بَاب إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ
 
6120- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ قَالَ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ" .
قوله: "باب إذا لم تستح فاصنع ما شئت" كذا ترجم بلفظ الحديث وضمه في "الأدب المفرد" إلى ترجمة الحياء. قوله: "زهير" هو ابن معاوية أبو خيثمة، ومنصور هو ابن المعتمر، والإسناد كله كوفيون، وقد تقدم الاختلاف فيه على ربعي في آخر ذكر بني إسرائيل. قوله: "إن مما أدرك الناس" وقع في حديث حذيفة عند أحمد والبزار "إن آخر ما يعلق به أهل الجاهلية من كلام النبوة الأولى" والناس يجوز فيه الرفع، والعائد على "ما" محذوف، ويجوز النصب والعائد ضمير الفاعل، و"أدرك" بمعنى بلغ و"إذا لم تستح" اسم للكلمة المشبهة بتأويل هذا القول. قوله: "فاصنع ما شئت" قال الخطابي: الحكمة في التعبير بلفظ الأمر دون الخبر في الحديث أن الذي يكف الإنسان عن مواقعة الشر هو الحياء فإذا تركه صار كالمأمور طبعا بارتكاب كل شر، وقد سبق هذا الحديث والإشارة إلى شرحه في ذكر بني إسرائيل في أواخر أحاديث الأنبياء، وأشير هنا إلى زيادة على ذلك، قال النووي في "الأربعين": الأمر فيه للإباحة، أي إذا أردت فعل شيء فإن كان مما لا تستحي إذا فعلته من الله ولا من الناس فافعله وإلا فلا، وعلى هذا مدار الإسلام، وتوجيه ذلك أن المأمور به الواجب والمندوب يستحيي من تركه، والمنهي عنه الحرام والمكروه يستحيي من فعله، وأما المباح فالحياء من فعله جائز وكذا من تركه فتضمن الحديث الأحكام الخمسة. وقيل هو أمر تهديد كما تقدم توجيهه، ومعناه إذا نزع منك الحياء فافعل ما شئت فإن الله مجازيك عليه، وفيه إشارة إلى تعظيم أمر الحياء، وقيل هو أمر بمعنى الخير، أي من لا يستحيي يصنع ما أراد.
(10/523)