بَاب الْمَهْرِ لِلْمَدْخُولِ عَلَيْهَا وَكَيْفَ الدُّخُولُ أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْمَسِيسِ
 
5349- حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ رَجُلٌ قَذَفَ امْرَأَتَهُ فَقَالَ فَرَّقَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي الْعَجْلاَنِ وَقَالَ اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ فَأَبَيَا فَقَالَ اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ فَأَبَيَا فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا قَالَ أَيُّوبُ فَقَالَ لِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ فِي الْحَدِيثِ شَيْءٌ لاَ أَرَاكَ تُحَدِّثُهُ قَالَ قَالَ الرَّجُلُ مَالِي قَالَ لاَ مَالَ لَكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَقَدْ دَخَلْتَ بِهَا وَإِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَهُوَ أَبْعَدُ مِنْكَ"
قوله: "باب المهر للمدخول عليها" أي وجوبه أو استحقاقه. وقوله: "كيف الدخول" يشير إلى الخلاف فيه، وقد تمسك بقوله في حديث الباب: "فقد دخلت بها" على أن من أغلق بابا وأرخى سترا على المرأة فقد وجب لها الصداق وعليها العدة، وبذلك قال الليث والأوزاعي وأهل الكوفة وأحمد، وجاء ذلك عن عمر وعلي وزيد ابن ثابت ومعاذ بن جبل وابن عمر، قال الكوفيون: الخلوة الصحيحة يجب معها المهر كاملا سواء وطئ أم لم يطأ، إلا إن كان أحدهما مريضا أو صائما أو محرما أو كانت حائضا فلها النصف وعليها العدة كاملة، واحتجوا أيضا بأن الغالب عند إغلاق الباب وإرخاء الستر على المرأة وقوع الجماع فأقيمت المظنة مقام المئنة لما جبلت عليه النفوس في تلك الحالة من عدم الصبر عن الوقاع غالبا لغلبة الشهوة وتوفر الداعية. وذهب الشافعي وطائفة إلى أن المهر لا يجب كاملا إلا بالجماع، واحتج بقوله تعالى :{وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} وقال: {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} وجاء ذلك عن ابن مسعود وابن عباس وشريح والشعبي وابن سيرين. والجواب عن حديث الباب أنه ثبت في الرواية الأخرى في حديث الباب: "فهو بما استحللت من فرجها" فلم يكن في قوله: "دخلت عليها" حجة لمن قال إن مجرد الدخول يكفي. وقال مالك: إذا دخل بالمرأة في بيته صدقت عليه، وإن دخل بها في بيتها صدق عليها، ونقله عن ابن المسيب. وعن مالك رواية أخرى كقول الكوفيين. قوله: "أو طلقها قبل الدخول" قال ابن بطال: التقدير أو كيف طلاقها؟ فاكتفى بذكر الفعل عن ذكر المصدر لدلالته عليه. قلت: ويحتمل أن يكون التقدير: أو كيف الحكم إذا طلقها قبل الدخول؟ قوله: "والمسيس" ثبت هذا في رواية النسفي والتقدير وكيف المسيس؟ وهو معطوف على الدخول أي إذا طلقها قبل الدخول وقبل المسيس. حديث ابن عمر من رواية سعيد بن جبير عنه في قصة الملاعنة وقد تقدم شرحه مستوفى في أبواب اللعان.
(9/495)