بَاب خَاتَمِ الْحَدِيدِ
 
5871- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلاً يَقُولُ:
(10/322)

جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ جِئْتُ أَهَبُ نَفْسِي فَقَامَتْ طَوِيلاً فَنَظَرَ وَصَوَّبَ فَلَمَّا طَالَ مُقَامُهَا فَقَالَ رَجُلٌ زَوِّجْنِيهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ قَالَ: " عِنْدَكَ شَيْءٌ تُصْدِقُهَا قَالَ لاَ قَالَ انْظُرْ فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ وَاللَّهِ إِنْ وَجَدْتُ شَيْئاً قَالَ اذْهَبْ فَالْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَماً مِنْ حَدِيدٍ فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ قَالَ لاَ وَاللَّهِ وَلاَ خَاتَماً مِنْ حَدِيدٍ وَعَلَيْهِ إِزَارٌ مَا عَلَيْهِ رِدَاءٌ فَقَالَ أُصْدِقُهَا إِزَارِي. فَقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِزَارُكَ إِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ فَتَنَحَّى الرَّجُلُ فَجَلَسَ فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَلِّياً فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِيَ فَقَالَ مَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ قَالَ سُورَةُ كَذَا وَكَذَا لِسُوَرٍ عَدَّدَهَا قَالَ قَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ" .
قوله: "باب خاتم الحديد" قد ذكرت ما ورد فيه في الباب الذي قبله، كأنه لم يثبت عنده شيء من ذلك على شرطه، وفيه دلالة على جواز لبس ما كان على صفته. وأما ما أخرجه أصحاب السنن وصححه ابن حبان من رواية عبد الله بن بريدة عن أبيه "أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعليه خاتم من شبه فقال: ما لي أجد منك ريح الأصنام؟ فطرحه. ثم جاء وعليه خاتم من حديد فقال: ما لي أرى عليك حلية أهل النار؟ فطرحه. فقال: يا رسول الله من أي شيء أتخذه؟ قال: اتخذه من ورق، ولا تتمه مثقالا" وفي سنده أبو طيبة بفتح المهملة وسكون التحتانية بعدها موحدة اسمه عبد الله بن مسلم المروزي، قال أبو حاتم الرازي يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال ابن حبان في الثقات: يخطئ ويخالف، فإن كان محفوظا حمل المنع على ما كان حديدا صرفا. وقد قال التيفاشي في "كتاب الأحجار" خاتم الفولاذ مطردة للشيطان إذا لوي عليه فضة، فهذا يؤيد المغايرة في الحكم. حديث سهل بن سعد في قصة الواهبة وقوله فيه: "اذهب فالتمس ولو خاتما من حديد" استدل به على جواز لبس خاتم الحديد، ولا حجة فيه لأنه لا يلزم من جواز الاتخاذ جواز اللبس، فيحتمل أنه أراد وجوده لتنتفع المرأة بقيمته. وقوله: "ولو خاتما" محذوف الجواب لدلالة السياق عليه، فإنه لما أمره بالتماس مهما وجد كأنه خشي أن يتوهم خروج خاتم الحديد لحقارته فأكد دخوله بالجملة المشعرة بدخول ما بعدها فيما قبلها، وقوله في الجواب "فقال لا والله، ولا خاتما من حديد" انتصب على تقدير لم أجد، وقد صرح به في الطريق الأخرى.
(10/323)