بَاب مَنْ سَمَّى بِأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ. وَقَالَ أَنَسٌ: قَبَّلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِبْرَاهِيمَ يَعْنِي ابْنَهُ
 
6194- حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قُلْتُ لِابْنِ أَبِي أَوْفَى رَأَيْتَ إِبْرَاهِيمَ ابْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَاتَ صَغِيراً وَلَوْ قُضِيَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيٌّ عَاشَ ابْنُهُ وَلَكِنْ لاَ نَبِيَّ بَعْدَهُ".
6195- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ قَالَ لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لَهُ مُرْضِعاً فِي الْجَنَّةِ" .
6196- حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ قَالَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سَمُّوا بِاسْمِي وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي فَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ" . وَرَوَاهُ أَنَسٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
6197- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا أَبُو حَصِينٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي
(10/577)

هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "سَمُّوا بِاسْمِي وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي وَمَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَتَمَثَّلُ فِي صُورَتِي وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ" .
6198- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ وُلِدَ لِي غُلاَمٌ فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمَ فَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ وَدَفَعَهُ إِلَيَّ وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِ أَبِي مُوسَى".
6199- حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عِلاَقَةَ سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ قَالَ: "انْكَسَفَتْ الشَّمْسُ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ رَوَاهُ أَبُو بَكْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
قوله: "باب من سمى بأسماء الأنبياء" في هذه الترجمة حديثان صريحان: أحدهما أخرجه مسلم من حديث المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إنهم كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم والصالحين قبلهم" ثانيهما أخرجه أبو داود والنسائي والمصنف في "الأدب المفرد" من حديث أبي وهب الجشمي بضم الجيم وفتح المعجمة رفعه: "تسموا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، وأصدقها حارث وهمام، وأقبحها حرب ومرة" قال بعضهم: أما الأولان فلما تقدم في "باب أحب الأسماء إلى الله" وأما الآخران فلأن العبد في حرث الدنيا أو حرث الآخرة ولأنه لا يزال يهم بالشيء بعد الشيء، وأما الأخيران فلما في الحرب من المكاره ولما في مرة من المرارة. وكأن المؤلف رحمه الله لما لم يكونا على شرطه اكتفى بما استنبطه من أحاديث الباب وأشار بذلك إلى الرد على من كره ذلك، كما تقدم عن عمر أنه أراد أن يغير أسماء أولاد طلحة وكان سماهم بأسماء الأنبياء. وأخرج البخاري أيضا في "الأدب المفرد" في مثل ترجمة هذا الباب حديث يوسف بن عبد الله بن سلام قال: "سماني النبي صلى الله عليه وسلم يوسف" الحديث وسنده صحيح وأخرجه الترمذي في "الشمائل" وأخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح عن سعيد بن المسيب قال: "أحب الأسماء إليه أسماء الأنبياء". ثم ذكر فيه أحد عشر حديثا موصولة ومعلقة: الأول حديث أنس: قوله: "وقال أنس: قبل النبي صلى الله عليه وسلم إبراهيم، يعني ابنه" ثبت هذا التعليق في رواية أبي ذر عن الكشميهني وحده، وهو في رواية النسفي أيضا، وهو طرف من حديث طويل تقدم موصولا في الجنائز. قوله: "حدثنا ابن نمير" هو محمد بن عبد الله بن نمير نسب لجده، ومحمد بن بشر هو العبدي، وإسماعيل هو ابن خالد، والإسناد كله كوفيون. قوله: "قلت لابن أبي أوفى" هو عبد الله الصحابي ابن الصحابي. قوله: "رأيت إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم، قال مات صغيرا" تضمن كلامه جواب السؤال بالإشارة إليه وصرح بالزيادة عليه كأنه قال: نعم رأيته لكن مات صغيرا. ثم ذكر السبب في ذلك. وقد رواه إبراهيم بن حميد عن إسماعيل عن أبي خالد بلفظ: "قال نعم كان أشبه الناس به، مات وهو صغير" أخرجه ابن منده والإسماعيلي من طريق جرير عن إسماعيل "سألت ابن أبي أوفى عن إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم مثل أي شيء كان حين مات؟ قال: كان صبيا". قوله: "ولو قضي أن يكون بعد محمد نبي عاش ابنه" إبراهيم "ولكن لا نبي بعده" هكذا جزم به عبد الله بن أبي أوفى. ومثل هذا لا يقال بالرأي، وقد توارد عليه جماعة: فأخرج ابن ماجه من حديث ابن عباس قال: "لما مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم
(10/578)

