بَاب تَحْوِيلِ الاسْمِ إِلَى اسْمٍ أَحْسَنَ مِنْهُ
 
6190- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ قَالَ أُتِيَ بِالْمُنْذِرِ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ وُلِدَ فَوَضَعَهُ عَلَى فَخِذِهِ وَأَبُو أُسَيْدٍ جَالِسٌ فَلَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَمَرَ أَبُو أُسَيْدٍ بِابْنِهِ فَاحْتُمِلَ مِنْ فَخِذِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَفَاقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "أَيْنَ الصَّبِيُّ فَقَالَ أَبُو أُسَيْدٍ قَلَبْنَاهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَا اسْمُهُ قَالَ فُلاَنٌ قَالَ وَلَكِنْ أَسْمِهِ الْمُنْذِرَ فَسَمَّاهُ يَوْمَئِذٍ الْمُنْذِرَ" .
6192- حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ "أَنَّ زَيْنَبَ كَانَ اسْمُهَا بَرَّةَ فَقِيلَ تُزَكِّي نَفْسَهَا فَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ" .
6193- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ قَالَ: "جَلَسْتُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فَحَدَّثَنِي أَنَّ جَدَّهُ حَزْناً قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا اسْمُكَ قَالَ اسْمِي حَزْنٌ قَالَ بَلْ أَنْتَ سَهْلٌ قَالَ مَا أَنَا بِمُغَيِّرٍ اسْماً سَمَّانِيهِ أَبِي" قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ فَمَا زَالَتْ فِينَا الْحُزُونَةُ بَعْدُ".
قوله: "باب تحويل الاسم إلى اسم أحسن منه" هذه الترجمة منتزعة مما أخرج ابن أبي شيبة من مرسل عروة
(10/575)
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمع الاسم القبيح حوله إلى ما هو أحسن منه" وقد وصله الترمذي من وجه آخر عن هشام بذكر عائشة فيه. حديث سهل بن سعد. قوله: "أتي بالمنذر بن أسيد إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين ولد" أبو أسيد بالتصغير صحابي مشهور، وله أحاديث في الصحيح، وتقدم ذكر ولده هذا في صلاة الجماعة في المغازي، وتقدمت روايته عن أبيه في كتاب الطلاق، وكان الصحابة إذا ولد لأحدهم الولد أتي به النبي صلى الله عليه وسلم ليحنكه ويبارك عليه، وقد تكرر ذلك في الأحاديث. قوله: "فوضعه على فخذه" يعني إكراما له. قوله: "فلها النبي صلى الله عليه وسلم بشيء بين يديه" أي اشتغل، وكل ما شغلك عن شيء فقد ألهاك عن غيره. قال ابن التين: روي لهي بوزن علم وهي اللغة المشهرة، وبالفتح لغة طي. قوله: "فاستفاق النبي صلى الله عليه وسلم" أي انقضى ما كان مشتغلا به فأفاق من ذلك فلم ير الصبي فسأل عنه، يقال أفاق من نومه ومن مرضه واستفاق بمعني. قوله: "قلبناه" بفتح القاف وتشديد اللام بعدها موحدة ساكنة أي صرفناه إلى منزله، وذكر ابن التين أنه وقع في روايته أقلبناه بزيادة همزة أوله، قال والصواب حذفها وأثبتها غيره لغة. قوله: "ما اسمه؟ قال فلان" لم أقف على تعيينه، فكأنه كان سماه اسما ليس مستحسنا فسكت عن تعيينه. أو سماه فنسيه بعض الرواة. قوله: "ولكن اسمه المنذر " أي ليس هذا الاسم الذي سميته به الذي يليق به بل هو المنذر، قال الداودي: سماه المنذر تفاؤلا أن يكون له علم ينذر به. قلت: وتقدم في المغازي أنه سمي المنذر بالمنذر بن عمرو الساعدي الخزرجي وهو صحابي مشهور من رهط أبي أسيد. قوله: "عطاء بن أبي ميمونة" هو ابن هلال مولى أنس، وأبو رافع هو نفيع الصانع. قوله: "أن زينب كان اسمها برة" بفتح الموحدة وتشديد الراء، كذا في رواية محمد بن جعفر وهو غندر عن شعبة، ووافقه جماعة. وقال عمرو بن مرزوق عن شعبة بهذا السند عن أبي هريرة "كان اسم ميمونة برة" أخرجه المصنف في "الأدب المفرد" عنه، والأول أكبر، وزينب هي بنت جحش أو بنت أبي سلمة، والأولى زوج النبي صلى الله عليه وسلم والثانية ربيبته، وكل منهما كان اسمها أولا برة فغيره النبي صلى الله عليه وسلم، كذا قال ابن عبد البر، وقصة زينب بنت جحش أخرجها مسلم وأبو داود في أثناء حديث عن زينب بنت أم سلمة قال: "سميت برة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزكوا أنفسكم فإن الله أعلم بأهل البر منكم. قالوا: ما نسميها؟ قال: سموها زينب" وفي بعض روايات مسلم: "وكان اسم زينب بنت جحش برة" وقد أخرج الدار قطني في "المؤتلف" بسند فيه ضعف "أن زينب بنت جحش قالت: يا رسول الله اسمي برة فلو غيرته، فإن البرة صغيرة، فقال لو كان مسلما(1) لسميته باسم من أسمائها، ولكن هو جحش فالجحش أكبر من البرة" وقد وقع مثل ذلك لجويرية بنت الحارث أم المؤمنين، فأخرج مسلم وأبو داود والمصنف في "الأدب المفرد" عن ابن عباس قال: "كان اسم جويرية بنت الحارث برة، فحول النبي صلى الله عليه وسلم اسمها فسماها جويرية، كره أن يقول خرج من عند برة". قوله: "فقيل تزكي نفسها" أي لأن لفظه: "برة" مشتقة من البر، وكذلك وقع في قصة جويرية "كره أن يقال خرج من عند برة" وقال في قصة زينب "الله أعلم بأهل البر منكم". قوله: "هشام" هو ابن يوسف، وعبد الحميد بن جبير بن شيبة أي ابن عثمان الحجبي. قوله: "فحدثني أن جده حزنا" هكذا أرسل سعيد الحديث لما حدث به عبد الحميد، ولما حدث به الزهري وصله عن
ـــــــ
(1) قال مصحح طبعة بولاق: هكذا في جملة النسخ، وحرر
(10/576)

أبيه كما تقدم بيانه في الباب الذي قبله، وهذا على قاعدة الشافعي أن المرسل إذا جاء موصولا من وجه آخر تبين صحة مخرج المرسل، وقاعدة البخاري أن الاختلاف في الوصل والإرسال لا يقدح المرسل في الموصول إذا كان الواصل أحفظ من المرسل، كالذي هنا فإن الزهري أحفظ من عبد الحميد، قال الطبري لا تنبغي التسمية باسم قبيح المعنى، ولا باسم يقتضي التزكية له، ولا باسم معناه السب. قلت: الثالث أخص من الأول، قال: ولو كانت الأسماء إنما هي أعلام للأشخاص لا يقصد بها حقيقة الصفة، لكن وجه الكراهة أن يسمع سامع بالاسم فيظن أنه صفة للمسمى، فلذلك كان صلى الله عليه وسلم يحول الاسم إلى ما إذا دعي به صاحبه كان صدقا، قال: وقد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة أسماء، وليس ما غير من ذلك على وجه المنع من التسمي بها بل على وجه الاختيار، قال: ومن ثم أجاز المسلمون أن يسمى الرجل القبيح بحسن والفاسد بصالح، ويدل عليه أنه صلى الله عليه وسلم لم يلزم حزنا لما امتنع من تحويل اسمه إلى سهل بذلك، ولو كان ذلك لازما لما أقره على قوله: "لا أغير اسما سمانيه أبي" انتهى ملخصا. وقد ورد الأمر بتحسين الأسماء، وذلك فيما أخرجه أبو داود وصححه ابن حبان من حديث أبي الدرداء رفعه: "إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم، فأحسنوا أسماءكم" ورجاله ثقات، إلا أن في سنده انقطاعا بين عبد الله بن أبي زكريا راويه عن أبي الدرداء [وأبي الدرداء] فإنه لم يدركه، قال أبو داود: وقد غير النبي صلى الله عليه وسلم العاص وعتلة بفتح المهملة والمثناة بعدها لام وشيطان وغراب وحباب بضم المهملة وتخفيف الموحدة وشهاب وحرب وغير ذلك قلت: والعاصي الذي ذكره هو مطيع بن الأسود العدوي والد عبد الله بن مطيع، ووقع مثله لعبد الله بن الحارث بن جزء وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن عمر أخرجه البزار والطبراني من حديث عبد الله بن الحارث بسند حسن والأخبار في مثل ذلك كثيرة، وعتلة هو عتبة بن عبد السلمي، وشيطان هو عبد الله، وغراب هو مسلم أبو رايطة، وحباب هو عبد الله بن عبد الله بن أبي، وشهاب هو هشام بن عامر الأنصاري، وحرب هو الحسن بن علي سماه علي أولا حربا، وأسانيدها مبينة في كتابي في الصحابة.
(10/577)