بَاب {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} فِي الْعِدَّةِ
 
وَكَيْفَ يُرَاجِعُ الْمَرْأَةَ إِذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ
5330- حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ زَوَّجَ مَعْقِلٌ أُخْتَهُ فَطَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً"
5331- و حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ أَنَّ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ كَانَتْ أُخْتُهُ تَحْتَ رَجُلٍ فَطَلَّقَهَا ثُمَّ خَلَّى عَنْهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ خَطَبَهَا فَحَمِيَ مَعْقِلٌ مِنْ ذَلِكَ أَنَفًا فَقَالَ خَلَّى عَنْهَا وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهَا ثُمَّ يَخْطُبُهَا فَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ عَلَيْهِ فَتَرَكَ الْحَمِيَّةَ وَاسْتَقَادَ لِأَمْرِ اللَّهِ"
5332- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا طَلَّقَ امْرَأَةً لَهُ وَهِيَ حَائِضٌ تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَاجِعَهَا ثُمَّ يُمْسِكَهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ عِنْدَهُ حَيْضَةً
(9/482)
أُخْرَى ثُمَّ يُمْهِلَهَا حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ حَيْضِهَا فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا حِينَ تَطْهُرُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُجَامِعَهَا فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ إِذَا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ لِأَحَدِهِمْ إِنْ كُنْتَ طَلَّقْتَهَا ثَلاَثًا فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْكَ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَكَ وَزَادَ فِيهِ غَيْرُهُ عَنْ اللَّيْثِ حَدَّثَنِي نَافِعٌ قَالَ ابْنُ عُمَرَ لَوْ طَلَّقْتَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنِي بِهَذَا"
قوله: "باب وبعولتهن أحق بردهن" في العدة، وكيف يراجع المرأة إذا طلقها واحدة أو ثنتين، وقوله: فلا تعضلوهن" كذا للأكثر، وفصل أبو ذر أيضا بين قوله: "بردهن" وبين قوله: "في العدة" بدائرة إشارة إلى أن المراد بأحقية الرجعة من كانت في العدة، وهو قول مجاهد وطائفة من أهل التفسير، وسقط قوله: "فلا تعضلوهن" من رواية النسفي. ثم ذكر المصنف في الباب حديثين. حديث معقل بن يسار في تزويج أخته، أورده من طريقين: الأولى قوله: "حدثني محمد" كذا للجميع غير منسوب وهو ابن سلام، وعبد الوهاب شيخه هو ابن عبد المجيد الثقفي، ويونس هو ابن عبيد البصري. الطريق الثانية من طريق سعيد وهو ابن أبي عروبة عن قتادة قال في روايته: "حدثنا الحسن أن معقل بن يسار كانت أخته تحت رجل" وقال في رواية يونس عن الحسن "زوج معقل أخته" وقد تقدم هذا الحديث وشرحه في "باب لا نكاح إلا بولي" من كتاب النكاح وبينت هناك من وصله وأرسله، وتقدم في تفسير البقرة أيضا موصولا ومرسلا. سعيد هو ابن أبي عروبة عن قتادة قال في روايته: "حدثنا الحسن أن معقل بن يسار كانت أخته تحت رجل" وقال في رواية يونس عن الحسن "زوج معقل أخته" وقد تقدم هذا الحديث وشرحه في "باب لا نكاح إلا بولي" من كتاب النكاح وبينت هناك من وصله وأرسله، وتقدم في تفسير البقرة أيضا موصولا ومرسلا، وقوله: "فحمى" بوزن علم بكسر ثانيه، وقوله: "أنفا" بفتح الهمزة والنون منون أي ترك الفعل غيظا وترفعا، وقوله: "فترك الحمية" بالتشديد، وقوله: "واستقاد لأمر الله" كذا للأكثر بقاف أي أعطى مقادته، والمعنى أطاع وامتثل. وفي رواية الكشميهني: "واستراد" براء بدل القاف من الرود وهو الطلب، أو المعنى أراد رجوعها ورضي به. ونقل ابن التين عن رواية القابسي واستقاد بتشديد الدال، ورده بأن المفاعلة لا تجتمع مع سين الاستفعال. حديث ابن عمر في طلاق الحائض، وتقدم شرحه مستوفى في أول كتاب الطلاق، وقوله: "وزاد فيه غيره عن الليث" تقدم بيانه في أول الطلاق أيضا حيث قال فيه: "وقال الليث إلخ" وفيه تسمية الغير المذكور. وقال ابن بطال ما ملخصه. المراجعة على ضربين، إما في العدة فهي على ما في حديث ابن عمر لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بمراجعتها ولم يذكر أنه احتاج إلى عقد جديد، وإما بعد العدة فعلى ما في حديث معقل، وقد أجمعوا على أن الحر إذا طلق الحرة بعد الدخول بها تطليقة أو تطليقتين فهو أحق برجعتها ولو كرهت المرأة ذلك، فإن لم يراجع حتى انقضت العدة فتصير أجنبية فلا تحل له إلا بنكاح مستأنف. واختلف السلف فيما يكون به الرجل مراجعا، فقال الأوزاعي إذا جامعها فقد راجعها وجاء ذلك عن بعض التابعين وبه قال مالك وإسحاق بشرط أن ينوي به الرجعة. وقال الكوفيون كالأوزاعي وزادوا: ولو لمسها بشهوة أو نظر إلى فرجها بشهوة. وقال الشافعي لا تكون الرجعة إلا بالكلام، وانبنى على هذا الخلاف جواز الوطء وتحريمه، وحجة الشافعي أن الطلاق مزيل للنكاح، وأقرب ما يظهر ذلك في حل الوطء وعدمه، لأن الحل معنى يجوز أن يرجع في النكاح ويعود كما في إسلام أحد المشركين ثم إسلام الآخر في العدة، وكما يرتفع بالصوم والإحرام والحيض ثم يعود بزوال هذه المعاني. وحجة من أجاز أن النكاح لو زال لم تعد المرأة إلا بعقد جديد وبصحة الخلع في الرجعية ولوقوع الطلقة الثانية، والجواب عن كل ذلك أن النكاح ما زال أصله وإنما زال وصفه. وقال
(9/483)

ابن السمعاني: الحق إن القياس يقتضي أن الطلاق إدا وقع زال النكاح كالعتق، لكن الشرع أثبت الرحمة في النكاح دون العتق فافترقا.
(9/484)