا جعفر تفرد بها. قوله: {فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ} حكى القرطبي أنها قرئت بالتخفيف. قوله: {بِمَا تَقُولُونَ} قرأ ابن مسعود ومجاهد وسعيد بن جبير والأعمش وحميد بن قيس وابن جريج وعمر بن ذر وأبو حيوة ورويت عن قنبل بالتحتانية. قوله: "فما يستطيعون" قرأ حفص في الأكثر عنه عن عاصم بالفوقانية وكذا الأعمش وطلحة بن مصرف وأبو حيوة. قوله: {وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ} قرى "يذقه" بالتحتانية. قوله {إِلَّا إِنَّهُمْ} قرئ "أنهم" بفتح الهمزة والأصل لأنهم فحذفت اللام، نقل هذا والذي قبله من "إعراب السمين". قوله: {وَيَمْشُونَ} قرأ علي وابن مسعود وابنه عبد الرحمن وأبو عبد الرحمن السلمي بفتح الميم وتشديد الشين مبنيا للفاعل وللمفعول أيضا. قوله: {حِجْراً مَحْجُوراً} قرأ الحسن والضحاك وقتادة وأبو رجاء والأعمش "حجرا" بضم أوله وهي لغة، وحكى أبو البقاء الفتح عن بعض المصريين ولم أر من نقلها قراءة. قوله :{وَيَوْمَ تَشَقَّقُ} قرأ الكوفيون وأبو عمر والحسن في المشهور عنهما وعمرو بن ميمون ونعيم بن ميسرة بالتخفيف، وقرأ الباقون بالتشديد ووافقهم عبد الوارث ومعاذ عن أبي عمرو وكذا محبوب وكذا الحمصي من الشاميين في نقل الهذلي. قوله: {وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ} قرأ الأكثر بضم النون وتشديد الزاي وفتح اللام الملائكة بالرفع، وقرأ خارجة بن مصعب عن أبي عمرو ورويت عن معاذ أبي حليمة بتخفيف الزاي وضم اللام، والأصل تنزل الملائكة فحذفت تخفيفا، وقرأ أبو رجاء ويحيى بن يعمر وعمر بن ذر ورويت عن ابن مسعود ونقلها ابن مقسم عن المكي واختارها الهذلي بفتح النون وتشديد الزاي وفتح اللام على البناء للفاعل الملائكة بالنصب، وقرأ جناح بن حبيش والخفاف عن أبي عمرو بالتخفيف الملائكة بالرفع على البناء للفاعل، ورويت عن الخفاف على البناء للمفعول أيضا، وقرأ ابن كثير في المشهور عنه وشعيب عن أبي عمرو "وننزل" بنونين الثانية خفيفة الملائكة بالنصب، وقرئ بالتشديد عن ابن كثير أيضا، وقرأ هارون عن أبي عمرو بمثناة أوله وفتح النون وكسر الزاي الثقيلة الملائكة بالرفع أي تنزل ما أمرت به، وروي عن أبي بن كعب مثله لكن بفتح الزاي وقرأ أبو السمال وأبو الأشهب كالمشهور عن ابن كثير لكن بألف أوله، وعن أبي بن كعب "نزلت: بفتح وتخفيف وزيادة مثناة في آخره، وعنه مثله لكن بضم أوله مشددا، وعنه "تنزلت: بمثناة في أوله وفي آخره بوزن تفعلت. قوله: {يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ} قرأ أبو عمرو بفتح الياء الأخيرة من {لَيْتَنِي} قوله: {يَا وَيْلَتَى} قرأ الحسن بكسر المثناة بالإضافة، ومنهم من أمال. قوله: {إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا} قرأ أبو عمرو وروح وأهل مكة - إلا رواية ابن مجاهد عن قنبل - بفتح الياء "من قومي". قوله:{لِنُثَبِّتَ}قرأ ابن مسعود بالتحتانية بدل النون، وكذا روى عن حميد ابن قيس وأبي حصين