بَاب مَا يُنْهَى مِنْ دُخُولِ الْمُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْمَرْأَةِ
 
5235- حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عِنْدَهَا وَفِي الْبَيْتِ مُخَنَّثٌ فَقَالَ الْمُخَنَّثُ لِأَخِي أُمِّ سَلَمَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ إِنْ فَتَحَ اللَّهُ لَكُمْ الطَّائِفَ غَدًا أَدُلُّكَ عَلَى بِنْتِ غَيْلاَنَ فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ فَقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لاَ يَدْخُلَنَّ هَذَا عَلَيْكُم"
قوله "باب ما ينهى من دخول المتشبهين بالنساء على المرأة أي بغير إذن زوجها وحيث تكون مسافرة مثلا قوله: "حدثنا عبدة" هو ابن سليمان "عن هشام" هو ابن عروة "عن أبيه عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة" في رواية سفيان "عن هشام في غزوة الطائف عن أمها أم سلمة" هكذا قال أصحاب هشام بن عروة وهو المحفوظ
(9/333)

وسيأتي في اللباس من طريق زهير بن معاوية "عن هشام أن عروة أخبره أن زينب بنت أم سلمة أخبرته أن أم سلمة أخبرتها" وخالفهم حماد بن سلمة عن هشام فقال عن أبيه عن عمرو بن أبي سلمة "وقال معمر" عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة" ورواه معمر أيضا عن الزهري عن عروة، وأرسله مالك فلم يذكر فوق عروة أحدا أخرجها النسائي، ورواية معمر عن الزهري عند مسلم وأبي داود أيضا. قوله: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عندها وفي البيت" أي التي هي فيه.قوله: "مخنث" تقدم في غزوة الطائف أن اسمه هيت، وأن ابن عيينة ذكره عن ابن جريج بغير إسناد، وذكر ابن حبيب في "الواضحة" عن حبيب كاتب مالك قال: "قلت لمالك أن سفيان بن عيينة زاد في حديث بنت غيلان أن المخنث هيت وليس في كتابك هيت، فقال: صدق هو كذلك" وأخرج الجوزجاني في تاريخه من طريق الزهري عن علي بن الحسين بن علي قال: "كان محنث يدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يقال له هيت" وأخرج أبو يعلى وأبو عوانة وابن حبان كلهم من طريق يونس "عن الزهري عن عروة عن عائشة أن هيتا كان يدخل" الحديث. وروى المستغفري من مرسل محمد بن المنكدر "أن النبي صلى الله عليه وسلم نفى هيتا في كلمتين تكلم بهما من أمر النساء، قال لعبد الرحمن بن أبي بكر: إذا افتتحتم الطائف غدا فعليك بابنة غيلان" فذكر نحو حديث الباب وزاد: "اشتد غضب الله على قوم رغبوا عن خلق الله وتشبهوا بالنساء" وروى ابن أبي شيبة والدورقي وأبو يعلى والبزار من طريق عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أن اسم المخنث هيت أيضا، لكن ذكر فيه قصة أخرى. وذكر ابن إسحاق المغازي أن اسم المخنث في حديث الباب ماتع وهو بمثناة وقيل بنون، فروي عن محمد بن إبراهيم التيمي قال: "كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الطائف مولى لخالته فاختة بنت عمرو بن عائد مخنث يقال له ماتع يدخل على نساء النبي صلى الله عليه وسلم ويكون في بيته لا يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يفطن لشيء من أمر النساء مما يفطن له الرجال ولا أن له أربة في ذلك، فسمعه يقول لخالد بن الوليد: يا خالد إن افتتحتم الطائف فلا تنفلتن منك بادية بنت غيلان بن سلمة، فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حين سمع ذلك منه: لا أرى هذا الخبيث يفطن لما أسمع، ثم قال لنسائه: لا تدخلن هذا عليكن، فحجب عن بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم:" وحكى أبو موسى المديني في كون ماتع لقب هيت أو بالعكس أو أنهما اثنان خلافا، وجزم الواقدي بالتعدد فإنه قال: كان هيت مولى عبد الله بن أبي أمية، وكان ماتع مولى فاختة، وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم نفاهما معا إلى الحمى، وذكر الباوردي في "الصحابة" من طريق إبراهيم بن مهاجر عن أبي بكر بن حفص "أن عائشة قالت لمخنث كان بالمدينة يقال له أنة بفتح الهمزة وتشديد النون: ألا تدلنا على امرأة نخطبها على عبد الرحمن بن أبي بكر؟ قال: بلى، فوصف امرأة تقبل بأربع وتدبر بثمان، فسمعه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أنة أخرج من المدينة إلى حمراء الأسد وليكن بها منزلك" والراجح أن اسم المذكور في حديث الباب هيت، ولا يمتنع أن يتواردوا في الوصف المذكور، وقد تقدم في غزوة الطائف ضبط هيت، ووقع في أول رواية الزهري عن عروة عن عائشة عند مسلم: "كان يدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مخنث وكانوا يعدونه من غير أولى الإربة؛ فدخل النبي صلى الله عليه وسلم يوما وهو عند بعض نسائه وهو ينعت امرأة" الحديث، وعرف من حديث الباب تسمية المرأة وأنها أم سلمة والمخنث بكسر النون وبفتحها من يشبه خلقه النساء في حركاته وكلامه وغير ذلك، فإن كان من أصل الخلقة لم يكن عليه لوم وعليه أن يتكلف إزالة ذلك، وإن كان بقصد منه وتكلف له فهو المذموم ويطلق عليه اسم مخنث سواء فعل الفاحشة أو لم يفعل، قال ابن حبيب: المخنث هو المؤنث من الرجال
(9/334)

