بَاب كِسْوَةِ الْمَرْأَةِ بِالْمَعْرُوفِ
 
5366- حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ آتَى إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُلَّةً سِيَرَاءَ فَلَبِسْتُهَا فَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ فَشَقَّقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي"
قوله: "باب كسوة المرأة بالمعروف" هذه الترجمة لفظ حديث أخرجه مسلم من حديث جابر المطول في صفة
(9/512)

الحج، ومن جملته في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة "اتقوا الله في النساء، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف" ولما لم يكن على شرط البخاري أشار إليه واستنبط الحكم من حديث آخر على شرطه. حديث علي في الحلة السيراء وقوله: "فشققتها بين نسائي" قال ابن المنير وجه المطابقة أن الذي حصل لزوجته فاطمة عليها السلام من الحلة قطعة فرضيت بها اقتصادا بحسب الحال لا إسرافا، وأما حكم المسألة فقال ابن بطال: أجمع العلماء على أن للمرأة مع النفقة على الزوج كسوتها وجوبا، وذكر بعضهم أنه يلزمه أن يكسوها من الثياب كذا، والصحيح في ذلك أن لا يحمل أهل البلدان على نمط واحد، وأن على أهل كل بلد ما يجري في عادتهم بقدر ما يطيقه الزوج على قدر الكفاية لها، وعلى قدر يسره وعسره ا هـ. وأشار بذلك إلى الرد على الشافعية، وقد تقدم البحث في ذلك في النفقة قريبا والكسوة في معناها، وحديث علي سيأتي شرحه مستوفى في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى. وقوله: "آتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم:" بالمد أي أعطى، ثم ضمن أعطى معنى أهدى أو أرسل لذلك عداه بإلي وهي بالتشديد، وقد وقع في رواية النسفي "بعث" وفي رواية ابن عبدوس "أهدى" ولا تضمين فيها، ومن قرأ: إلى "بالتخفيف بلفظ حرف الجر و "أتى" بمعنى جاء لزمه أن يقول: "حلة سيراء" بالرفع ويكون في الكلام حذف تقديره فأعطانيها فلبستها إلى آخره، قال ابن التين: ضبط عند الشيخ أبي الحسن "أتى" بالقصر أي جاء، فيحتمل أن يكون المعنى جاءني النبي صلى الله عليه وسلم بحلة فحذف ضمير المتكلم وحذف الباء فانتصبت؛ والحلة إزار ورداء، والسيراء بكسر المهملة وفتح التحتانية وبالمد من أنواع الحرير، وقوله: "بين نسائي" يوهم زوجاته وليس كذلك، فإنه لم يكن له حينئذ زوجة إلا فاطمة، فالمراد بنسائه زوجته مع أقاربه، وقد جاء في رواية: "بين الفواطم"
(9/513)