وأبي عمران الجوني. قوله: {فَدَمَّرْنَاهُمْ} قرأ علي ومسلمة بن محارب" فدمرانهم" بكسر الميم وفتح الراء وكسر النون الثقيلة بينهما ألف تثنية، وعن علي بغير نون، والخطاب لموسى وهارون. قوله: {وَعَاداً وَثَمُودَ} قرأ حمزة ويعقوب وحفص وثمود بغير صرف. قوله: {أُمْطِرَتْ} قرأ معاذ أبو حليمة وزيد بن علي وأبو نهيك "مطرت" بضم أوله وكسر الطاء مبنيا للمفعول، وقرأ ابن مسعود "أمطروا" وعنه "أمطرناهم". قوله: {مَطَرَ السَّوْءِ} قرأ أبو السمال وأبو العالية وعاصم الجحدري بضم السين، وأبو السمال أيضا مثله بغير همز. وقرأ علي وحفيده زين العابدين وجعفر بن محمد بن زين العابدين بفتح السين وتشديد الواو بلا همز. وكذا قرأ الضحاك لكن بالتخفيف. قوله: {هُزُواً} قرأ حمزة وإسماعيل بن جعفر والمفضل بإسكان الزاي
(9/34)

وحفص بالضم بغير همز. قوله: {أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ} قرأ ابن مسعود وأبي بن كعب "اختاره الله من بيننا". قوله: "عن آلهتنا" قرأ ابن مسعود وأبي عن عبادة آلهتنا. قوله: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ} قرأ ابن مسعود بمد الهمزة وكسر اللام والتنوين بصيغة الجمع، وقرأ الأعرج بكسر أوله وفتح اللام بعدها ألف وهاء تأنيث وهو اسم الشمس، وعنه بضم أوله أيضا. قوله: {أَمْ تَحْسَبُ} قرأ الشامي بفتح السين. قوله: {أَوْ يَعْقِلُونَ} قرأ ابن مسعود "أو يبصرون" قوله: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ} قرأ ابن مسعود "جعل" قوله: " {الرِّيَاحِ} قرأ ابن كثير وابن محيصن والحسن "الريح" . قوله :" نشرا" اقرأ ابن عامر وقتادة وأبو رجاء وعمرو بن ميمون بسكون الشين، وتابعهم هارون الأعور وخارجة بن مصعب كلاهما عن أبي عمرو، وقرأ الكوفيون سوى عاصم وطائفة بفتح أوله ثم سكون، وكذا قرأ الحسن وجعفر بن محمد والعلاء بن شبابة، وقرأ عاصم بموحدة بدل النون، وتابعه عيسى الهمداني وأبان بن ثعلب، وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي في رواية وابن السميفع بضم الموحدة مقصور بوزن حبلى قوله: {لِنُحْيِيَ بِهِ} قرأ ابن مسعود "لننشر به". قوله :{مَيْتاً} قرأ أبو جعفر بالتشديد. قوله: {وَنُسْقِيَهُ} قرأ أبو عمرو وأبو حيوة وابن أبي عبلة بفتح النون، وهي رواية عن أبي عمرو وعاصم والأعمش. قوله: {وَأَنَاسِيَّ} قرأ يحيى بن الحارث بتخفيف آخره، وهي رواية عن الكسائي وعن أبي بكر بن عياش وعن قتيبة الميال وذكرها الفراء جوازا لا نقلا. قوله: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ} قرأ عكرمة بتخفيف الراء. قوله: {لِيَذَّكَّرُوا} قرأ الكوفيون سوى عاصم بسكون الدال مخففا. قوله: {وَهَذَا مِلْحٌ } قرأ أبو حصين وأبو الجوزاء وأبو المتوكل وأبو حيوة وعمر بن ذر ونقلها الهذلي عن طلحة بن مصرف، ورويت عن الكسائي وقتيبة الميال بفتح الميم وكسر اللام، واستنكرها أبو حاتم السجستاني. وقال ابن جني يجوز أن يكون أراد مالح فحذف الألف تخفيفا قال: مع