بَاب رُقْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
 
5742- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَثَابِتٌ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَقَالَ ثَابِتٌ يَا أَبَا حَمْزَةَ اشْتَكَيْتُ فَقَالَ أَنَسٌ أَلاَ أَرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: بَلَى قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ مُذْهِبَ الْبَاسِ اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لاَ شَافِيَ إِلاَّ أَنْتَ شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَماً" .
5743- حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعَوِّذُ بَعْضَ أَهْلِهِ يَمْسَحُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَيَقُولُ اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أَذْهِبْ الْبَاسَ اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِي لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَماً" .
قَالَ سُفْيَانُ: حَدَّثْتُ بِهِ مَنْصُوراً فَحَدَّثَنِي عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ ... نَحْوَهُ.
5744- حَدَّثَنِي أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ حَدَّثَنَا النَّضْرُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْقِي يَقُولُ امْسَحْ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ بِيَدِكَ الشِّفَاءُ لاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ أَنْتَ".
5745- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ لِلْمَرِيضِ بِسْمِ اللَّهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا بِرِيقَةِ بَعْضِنَا يُشْفَى سَقِيمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا".
[الحديث 5745 – طرفه في: 5746]
5746- حَدَّثَنِي صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الرُّقْيَةِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا وَرِيقَةُ بَعْضِنَا يُشْفَى سَقِيمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا" .
قوله: "باب رقية النبي صلى الله عليه وسلم" أي التي كان يرقي بها. قوله: "عبد الوارث" هو ابن سعيد، وعبد العزيز هو ابن صهيب، والإسناد بصريون. قوله: "فقال ثابت" هو البناني "يا أبا حمزة" هي كنية أنس. قوله: "اشتكيت" بضم التاء أي مرضت، ووقع في رواية الإسماعيلي: "إني اشتكيت".
(10/206)

قوله: "ألا" بتخفيف اللام و"أرقيك" بفتح الهمزة. قوله: "مذهب الباس" بغير همز للمؤاخاة فإن أصله الهمزة. قوله: "أنت الشافي" يؤخذ منه جواز تسمية الله تعالى بما ليس في القرآن بشرطين: أحدهما أن لا يكون في ذلك ما يوهم نقصا، والثاني أن يكون له أصل في القرآن وهذا من ذاك، فإن في القرآن {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} . قوله: "لا شافي إلا أنت" إشارة إلى أن كل ما يقع من الدواء والتداوي إن لم يصادف تقدير الله تعالى وإلا فلا ينجع. قوله: "شفاء" مصدر منصوب بقوله: "اشف" ويجوز الرفع على أنه خبر مبتدأ أي هو. قوله: "لا يغادر" بالغين المعجمة أي لا يترك، وقد تقدم بيانه والحكمة فيه في أواخر كتاب المرضى، وقوله: "سقما" بضم ثم سكون، وبفتحتين أيضاء. ويؤخذ من هذا الحديث أن الإضافة في الترجمة للفاعل، وقد ورد ما يدل على أنها للمفعول، وذلك فيما أخرجه مسلم من حديث أبي سعيد "أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد اشتكيت؟ قال: نعم. قال: بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك" وله شاهد عنده بمعناه من حديث عائشة. قوله: "يحيى" هو القطان، وسفيان هو الثوري، وسليمان هو الأعمش ومسلم هو أبو الضحى مشهور بكنيته أكثر من اسمه، وجوز الكرماني أن يكون مسلم بن عمران لكونه يروي عن مسروق ويروي الأعمش عنه، وهو تجويز عقلي محض يمجه سمع المحدث، على أنني لم أر لمسلم بن عمران البطين رواية عن مسروق وإن كانت ممكنة، وهذا الحديث إنما هو من رواية الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق، وقد أخرجه مسلم من رواية جرير عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق به، ثم أخرجه من رواية هشيم ومن رواية شعبة ومن رواية يحيى القطان عن الثوري كلهم عن الأعمش قال بإسناد جرير، فوضح أن مسلما المذكور في رواية البخاري هو أبو الضحى، فإنه أخرجه من رواية يحيى القطان، وغايته أن بعض الرواة عن يحيى سماه وبعضهم كناه والله أعلم. قوله: "كان يعوذ بعض أهله" لم أقف على تعيينه. قوله: "يمسح بيده اليمني" أي على الوجع قال الطبري: هو على طريق التفاؤل لزوال ذلك، الوجع. قوله: "واشفه وأنت الشافي" في رواية الكشميهني بحذف الواو، والضمير في اشفه للعليل، أو هي هاء السكت. قوله: "لا شفاء" بالمد مبني على الفتح والخبر محذوف والتقدير لنا أو له. قوله: "إلا شفاؤك" بالرفع على أنه بدل من موضع لا شفاء. قوله: "قال سفيان" هو موصول بالإسناد المذكور. قوله: "حدثت به منصورا" هو ابن المعتمر، وصار بذلك في هذا الحديث إلى مسروق طريقان، وإذا ضم الطريق الذي بعده إليه صار إلى عائشة طريقان، وإذا ضم إلى حديث أنس صار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيه طريقان. قوله: "نحوه" تقدم سياقه في أواخر كتاب المرضى مع بيان الاختلاف على الأعمش ومنصور في الواسطة بينهما وبين مسروق، ومن أفرد ومن جمع وتحرير ذلك واضحا. "النضر" هو ابن شميل. قوله: "كان يرقي" بكسر القاف، وهو بمعنى قوله في الرواية التي قبلها "كان يعوذ" ولعل هذا هو السر أيضا في إيراد طريق عروة وإن كان سياق مسروق أتم، لكن عروة صرح بكون ذلك رقية فيوافق حديث أنس في أنها رقية النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: "امسح" هو بمعنى قوله في الرواية الأخرى "أذهب" والمراد الإزالة. قوله: "بيدك الشفاء لا كاشف له" أي للمرض "إلا أنت" وهو بمعنى قوله: "اشف أنت الشافي لا شافي إلا أنت". قوله: "سفيان" هو ابن عيينة كما صرح به في الطريق الثانية، وقدم الأولى لتصريح سفيان بالتحديث، وصدقة شيخه في الثانية هو ابن الفضل المروزي. قوله: "عبد ربه بن سعيد" هو الأنصاري أخو يحيى بن سعيد، هو ثقة، ويحيى أشهر منه وأكثر
(10/207)

