بَاب الزِّيَارَةِ. وَمَنْ زَارَ قَوْماً فَطَعِمَ عِنْدَهُمْ
 
وَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلَ عِنْدَهُ
6080- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَارَ أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ الأَنْصَارِ فَطَعِمَ عِنْدَهُمْ طَعَاماً فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَمَرَ بِمَكَانٍ مِنْ الْبَيْتِ فَنُضِحَ لَهُ عَلَى بِسَاطٍ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَدَعَا لَهُمْ".
قوله: "باب الزيارة" أي مشروعيتها "ومن زار قوما فطعم عندهم" أي من تمام الزيارة أن يقدم. للزائر ما حضر، قاله ابن بطال، وهو مما يثبت المودة ويزيد في المحبة. قلت: وقد ورد في ذلك حديث أخرجه الحاكم
(10/499)

وأبو يعلى من طريق عبد الله بن عبيد بن عمير قال: "دخل على جابر نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقدم إليهم خبزا وخلا فقال: كلوا، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: نعم الإدام الخل، إنه هلاك بالرجل أن يدخل إليه النفر من إخوانه فيحتقر ما في بيته أن يقدمه إليهم، وهلاك بالقوم أن يحتقروا ما قدم إليهم". وورد في فضل الزيارة أحاديث: منها عند الترمذي وحسنه وصححه ابن حبان من حديث أبي هريرة رفعه: "من عاد مريضا أو زار أخا له في الله ناداه مناد طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا " وله شاهد عند البزار من حديث أنس بسند جيد، وعند مالك وصححه ابن حبان من حديث معاذ بن جبل مرفوعا: "حقت محبتي للمتزاورين في" الحديث وأخرجه أحمد بسند صحيح من حديث عتبان بن مالك، وعند الطبراني من حديث صفوان بن عسال رفعه: "من زار أخاه المؤمن خاض في الرحمة حتى يرجع". قوله: "وزار سلمان أبا الدرداء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فأكل عنده" هو طرف من حديث لأبي جحيفة تقدم مستوفى مشروحا في كتاب الصيام. قوله: "عبد الوهاب" هو ابن عبد المجيد الثقفي. قوله: "زار أهل بيت من الأنصار" هم أهل عتبان بن مالك كما مضى من وجه آخر عن أنس بن سيرين بأتم من هذا السياق وأوله "قال رجل من الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم إني لا أستطيع الصلاة معك، وصنع طعاما" الحديث، وأورده في صلاة الضحى وقصة عتبان وطلبه من النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي في بيته قد تقدمت في الصلاة أيضا مطولة. وفيها أنه صلى الله عليه وسلم بعد أن صلى في بيته تأخر حتى أكل عندهم، وفيه قصة مالك بن الدخشم، ووقع له صلى الله عليه وسلم نحو القصة التي في هذا الباب في بيت أبي طلحة كما سيأتي في "باب كنية الصبي" من طريق أبي التياح عن أنس، فإن فيه ذكر البساط ونضحه، لكن ليس فيه ذكر الطعام، نعم في رواية إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس أن جدته مليكة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته، وفيه ذكر نضح الحصير والصلاة بهم لكن ليس في أوله القصة التي في رواية أنس بن سيرين عن أنس أن الرجل قالا "لا أستطيع الصلاة معك" فإن هذا القدر مختص بقصة عتبان، فتعين الحمل عليه، ووهم من رجح أنه بيت أبي طلحة، وفي الحديث استحباب الزيارة ودعاء الزائر لمن زاره وطعم عنده.
(10/500)