أن مالح ليست فصيحة. قوله: {وَحِجْراً} تقدم، قوله: {الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ} قرأ زيد بن علي بجر النون نعتا للحي، وابن معدان بالنصب قال على المدح. قوله: {فَاسْأَلْ بِهِ} قرأ المكيون والكسائي وخلف وأبان بن يزيد وإسماعيل بن جعفر، ورويت عن أبي عمرو وعن نافع "فسل به" بغير همز. قوله: "لما تأمرنا" قرأ الكوفيون بالتحتانية، لكن اختلف عن حفص، وقرأ ابن مسعود "لما تأمرنا به". قوله: "سراجا" قرأ الكوفيون سوى عاصم {سِرَاجاً} بضمتين، لكن سكن الراء الأعمش ويحيى بن وثاب وأبان بن ثعلب والشيرازي. قوله: "وقمر" قرأ الأعمش وأبو حصين والحسن ورويت عن عاصم بضم القاف وسكون الميم، وعن الأعمش أيضا فتح أوله. قوله: {أَنْ يُذْكَرَ} قرأ حمزة بالتخفيف وأبي بن كعب يتذكر ورويت عن علي وابن مسعود وقرأها أيضا إبراهيم النخعي ويحيى بن وثاب والأعمش وطلحة بن مصرف وعيسى الهمداني والباقر وأبوه وعبد الله بن إدريس ونعيم ابن ميسرة. قوله: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ} قرأ أبي بن كعب بضم العين وتشديد الموحدة، والحسن بضمتين بغير ألف وأبو المتوكل وأبو نهيك وأبو الجوزاء بفتح ثم كسر ثم تحتانية ساكنة قوله: {يَمْشُونَ} قرأ علي ومعاذ القارئ وأبو عبد الرحمن السلمي وأبو المتوكل وأبو نهيك وابن السميفع بالتشديد مبنيا للفاعل" وعاصم الجحدري وعيسى بن، عمر مبنيا للمفعول. قوله: {سُجَّداً} قرأ إبراهيم النخعي "سجودا". قوله: {وَمُقَاماً} قرأ أبو زيد بفتح الميم. قوله: {وَلَمْ يَقْتُرُوا} قرأ ابن عامر والمدنيون هي رواية أبي عبد الرحمن السلمي عن علي وعن الحسن وأبي رجاء ونعيم بن ميسرة والمفضل والأزرق والجعفي وهي رواية عن أبي بكر بضم أوله من الرباعي
(9/35)

وأنكرها أبو حاتم، وقرأ الكوفيون إلا من تقدم منهم وأبو عمرو في رواية بفتح أوله وضم التاء، وقرأ عاصم الجحدري وأبو حيوة وعيسى بن عمر وهي رواية عن أبي عمرو أيضا بضم أوله وفتح القاف وتشديد التاء والباقون بفتح أوله. وكسر التاء. قوله: {قَوَاماً} قرأ حسان بن عبد الرحمن صاحب عائشة بكسر القاف، وأبو حصين وعيسى بن عمر بتشديد الواو مع فتح القاف. قوله: {يَلْقَ أَثَاماً} قرأ ابن مسعود وأبو رجاء "يلقى" بإشباع القاف، وقرأ عمر بن ذر بضم أوله وفتح اللام وتشديد القاف بغير إشباع. قوله: {يُضَاعِفُ} قرأ أبو بكر عن عاصم برفع الفاء، وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو جعفر وشيبة ويعقوب يضعف بالتشديد. وقرأ طلحة بن سليمان بالنون، "العذاب" بالنصب. قوله: {َيَخْلُدْ} قرأ ابن عامر والأعمش وأبو بكر عن عاصم بالرفع. وقرأ أبو حيوة بضم أوله وفتح الخاء وتشديد اللام، ورويت عن الجعفي عن شعبة ورويت عن أبي عمرو لكن بتخفيف اللام، وقرأ طلحة بن مصرف ومعاذ القارئ وأبو المتوكل وأبو نهيك وعاصم الجحدري بالمثناة مع الجزم على الخطاب. قوله: {فِيهِ مُهَاناً} قرأ ابن كثير بإشباع الهاء من "فيه:" حيث جاء، وتابعه حفص عن