حديثا. قوله: "كان يقول للمريض بسم الله" في رواية صدقة "كان يقول في الرقية" وفي رواية مسلم عن ابن أبي عمر عن سفيان زيادة في أوله ولفظه: "كان إذا اشتكى الإنسان أو كانت به قرحة أو جرح قال النبي صلى الله عليه وسلم: "بإصبعه هكذا - ووضع سفيان سبابته بالأرض ثم رفعها - بسم الله". قوله: "تربة أرضنا" خبر مبتدأ محذوف أي هذه تربة، وقوله: "بريقة بعضنا" يدل على أنه كان يتفل عند الرقية، قال النووي: معنى الحديث أنه أخذ من ريق نفسه على إصبعه السبابة ثم وضعها على التراب فعلق به شيء منه ثم مسح به الموضع العليل أو الجريح قائلا الكلام المذكور في حالة المسح، قال القرطبي: فيه دلالة على جواز الرقى من كل الآلام، وأن ذلك كان أمرا فاشيا معلوما بينهم، قال: ووضع النبي صلى الله عليه وسلم سبابته بالأرض ووضعها عليه يدل على استحباب ذلك عند الرقية. ثم قال: وزعم بعض علمائنا أن السر فيه أن تراب الأرض لبرودته ويبسه يبرئ الموضع الذي به الألم ويمنع انصباب المواد إليه ليبسه مع منفعته في تجفيف الجراح واندمالها. قال وقال في الريق: إنه يختص بالتحليل والإنضاج وإبراء الجرح والورم لا سيما من الصائم الجائع، وتعقبه القرطبي أن ذلك إنما يتم إذا وقعت المعالجة على قوانينها من مراعاة مقدار التراب والريق وملازمة ذلك في أوقاته، وإلا فالنفث ووضع السبابة على الأرض إنما يتعلق بها ما ليس له بال ولا أثر، وإنما هذا من باب التبرك بأسماء الله تعالى وآثار رسوله، وأما وضع الإصبع بالأرض فلعله لخاصية في ذلك، أو لحكمة إخفاء آثار القدرة بمباشرة الأسباب المعتادة. وقال البيضاوي: قد شهدت المباحث الطبية على أن للريق مدخلا في النضج وتعديل المزاج، وتراب الوطن له تأثير في حفظ المزاج ودفع الضرر، فقد ذكروا أنه ينبغي للمسافر أن يستصحب تراب أرضه إن عجز عن استصحاب مائها، حتى إذا ورد المياه المختلفة جعل شيئا منه في سقائه ليأمن مضرة ذلك. ثم أن الرقى والعزائم لها آثار عجيبة تتقاعد العقول عن الوصول إلى كنهها. وقال التوربشتي: كأن المراد بالتربة الإشارة إلى قطرة آدم، والريقة الإشارة إلى النطفة، كأنه تضرع بلسان الحال أنك اخترعت الأصل من التراب ثم أبدعته منه من ماء مهين فهين عليك أن تشفي من كانت هذه نشأته. وقال النووي: قيل المراد بأرضنا أرض المدينة خاصة لبركتها، وبعضنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لشرف ريقه، فيكون ذلك مخصوصا. وفيه نظر. قوله: "يشفى سقيمنا" ضبط بالوجهين بضم أوله على البناء للمجهول، وسقيمنا بالرفع وبفتح أوله على أن الفاعل مقدر، وسقيمنا بالنصب على المفعولية. "تنبيه": أخرج أبو داود والنسائي ما يفسر به الشخص المرقى، وذلك في حديث عائشة "أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على ثابت بن قيس بن شماس وهو مريض فقال: اكشف الباس، رب الناس. ثم أخذ من بطحان فجعله في قدح، ثم نفث عليه، ثم صبه عليه".
(10/208)

بااب النفث في الرقية
...