باب مَنْ لَمْ يَرَ بَأْسًا أَنْ يَقُولَ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَسُورَةُ كَذَا وَكَذَا
 
5040- حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ عَنْ عَلْقَمَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ قال النبي صلى الله عليه وسلم :" الْآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَنْ قَرَأَ بِهِمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ"
5041- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ حَدِيثِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ فَإِذَا هُوَ يَقْرَؤُهَا عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِي الصَّلاَةِ فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى سَلَّمَ فَلَبَبْتُهُ فَقُلْتُ مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ قَالَ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لَهُ كَذَبْتَ فَوَاللَّهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُوَ أَقْرَأَنِي هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقُودُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا وَإِنَّكَ أَقْرَأْتَنِي سُورَةَ الْفُرْقَانِ فَقَالَ يَا هِشَامُ اقْرَأْهَا فَقَرَأَهَا الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ فَقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" هَكَذَا أُنْزِلَتْ ثُمَّ قَالَ اقْرَأْ يَا عُمَرُ فَقَرَأْتُهَا الَّتِي أَقْرَأَنِيهَا فَقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" هَكَذَا أُنْزِلَتْ ثُمَّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ"
5042- حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَارِئًا يَقْرَأُ مِنْ اللَّيْلِ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ يَرْحَمُهُ اللَّهُ لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا آيَةً أَسْقَطْتُهَا مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا"
قوله:" باب من لم ير بأسا أن يقول سورة البقرة وسورة كذا وكذا" أشار بذلك إلى الرد على من كره ذلك وقال: لا يقال إلا السورة التي يذكر فيها كذا، وقد تقدم في الحج من طريق الأعمش أنه سمع الحجاج بن يوسف على المنبر يقول: السورة التي يذكر فيها كذا، وأنه رد عليه بحديث أبي مسعود، قال عياض: حديث أبي مسعود حجة في جواز قول سورة البقرة ونحوها، وقد اختلف في هذا فأجازه بعضهم وكرهه بعضهم وقال: تقول السورة التي تذكر فيها البقرة. قلت: وقد تقدم في أبواب الرمي من كتاب الحج أن إبراهيم النخعي أنكر قول الحجاج لا تقولوا سورة البقرة. وفي رواية مسلم أنها سنة، وأورد حديث أبي مسعود، وأقوى من هذا في الحجة ما أورده
(9/87)

المصنف من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم، وجاءت فيه أحاديث كثيرة صحيحة من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم، قال النووي في" الأذكار" : يجوز أن يقول سورة البقرة - إلى أن قال - وسورة العنكبوت وكذلك الباقي ولا كراهة في ذلك. وقال بعض السلف: يكره ذلك، والصواب الأول، وهو قول الجماهير، والأحاديث فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من أن تحصر، وكذلك عن الصحابة فمن بعدهم. قلت: وقد جاء فيما يوافق ما ذهب إليه حديث المشار إليه حديث مرفوع عن أنس رفعه :" لا تقولوا سورة البقرة ولا سورة آل عمران ولا سورة النساء وكذلك القرآن كله" أخرجه" أبو الحسين بن قانع في فوائده" والطبراني" الأوسط"، وفي سنده عبيس بن ميمون العطار وهو ضعيف. وأورد ابن الجوزي في" الموضوعات" ونقل عن أحمد أنه قال: هو حديث منكر. قلت: وقد تقدم في" باب تأليف القرآن" حديث يزيد الفارسي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ضعوها في السورة التي يذكر فيها كذا" قال ابن كثير في تفسيره: ولا شك أن ذلك أحوط، ولكن استقر الإجماع على الجواز في المصاحف والتفاسير قلت: وقد تمسك بالاحتياط المذكور جماعة من المفسرين منهم أبو محمد بن أبي حاتم ومن المتقدمين الكلبي وعبد الرزاق، ونقله القرطبي في تفسيره عن الحكيم الترمذي أن من حرمة القرآن أن لا يقال سورة كذا كقولك سورة البقرة وسورة النحل وسورة النساء، وإنما يقال السورة التي يذكر فيها كذا. وتعقبه القرطبي بأن حديث أبي مسعود يعارضه، ويمكن أن يقال لا معارضة مع إمكان، فيكون حديث أبي مسعود ومن وافقه دالا على الجواز، وحديث أنس إن ثبت محمود على أنه خلاف الأولى والله أعلم. ثم ذكر المصنف في الباب ثلاثة أحاديث تشهد لما ترجم له: أحدها حديث أبي مسعود في الآيتين من آخر سورة البقرة، وقد تقدم شرحه قريبا. الثاني حديث عمر" سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان" وقد تقدم شرحه في" باب أنزل القرآن على سبعة أحرف". الثالث حديث عائشة المذكور في الباب قبله، وقد تقدم التنبيه عليه
(9/88)