مدخل كتاب النكاح
 

كِتَاب النِّكَاحِ
" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ- كتاب النكاح" كذا النسفي، وعن رواية الفربري تأخير البسملة. و" النكاح" في اللغة الضم والتداخل، وتجوز من قال إنه الضم. وقال الفراء: النكح بضم ثم سكون اسم الفرج، ويجوز كسر أوله وكثر استعماله في الوطء، وسمى به العقد لكونه سببه. قال أبو القاسم الزجاجي: هو حقيقة فيهما. وقال الفارسي: إذا قالوا نكح فلانة أو بنت فلان فالمراد العقد، وإذا قالوا نكح زوجته فالمراد الوطء. وقال آخرون أصله لزوم شيء لشيء مستعليا عليه، ويكون في المحسوسات وفي المعاني، قالوا نكح المطر الأرض ونكح النعاس عينه ونكحت القمح في الأرض إذا حرثتها وبذرته فيها ونكحت الحصاة أخفاف الإبل. وفي الشرع حقيقة في العقد مجاز في الوطء على الصحيح، والحجة في ذلك كثيرة وروده في الكتاب والسنة للعقد حتى قيل إنه لم يرد في القرآن إلا للعقد ولا يرد مثل قوله: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} لأن شرط الوطء في التحليل إنما ثبت بالسنة، وإلا فالعقد لا بد منه لأن قوله: {حَتَّى تَنْكِحَ} معناه حتى تتزوج أي يعقد عليها، ومفهومه أن ذلك كاف بمجرده لكن بينت السنة أن لا عبرة بمفهوم الغاية، بل لا بد بعد العقد من ذوق العسيلة، كما أنه لا بد بعد ذلك من التطليق ثم العدة. نعم أفاد أبو الحسين ابن فارس أن النكاح لم يرد في القرآن إلا للتزويج، إلا في قوله تعالى :{وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} فإن المراد به الحلم والله أعلم. وفي وجه للشافعية - كقول الحنفية - أنه حقيقة في الوطء مجاز في العقد، وقيل مقول بالاشتراك على كل منهما، وبه جزم الزجاجي، وهذا الذي يترجح في نظري وإن كان أكثر ما يستعمل في العقد، ورجح بعضهم الأول بأن أسماء الجماع كلها كنايات لاستقباح ذكره، فيبعد أن يستعير من لا يقصد فحشا اسم ما يستفظعه لما لا يستفظعه، فدل على أنه في الأصل للعقد، وهذا يتوقف على تسليم المدعى أنها كلها كنايات. وقد جمع اسم النكاح ابن القطاع فزادت على الألف.
(9/103)