وإن لم تعرف منه الفاحشة، مأخوذ من التكسر في المشي وغيره، وسيأتي في كتاب الأدب لعن من فعل ذلك. وأخرج أبو داود من حديث أبي هريرة "أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بمخنث قد خضب يديه ورجليه فقيل: يا رسول الله إن هذا يتشبه بالنساء، فنفاه إلى النقيع، فقيل ألا تقتله فقال: إني نهيت عن قتل المصلين". قوله: "فقال لأخي أم سلمة" تقدم شرح حاله في غزوة الطائف، ووقع في مرسل ابن المنكدر أنه قال ذلك لعبد الرحمن بن أبي بكر فيحمل على تعدد القول منه لكل منهما: لأخي عائشة ولأخي أم سلمة. والعجب أنه لم يقدر أن المرأة الموصوفة حصلت لواحد منهما، لأن الطائف لم يفتح حينئذ، وقتل عبد الله بن أبي أمية في حال الحصار، ولما أسلم غيلان بن سلمة وأسلمت بنته بادية تزوجها عبد الرحمن بن عوف فقدر أنها استحيضت عنده وسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن المستحاضة، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في كتاب الطهارة، وتزوج عبد الرحمن بن أبي بكر ليلى بنت الجودي وقصته معها مشهورة، وقد وقع حديث في سعد بن أبي وقاص أنه خطب امرأة بمكة فقال: من يخبرني عنها؟ فقال مخنث يقال له هيت: أنا أصفها لك. فهذه قصص وقعت لهيت. قوله: "إن فتح الله لكم الطائف غدا" وقع في رواية أبي أسامة عن هشام في أوله "وهو محاصر الطائف يومئذ" وقد تقدم ذلك في غزوة الطائف واضحا. قوله: "فعليك" هو إغراء معناه أحرص على تحصيلها وإلزامها. قوله: "غيلان" في رواية حماد بن سلمة "لو قد فتحت لكم الطائف لقد أريتك بادية بنت غيلان" واختلف في ضبط بادية فالأكثر بموحدة ثم تحتانية وقيل بنون بدل التحتانية حكاه أبو نعيم، ولبادية ذكر في المغازي، ذكر ابن إسحاق أن خولة بنت حكيم قالت للنبي صلى الله عليه وسلم إن فتح الله عليك الطائف أعطني حلي بادية بنت غيلان وكانت من أحلى نساء ثقيف، وغيلان هو ابن سلمة بن معتب بمهملة ثم مثناة ثقيلة ثم موحدة ابن مالك الثقفي، وهو الذي أسلم وتحته عشر نسوة فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يختار أربعا، وكان من رؤساء ثقيف وعاش إلى أواخر خلافة عمر رضي الله عنه. قوله: "تقبل بأربع وتدبر بثمان" قال ابن حبيب عن مالك معناه أن أعكانها ينعطف بعضها على بعض وهي في بطنها أربع طرائق وتبلغ أطرافها إلى خاصرتها في كل جانب أربع، ولإرادة العكن ذكر الأربع والثمان. فلو أراد الأطراف لقال بثمانية. ثم رأيت في "باب إخراج المتشبهين بالنساء من البيوت" عقب هذا الحديث من وجه آخر عن هشام بن عروة في غير رواية أبي ذر: قال أبو عبد الله تقبل بأربع يعني بأربع عكن ببطنها فهي تقبل بهن، وقوله وتدبر بثمان يعني أطراف هذه العكن الأربع لأنها محيطة بالجنب حين يتجعد. ثم قال: وإنما قال بثمان ولم يقل بثمانية - وواحد الأطراف مذكر - لأنه لم يقل ثمانية أطراف ا هـ. وحاصله أن لقوله ثمان بدون الهاء توجيهين إما لكونه لم يصرح بلفظ الأطراف وإما لأنه أراد العكن، وتفسير مالك المذكور تبعه فيه الجمهور، قال الخطابي: يريد أن لها في بطنها أربع عكن فإذا أقبلت رؤيت مواضعها بارزة متكسرا بعضها على بعض وإذا أدبرت كانت أطراف هذه العكن الأربع عند منقطع جنبيها ثمانية. وحاصله أنه وصفها بأنها مملوءة البدن بحيث يكون لبطنها عكن وذلك لا يكون إلا للسمينة من النساء، وجرت عادة الرجال غالبا في الرغبة فيمن تكون بتلك الصفة، وعلى هذا فقوله في حديث سعد "إن أقبلت قلت تمشي بست، وإن أدبرت قلت تمشي بأربع" كأنه يعني يديها ورجليها وطرفي ذاك منها مقبلة ورد فيها مدبرة، وإنما نقص إذا أدبرت لأن الثديين يحتجبان حينئذ. وذكر ابن الكلبي في الصفة المذكورة زيادة بعد قوله وتدبر بثمان "بثغر كالأقحوان، إن قعدت تثنت، وإن تكلمت تغنت. وبين رجليها مثل الإناء المكفوء" مع شعر آخر. وزاد المديني من طريق يزيد بن رومان عن عروة مرسلا في هذه القصة "أسفلها
(9/335)