بَاب وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} إِلَى قَوْلِهِ {بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} وَقَالَ {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا} وَقَالَ {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ إِلَى قَوْلِهِ- بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} وَقَالَ يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ نَهَى اللَّهُ أَنْ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَذَلِكَ أَنْ تَقُولَ الْوَالِدَةُ لَسْتُ مُرْضِعَتَهُ وَهِيَ أَمْثَلُ لَهُ غِذَاءً وَأَشْفَقُ عَلَيْهِ وَأَرْفَقُ بِهِ مِنْ غَيْرِهَا فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْبَى بَعْدَ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ نَفْسِهِ مَا جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلْمَوْلُودِ لَهُ أَنْ يُضَارَّ بِوَلَدِهِ وَالِدَتَهُ فَيَمْنَعَهَا أَنْ تُرْضِعَهُ ضِرَارًا لَهَا إِلَى غَيْرِهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَسْتَرْضِعَا عَنْ طِيبِ نَفْسِ الْوَالِدِ وَالْوَالِدَةِ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فِصَالُهُ فِطَامُهُ
 
قوله: "باب والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين - إلى قوله :{بَصِيرٌ} كذا لأبي ذر والأكثر.
وفي رواية كريمة:" إلى قوله :{بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} وقال: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً} وقال: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} قيل دلت الآية الأولى على إيجاب الإنفاق على المرضعة من أجل رضاعها الولد، كانت في العصمة أم لا. وفي الثانية الإشارة إلى قدر المدة التي يجب ذلك فيها. وفي الثالثة الإشارة إلى مقدار الإنفاق وأنه بالنظر لحال المنفق. وفيها أيضا الإشارة إلى أن الإرضاع لا يتحتم على الأم، وقد تقدم في أوائل النكاح في "باب لا رضاع بعد حولين" البحث في معنى قوله تعالى :{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً} وأخرج الطبري عن ابن عباس أن إرضاع الحولين مختص بمن وضعت لستة أشهر، فمهما وضعت لأكثر من ستة أشهر نقص من مدة
(9/504)