بَاب كَرَاهِيَةِ الصَّلاَةِ فِي التَّصَاوِيرِ
 
5959- حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ قِرَامٌ لِعَائِشَةَ سَتَرَتْ بِهِ جَانِبَ بَيْتِهَا فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمِيطِي عَنِّي فَإِنَّهُ لاَ تَزَالُ تَصَاوِيرُهُ تَعْرِضُ لِي فِي صَلاَتِي
قوله: "باب كراهية الصلاة في التصاوير" أي في الثياب المصورة. قوله: "عبد الوارث" هو ابن سعيد، والإسناد كله بصريون. قوله: "كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها" تقدم ضبط القرام قريبا. قوله: "أميطي" أي أزيلي وزنه ومعناه. قوله: "تعرض" بفتح أوله وكسر الراء أي أنظر إليها فتشغلني، ووقع في حديث عائشة عند مسلم أنها كان لها ثوب فيه تصاوير ممدود إلى سهوة وكان النبي صلى الله عليه وسلم: يصلي إليه، فقال: أخريه عني. ووجه انتزاع الترجمة من الحديث أن الصور إذا كانت تلهي المصلي وهي مقابله فكذا تلهيه وهو لابسها بل حالة اللبس أشد، ويحتمل أن تكون "في" بمعنى "إلى" فتحصل المطابقة وهو اللائق بمراده، فإن في المسألة خلافا، فنقل عن الحنفية أنه لا تكره الصلاة إلى جهة فيها صورة إذا كانت صغيرة أو مقطوعة الرأس، وقد استشكل الجمع بين هذا الحديث وبين حديث عائشة أيضا في النمرقة لأنه يدل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يدخل البيت الذي كان فيه الستر المصور أصلا حتى نزعه وهذا يدل على أنه أقره وصلى وهو منصوب إلى أن أمر بنزعه من أجل ما ذكر من رؤيته الصورة حالة الصلاة، ولم يتعرض لخصوص كونها صورة. ويمكن الجمع بأن الأول كانت تصاويره من ذوات الأرواح وهذا كانت تصاويره من غير الحيوان كما تقدم تقريره في حديث زيد بن خالد.
(10/391)

باب لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة
...
الصور في بيوتهم ويعظمونها فكرهت الملائكة ذلك فلم تدخل بيته هجرا له لذلك. قوله: "عمر بن محمد" أي ابن زيد بن عبد الله بن عمر، وسالم شيخه هو عم أبيه وهو ابن عبد الله بن عمر. قوله: "وعد جبريل النبي صلى الله عليه وسلم" زادت عائشة "في ساعة يأتيه فيها" أخرجه مسلم. قوله: "فراث عليه" بالمثلثة أي أبطأ، وفي حديث عائشة "فجاءت تلك الساعة ولم يأته". قوله: "حتى اشتد على النبي صلى الله عليه وسلم" في حديث عائشة "وفي يده عصا فألقاها من يده وقال: ما يخلف الله وعده ولا رسله " وفي حديث ميمونة عند مسلم نحو حديث عائشة وفيه: "أنه أصبح واجما" بالجيم أي منقبضا. قوله: "فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فلقيه فشكا إليه ما وجد" أي من إبطائه "فقال له: إنا لا ندخل بيتا فيه صورة ولا كلب " في هذا الحديث اختصار، وحديث عائشة أتم ففيه: "ثم التفت فإذا جر وكلب تحت سريره فقال: يا عائشة متى دخل هذا الكلب؟ فقالت: وايم الله ما دريت. ثم أمر به فأخرج، فجاء جبريل، فقال: واعدتني فجلست لك فلم تأت. فقال: منعني الكلب الذي كان في بيتك" وفي حديث ميمونة "فظل يومه على ذلك، ثم وقع في نفسه جرو كلب فأمر به فأخرج، ثم أخذ بيده ماء فنضح مكانه، فلما أمسى لقيه جبريل" وزاد فيه الأمر بقتل الكلاب. وحديث أبي هريرة في السنن وصححه الترمذي وابن حبان أتم سياقا منه ولفظه: "أتاني جبريل فقال: أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب، فمر برأس التمثال الذي على باب البيت يقطع فيصير كهيئة الشجرة، ومر بالستر فليقطع فليجعل منه وسادتان منبوذتان توطآن، ومر بالكلب فليخرج، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم" وفي رواية النسائي: "إما أن تقطع رءوسها أو تجعل بسطا توطأ" وفي هذا الحديث ترجيح قول من ذهب إلى أن الصورة التي تمتنع الملائكة من دخول المكان التي تكون فيه باقية على هيئتها مرتفعة غير ممتهنة، فأما لو كانت ممتهنة أو غير ممتهنة لكنها غيرت من هيئتها إما بقطعها من نصفها أو بقطع رأسها فلا امتناع. وقال القرطبي: ظاهر حديث زيد بن خالد عن أبي طلحة الماضي قيل إن الملائكة لا تمتنع من دخول البيت الذي فيه صورة إن كانت رقما في الثوب، وظاهر حديث عائشة المنع ويجمع بينهما بأن يحمل حديث عائشة على الكراهة وحديث أبي طلحة على مطلق الجواز وهو لا ينافي الكراهة. قلت: وهو جمع حسن، لكن الجمع الذي دل عليه حديث أبي هريرة أولى منه، والله تعالى أعلم.
(10/292)