عاصم هنا فقط. قوله: "وذريتنا" قرأ أبو عمرو والكوفيون سوى رواية عن عاصم بالإفراد، والباقون بالجمع. قوله: {قُرَّةَ أَعْيُنٍ} قرأ أبو الدرداء وابن مسعود وأبو هريرة وأبو المتوكل وأبو نهيك وحميد بن قيس وعمر بن ذر "قرأت" بصيغة الجمع. قوله: {يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ} قرأ ابن مسعود "يجزون الجنة". قوله:"ويلقون فيها" قرأ الكوفيون سوى حفص وابن معدان بفتح أوله وسكون اللام، وكذا قرأ النميري عن المفضل. قوله: {فَقَدْ كَذَّبْتُمْ} قرأ ابن عباس وابن مسعود وابن الزبير "فقد كذب الكافرون" وحكى الواقدي عن بعضهم تخفيف الذال. قوله: {فَسَوْفَ يَكُونُ} قرأ أبو السمال وأبو المتوكل وعيسى بن عمر وأبان بن تغلب بالفوقانية. قوله: {لِزَاماً} قرأ أبو السمال بفتح اللام أسنده أبو حاتم السجستاني عن أبي زيد عنه ونقلها الهذلي عن أبان بن تغلب. قال أبو عمر بن عبد البر بعد أن أورد بعض ما أوردته: هذا ما في سورة الفرقان من الحروف التي بأيدي أهل العلم بالقرآن. والله أعلم بما أنكر منها عمر على هشام وما قرأ به عمر، فقد يمكن أن يكون هناك حروف أخرى لم تصل إلي، وليس كل من قرأ بشيء نقل ذلك عنه، ولكن إن فات من ذلك بشيء فهو النزر اليسير. كذا قال، والذي ذكرناه يزيد على ما ذكره مثله أو أكثر، ولكنا لا نتقلد عهدة ذلك، ومع ذلك فنقول يحتمل أن تكون بقيت أشياء لم يطلع عليها، على أني تركت أشياء مما يتعلق بصفة الأداء من الهمز والمد والروم والإشمام ونحو ذلك. ثم بعد كتابتي هذا وإسماعه وقفت على الكتاب الكبير المسمى "بالجامع الأكبر والبحر الأزخر" تأليف شيخ شيوخنا أبي القاسم عيسى بن عبد العزيز اللخمي الذي ذكر أنه جمع فيه سبعة آلاف رواية من طريق غير ما لا يليق. وهو في نحو ثلاثين مجلدة، فالتقطت منه ما لم يتقدم ذكره من الاختلاف فقارب قدر ما كنت ذكرته أولا وقد أوردته على ترتيب السورة قوله: {لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً} قرأ أدهم السدوسي بالمثناة فوق قوله: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً} قرأ سعيد بن يوسف بكسر الهمزة وفتح اللام بعدها ألف قوله: {ويمشي} قرأ العلاء بن شبابة وموسى بن إسحاق بضم أوله وفتح الميم وتشديد الشين المفتوحة، ونقل عن الحجاج بضم أوله وسكون الميم وبالسين المهملة المكسورة وقالوا هو تصحيف. قوله: {إِنْ تَتَّبِعُونَ} قرأ ابن أنعم بتحتانية أوله، وكذا محمد بن جعفر بفتح المثناة الأولى وسكون الثانية. قوله: "فلا يستطيعون" قرأ زهير بن
(9/36)

