باب اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ
 
5060- حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :" اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ قُلُوبُكُمْ فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فَقُومُوا عَنْهُ"
[الحديث 5060- أطرافه في: 5061، 7364، 7365]
5061- حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا سَلاَمُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ جُنْدَبٍ قال النبي صلى الله عليه وسلم :" اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فَقُومُوا عَنْهُ تَابَعَهُ الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ وَلَمْ يَرْفَعْهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَأَبَانُ وَقَالَ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ سَمِعْتُ جُنْدَبًا قَوْلَهُ وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ عُمَرَ قَوْلَهُ وَجُنْدَبٌ أَصَحُّ وَأَكْثَرُ"
5062- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ آيَةً سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلاَفَهَا فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ كِلاَكُمَا مُحْسِنٌ فَاقْرَأَا أَكْبَرُ عِلْمِي قَالَ فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ اخْتَلَفُوا فَأُهْلِكُوا"
قوله :" باب اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم" أي اجتمعت. قوله :" فإذا اختلفتم" أي في فهم معانيه " فقوموا عنه" أي تفرقوا لئلا يتمادى بكم الاختلاف إلى الشر، قال عياض: يحتمل أن يكون النهي خاصا بزمنه صلى الله عليه وسلم لئلا يكون ذلك سببا لنزول ما يسوؤهم كما في قوله تعالى :{لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} ، ويحتمل أن يكون المعنى اقرءوا والزموا الائتلاف على ما دل عليه وقاد إليه، فإذا وقع الاختلاف أو عرض عارض شبهة يقتضي المنازعة الداعية إلى الافتراق فاتركوا القراءة، وتمسكوا بالمحكم الموجب للألفة واعرضوا عن المتشابه المؤدي إلى الفرقة، وهو كقوله صلى الله عليه وسلم :" فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فاحذروهم" ويحتمل أنه ينهي عن القراءة إذا وقع الاختلاف في كيفية الأداء بأن يتفرقوا عند الاختلاف ويستمر كل منهم على قراءته، ومثله ما تقدم عن ابن مسعود لما وقع بينه وبين الصحابيين الآخرين الاختلاف في الأداء، فترافعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال :" كلكم محسن"
(9/101)

