بَاب مَنْ تَرَكَ صَبِيَّةَ غَيْرِهِ حَتَّى تَلْعَبَ بِهِ أَوْ قَبَّلَهَا أَوْ مَازَحَهَا
 
5993- حَدَّثَنَا حِبَّانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَتْ: "أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَبِي وَعَلَيَّ قَمِيصٌ أَصْفَرُ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سَنَهْ سَنَهْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَهِيَ بِالْحَبَشِيَّةِ حَسَنَةٌ قَالَتْ فَذَهَبْتُ أَلْعَبُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ فَزَبَرَنِي أَبِي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دَعْهَا ثُمَّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَبْلِي وَأَخْلِقِي ثُمَّ أَبْلِي وَأَخْلِقِي ثُمَّ أَبْلِي وَأَخْلِقِي" قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَبَقِيَتْ حَتَّى ذَكَرَ يَعْنِي مِنْ بَقَائِهَا".
قوله: "باب من ترك صبية غيره حتى تلعب به" أي ببعض جسده. قوله: "أو قبلها أو مازحها" قال ابن التين: ليس في الخبر المذكور في الباب للتقبيل ذكر، فيحتمل أن يكون لما لم ينهها عن مس جسده صار كالتقبيل، وإلى ذلك أشار ابن بطال، والذي يظهر لي أن ذكر المزح بعد التقبيل من العام بعد الخاص؛ وأن الممازحة بالقول والفعل مع الصغيرة إنما يقصد به التأنيس، والتقبيل من جملة ذلك. وحديث الباب عن أم خالد بنت خالد بن سعيد تقدم شرحه في "باب الخميصة السوداء" من كتاب اللباس، وعبد الله في هذا السند هو ابن المبارك، وخالد بن سعيد المذكور في السند تقدم بيان نسبه في كتاب الجهاد. قوله: "فذهبت ألعب بخاتم النبوة، فزبرني أبي" أي نهرني، والزبر بزاي وموحدة ساكنة هو الزجر والمنع وزنه ومعناه. قوله: "أبلي وأخلقي" تقدم ضبطه والاختلاف فيه. قوله: "ثم أبلي وأخلقي" قال الداودي يستفاد منه مجيء "ثم" للمقارنة، وأبي ذلك بعض النحاة فقالوا لا تأتي إلا للتراخي، كذا قال، وتعقبه ابن التين بأن قال ما علمت أن أحدا قال إن ثم للمقارنة، وإنما هي للترتيب بالمهلة وقال وليس في الحديث ما ادعاه من المقارنة لأن الإبلاء يقع بعد الخلق أو الخلف. قلت: لعل الداودي أراد بالمقارنة المعاقبة فيتجه كلامه بعض اتجاه. قوله: "قال عبد الله" هو ابن المبارك وهو متصل بالإسناد المذكور. قوله: "فبقي" أي الثوب المذكور، كذا للأكثر. وفي رواية أبي ذر "فبقيت" والمراد أم خالد. قوله: "حتى ذكر" كذا للأكثر بذال معجمة ثم كاف خفيفة مفتوحتين ثم راء وفيه اكتفاء، والتقدير ذكر الراوي زمنا طويلا. وقال الكرماني: المعنى صار شيئا مذكورا عند الناس بخروج بقائه عن العادة. قلت: وكأنه قرأه "ذكر" بضم أوله
(10/425)

لكن لم يقع عندنا في الرواية إلا بالفتح، ووقع في رواية أبي علي بن السكن "حتى ذكر دهرا" وهو يؤيد ما قدمته. وفي رواية أبي ذر عن الكشميهني: "حتى دكن" بدال مهملة وكاف مكسورة ثم نون أي صار أدكن أي أسود، قال أهل اللغة، الدكن لون يضرب إلى السواد، وقد دكن الثوب بالكسر يدكن بفتح الكاف وبضمها مع الفتح، وقد جزم جماعة بأن رواية الكشميهني تصحيف. قوله: "يعني من بقائها" كذا للأصيلي والضمير للخميصة أو لأم خالد بحسب التوجيهين المتقدمين.
(10/426)

باب رحمة الولد وتقبله ومعانقته
...