بَاب الأَكْفَاءِ فِي الْمَالِ وَتَزْوِيجِ الْمُقِلِّ الْمُثْرِيَةَ
 
5092- حدثني يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن بن شهاب قال أخبرني عروة أنه ثم سأل عائشة رضي الله عنها {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} قالت يا بن أختي هذه اليتيمة تكون في حجر وليها فيرغب في جمالها ومالها ويريد أن ينتقص صداقها فنهوا عن نكاحهن إلا أن يقسطوا في إكمال
(9/136)

الصداق وامروا بنكاح من سواهن قالت واستفتى الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك فأنزل الله {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} إلى {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} فأنزل الله لهم أن اليتيمة إذا كانت ذات جمال ومال رغبوا في نكاحها ونسبها في إكمال الصداق وإذا كانت مرغوبة عنها في قلة المال والجمال تركوها وأخذوا غيرها من النساء يتركونها حين يرغبون عنها فليس لهم أن ينكحوها إذا رغبوا فيها إلا أن يقسطوا لها ويعطوها حقها الأوفى في الصداق"
قوله: "باب الأكفاء في المال، وتزوج المقل المثرية" أما اعتبار الكفاءة بالمال فمختلف فيه عند من يشترط الكفاءة، والأشهر عند الشافعية أنه لا يعتبر، ونقل صاحب "الإفصاح" عن الشافعي أنه قال: الكفاءة في الدين والمال والنسب. وجزم باعتباره أبو الطيب والصيمري وجماعة. واعتبره الماوردي في أهل الأمصار، وخص الخلاف بأهل البوادي والقرى المتفاخرين بالنسب دون المال. وأما المثرية فبضم الميم وسكون المثلثة وكسر الراء وفتح التحتانية هي التي لها ثراء بفتح أوله والمد وهو الغني، ويؤخذ ذلك من حديث عائشة الذي في الباب من عموم التقسيم فيه لاشتماله على المثري والمقل من الرجال والمثرية والمقلة من النساء فدل على جواز ذلك، ولكنه لا يرد على من يشترطه لاحتمال إضمار رضا المرأة ورضا الأولياء، وقد تقدم شرح الحديث في تفسير سورة النساء، ومضى من وجه آخر في أوائل النكاح، واستدل به على أن للولي أن يزوج محجورته من نفسه، وسيأتي البحث فيه قريبا. وفيه أن للولي حقا في التزويج لأن الله خاطب الأولياء بذلك، والله أعلم
(9/137)