أحمد بمثناة من فوق. قوله: {جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا} قرأ سالم بن عامر "جنات" بصيغة الجمع. قوله: {مَكَاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ} قرأ عبد الله بن سلام "مقرنين" بالتخفيف وقرأ سهل "مقرنون" بالتخفيف مع الواو. قوله: {أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ} قرأ أبو هشام "أم جنات" بصيغة الجمع. قوله: {عِبَادِي هَؤُلاءِ} قرأها الوليد بن مسلم بتحريك الياء. قوله: {نسُوا الذِّكْرَ} قرأ أبو مالك بضم النون وتشديد السين. قوله: {فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً} قرأ ابن مسعود "فما يستطيعون لكم" وأبي بن كعب "فما يستطيعون لك" حكى ذلك أحمد بن يحيى بن مالك عن عبد الوهاب عن هارون الأعور، وروى عن ابن الأصبهاني عن أبي بكر بن عياش وعن يوسف بن سعيد عن خلف ابن تميم عن زائدة كلاهما عن الأعمش بزيادة "لكم" أيضا. قوله: {وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ} قرأ يحيى بن واضح. "ومن يكذب" بدل يظلم ووزنها، وقرأها أيضا هارون الأعور "يكذب" بالتشديد. قوله: {عَذَاباً كَبِيراً} قرأ شعيب عن أبي حمزة بالمثلثة بدل الموحدة. قوله: {لَوْلا أُنْزِلَ} قرأ جعفر بن محمد بفتح الهمزة والزاي ونصب الملائكة. قوله: {عُتُوّاً كَبِيراً} قرئ "عتيا" بتحتانية بدل الواو، وقرأ أبو إسحاق الكوفي "كثيرا" بالمثلثة بدل الموحدة. قوله: {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ} قرأ عبد الرحمن بن عبد الله "ترون" بالمثناة من فوق. قوله: {وَيَقُولُونَ} قرأ هشيم عن يونس "وتقولون" بالمثناة من فوق أيضا. قوله :{وَقَدِمْنَا} قرأ سعيد بن إسماعيل بفتح الدال. قوله: "إلى ما عملوا من عمل " قرأ الوكيعي "من عمل صالح" بزيادة "صالح". قوله: {هَبَاءً} قرأ محارب بضم الهاء مع المد، وقرأ نصر بن يوسف بالضم والقصر والتنوين، وقرأ ابن دينار كذلك لكن بفتح الهاء. قوله: {مُسْتَقَرّاً} قرأ طلحة بن موسى بكسر القاف. قوله: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ} قرأ أبو ضمام "ويوم" بالرفع والتنوين، وأبو وجرة بالرفع بلا تنوين، وقرأ عصمة عن الأعمش يوم "يرون السماء تشقق" بحذف الواو وزيادة يرون. قوله: {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ} قرأ سليمان بن إبراهيم "الملك" بفتح الميم وكسر اللام. قوله: {الْحَقُّ} قرأ أبو جعفر بن بزيد بنصب الحق. قوله: {يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ} قرأ عامر بن نصير "تخذت". قوله: {وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ} قرأ المعلى عن الجحدري بفتح النون والزاي مخففا، وقرأ زيد بن علي وعبيد الله بن خليد كذلك لكن مثقلا. قوله: {وَقَوْمَ نُوحٍ} قرأها الحسن بن محمد بن أبي سعدان عن أبيه بالرفع. قوله: {وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً} قرأ حامد الرمهرمزي "آيات" بالجمع. قوله: {وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ} قرأ سورة بن إبراهيم "القريات" بالجمع، وقرأ بهرام "القرية" بالتصغير مثقلا. قوله: {أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا} قرأ أبو حمزة عن شعبة بالمثناة من فوق فيهما. قوله: {وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ} قرأ عثمان بن المبارك بالمثناة من فوق فيهما قوله: {أَمْ تَحْسَبُ} قرأ حمزة بن