بَاب إِحْلاَفِ الْمُلاَعِنِ
 
5306- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الأَنْصَارِ قَذَفَ امْرَأَتَهُ فَأَحْلَفَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا"
قوله: "باب إحلاف الملاعن" ذكر فيه حديث ابن عمر من رواية جويرية بن أسماء عن نافع مختصرا بلفظ: "فأحلفهما" وكذا سيأتي بعد ستة أبواب من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع، وتقدم في تفسير النور من وجه آخر عن عبيد الله بن عمر بلفظ: "لاعن بين رجل وامرأة" حديث ابن عمر من رواية جويرية بن أسماء عن نافع مختصرا بلفظ: "فأحلفهما" وكذا سيأتي بعد ستة أبواب من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع، وتقدم في تفسير النور من وجه آخر عن عبيد الله بن عمر بلفظ: "لاعن بين رجل وامرأة" والمراد بالإحلاف هنا النطق بكلمات اللعان، وقد تمسك به من قال أن اللعان يمين، وهو قول مالك والشافعي والجمهور. وقال أبو حنيفة: اللعان شهادة وهو وجه للشافعية، وقيل شهادة فيها شائبة اليمين، وقيل بالعكس، ومن ثم قال بعض العلماء: ليس بيمين ولا شهادة، وانبنى على الخلاف أن اللعان يشرع بين كل زوجين مسلمين أو كافرين حرين أو عبدين عدلين أو فاسقين بناء على أنه
(9/444)

يمين، فمن صح يمينه صح لعانه، وقيل لا يصح اللعان إلا من زوجين حرين مسلمين، لأن اللعان شهادة ولا يصح من محدود في قذف، وهذا الحديث حجة للأولين لتسوية الراوي بين لاعن وحلف، ويؤيده أن اليمين ما دل على حث أو منع أو تحقيق خبر وهو هنا كذلك، ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم في بعض طرق حديث ابن عباس "فقال له: احلف بالله الذي لا إله إلا هو إني لصادق، يقول ذلك أربع مرات أخرجه الحاكم والبيهقي من رواية جرير بن حازم عن أيوب عن عكرمة عنه، وسيأتي قريبا "لولا الأيمان لكان لي ولها شأن" واعتل بعض الحنفية بأنها لو كانت يمينا لما تكررت، وأجيب بأنها خرجت عن القياس تغليظا لحرمة الفروج كما خرجت القسامة لحرمة الأنفس، وبأنها لو كانت شهادة لم تكرر أيضا. والذي تحرر لي أنها من حيث الجزم بنفي الكذب وإثبات الصدق يمين، لكن أطلق عليها شهادة لاشتراط أن لا يكتفي في ذلك بالظن بل لا بد من وجود علم كل منهما بالأمرين علما يصح معه أن يشهد به، ويؤيد كونها يمينا أن الشخص لو قال أشهد بالله لقد كان كذا لعد حالفا. وقد قال القفال في "محاسن الشريعة" : كررت أيمان اللعان لأنها أقيمت مقام أربع شهود في غيره ليقام عليها الحد، ومن ثم سميت شهادات.
(9/445)