وبهذه النكتة تظهر الحكمة في ذكر حديث ابن مسعود عقيب حديث جندب. قوله:" تابعه الحارث بن عبيد وسعيد بن زيد عن أبي عمران" أي في رفع الحديث، فأما متابعة الحارث وهو ابن قدامة الإيادي فوصلها الدارمي عن أبي غسان مالك بن إسماعيل عنه، ولفظه مثل رواية حماد بن زيد، وأما متابعة سعيد بن زيد وهو أخو حماد بن زيد فوصلها الحسن بن سفيان في مسنده من طريق أبي هشام المخزومي عنه قال:" سمعت أبا عمران قال حدثنا جندب" فذكر الحديث مرفوعا وفي آخره :" فإذا اختلفتم فيه فقوموا". قوله:" ولم يرفعه حماد بن سلمة وأبان" يعني ابن سعيد العطار، أما رواية حماد بن سلمة فلم تقع لي موصولة، وأما رواية أبان فوقعت في صحيح مسلم من طريق حبان بن هلال عنه ولفظه:" قال لنا جندب ونحن غلمان" فذكره لكن مرفوعا أيضا، فلعله وقع للمصنف من وجه آخر عنه موقوفا. قوله:" وقال غندر عن شعبة عن أبي عمران سمعت جندبا قوله" وصله الإسماعيلي من طريق بندار عن غندر. قوله:" وقال ابن عون عن أبي عمران عن عبد الله بن الصامت عن عمر قوله" ابن عون هو عبد الله البصري الإمام المشهور وهو من أقران أبي عمران، وروايته هذه وصلها أبو عبيد عن معاذ بن معاذ عنه، وأخرجها النسائي من وجه آخر عنه. قوله:" وجندب أصح وأكثر" أي أصح إسنادا وأكثر طوقا، وهو كما قال فإن الجم الغفير رووه عن أبي عمران عن جندب، إلا أنهم اختلفوا عليه في رفعه ووقفه، والذين رفعوه ثقات حفاظ فالحكم لهم. وأما رواية ابن عون فشاذة لم يتابع عليها، قال أبو بكر بن أبي داود: لم يخطئ ابن عون قط إلا في هذا، والصواب عن جندب انتهى. ويحتمل أن يكون ابن عون حفظه ويكون لأبي عمران فيه شيخ آخر وإنما توارد الرواة على طريق جندب لعلوها والتصريح برفعها، وقد أخرج مسلم من وجه آخر عن أبي عمران هذا حديثا آخر في المعنى أخرجه من طريق حماد عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن رباح عن عبد الله بن عمر قال:" هاجرت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسمع رجلين اختلفا في آية فخرج يعرف الغضب في وجهه فقال. إنما هلك من كان قبلكم بالاختلاف في الكتاب" وهذا مما يقوي أن يكون لطريق ابن عون أصل والله أعلم. قوله:" النزال" بفتح النون وتشديد الزاي وآخره لام" ابن سبرة" بفتح المهملة وسكون الموحدة الهلالي، تابعي كبير، وقد قيل إنه له صحبه، وذهل المزي فجزم في" الأطراف" بأن له صحبة، وجزم في" التهذيب" بأن له رواية عن أبي بكر الصديق مرسلة. قوله:" أنه سمع رجلا يقرأ آية سمع النبي صلى الله عليه وسلم قرأ خلافها" هذا الرجل يحتمل أن يكون هو أبي بن كعب، فقد أخرج الطبري من حديث أبي بن كعب أنه سمع ابن مسعود يقرأ آية قرأ خلافها وفيه:" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كلاكما محسن" الحديث، وقد تقدم في" باب أنزل القرآن على سبعة أحرف" بيان عدة ألفاظ لهذا الحديث. قوله:" فاقرا" بصيغة الأمر للاثنين. قوله:" أكبر علمي" هذا الشك من شعبة، وقد أخرجه أبو عبيد عن حجاج بن محمد عن شعبة قال:" أكبر علمي أني سمعته وحدثني عنه مسعود" فذكره. قوله:" فإن من كان قبلكم اختلفوا فأهلكهم" في رواية المستملي :" فأهلكوا" بضم أوله، وعند ابن حبان والحاكم من طريق زر بن حبيش عن ابن مسعود في هذه القصة " فإنما أهلك من كان قبلكم الاختلاف" وقد تقدم القول في معنى الاختلاف في حديث جندب الذي قبله. وفي رواية زر المذكورة من الفائدة أن السورة التي اختلف فيها أبي وابن مسعود كانت من آل حم، وفي" المبهمات" للخطيب أنها الأحقاف، ووقع عند عبد الله بن أحمد في زيادات المسند في هذا الحديث أن اختلافهم كان في عددها هل هي خمس وثلاثون آية أو ست وثلاثون الحديث، وفي هذا الحديث والذي قبله الحض على الجماعة والألفة
(9/102)

والتحذير من الفرقة والاختلاف والنهي عن المراء في القرآن بغير حق، ومن شر ذلك أن تظهر دلالة الآية على شيء يخالف الرأي فيتوسل بالنظر وتدقيقه إلى تأويلها وحملها على ذلك الرأي ويقع اللجاج في ذلك والمناضلة عليه" خاتمة" اشتمل كتاب فضائل القرآن من الأحاديث المرفوعة على تسعة وتسعين حديثا، المعلق منها وما التحق به من المتابعات تسعة عشر حديثا والباقي موصولة، المكرر منها فيه وفيما مضى ثلاثة وسبعون حديثا والباقي خالص، وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث أنس فيمن جمع القرآن، وحديث قتادة بن النعمان في فضل قل هو الله أحد، وحديث أبي سعيد في ذلك، وحديثه أيضا: " أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن" وحديث عائشة في قراءة المعوذات عند النوم، وحديث ابن عباس في قراءته المفصل، وحديثه" لم يترك إلا ما بين الدفتين" وحديث أبي هريرة" لا حسد إلا في اثنتين" وحديث عثمان" إن خيركم من تعلم القرآن" وحديث أنس" كانت قراءته مدا" وحديث عبد الله بن مسعود" أنه سمع رجلا يقرأ آية". وفيه من الآثار عن الصحابة فمن بعدهم سبعة آثار. والله أعلم.
(9/103)


...