صلى عليه وقال: إن له مرضعا في الجنة، لو عاش لكان صديقا نبيا، ولأعتقت أخواله القبط" وروى أحمد وابن منده من طريق السدي "سألت أنسا كم بلغ إبراهيم؟ قال كان قد ملأ المهد، ولو بقي لكان نبيا، ولكن لم يكن ليبقى، لأن نبيكم آخر الأنبياء" ولفظ أحمد "لو عاش إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم لكان صديقا نبيا" ولم يذكر القصة فهذه عدة أحاديث صحيحة عن هؤلاء الصحابة أنهم أطلقوا ذلك، فلا أدري ما الذي حمل النووي في ترجمة إبراهيم المذكور من كتاب تهذيب الأسماء واللغات على استنكار ذلك ومبالغته حيث قال: هو باطل، وجسارة في الكلام على المغيبات، ومجازفة وهجوم على عظيم من الزلل. ويحتمل أن يكون استحضر ذلك عن الصحابة المذكورين، فرواه عن غيرهم ممن تأخر فقال ذلك، وقد استنكر قبله ابن عبد البر في "الاستيعاب" الحديث المذكور فقال هذا لا أدري ما هو، وقد ولد نوح من ليس بنبي، وكما يلد غير النبي نبيا فكذا يجوز عكسه، حتى نسب قائله إلى المجازفة والخوض في الأمور المغيبة بغير علم إلى غير ذلك، مع أن الذي نقل عن الصحابة المذكورين إنما أتوا فيه بقضية شرطية. حديث البراء "لما مات إبراهيم قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن له مرضعا في الجنة" قال الخطابي: هو بضم الميم على أنه اسم فاعل من أرضع أي من يتم إرضاعه. وبفتحها أي أن له رضاعا في الجنة. وقال ابن التين في الصحاح: امرأة مرضع أي لها ولد ترضعه، فهي مرضعة بضم أوله، فإن وصفتها بإرضاعه قلت مرضعة يعني بفتح الميم، قال: والمعنى هنا يصح، ولكن لم يروه أحد بفتح الميم. قلت: وقع في رواية الإسماعيلي: "أن له مرضعا ترضعه في الجنة" والمعنى تكمل إرضاعه، لأنه لما مات كان ابن ستة عشر شهرا أو ثمانية عشر شهرا على اختلاف الروايتين، وقيل إنما عاش سبعين يوما. حديث جابر "سموا باسمي" ذكره مختصرا عن آدم عن شعبة عن حصين، وقد تقدم شرحه قريبا، وقد أخرجه مسلم من وجه آخر عن شعبة عن حصين بتمامه، قوله: "ورواه أنس" تقدم التنبيه عليه قريبا في "باب قول النبي صلى الله عليه وسلم سموا باسمي". حديث أبي هريرة "سموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي" ووقع في رواية المستملي والسرخسي هنا "بكنوتي" وقد تقدم توجيهه قريبا. قوله: "ومن رآني في المنام" الحديث هو حديث آخر جمعهما الراوي بهذا الإسناد، وسيأتي شرحه في كتاب التعبير. قوله: "ومن كذب علي متعمدا" الحديث هو حديث آخر تقدم شرحه في كتاب العلم. عن أبي موسى هو الأشعري قال: "ولد لي غلام". قوله: "وكان أكبر ولد أبي موسى" هذا يشعر بأن أبا موسى كني قبل أن يولد له، وإلا فلو كان الأمر على غير ذلك لكني بابنه إبراهيم المذكور، ولم ينقل أنه كان يكني أبا إبراهيم. حديث المغيرة "انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم" كذا أورده مختصرا، وقد تقدم في الكسوف بهذا الإسناد مطولا من وجه آخر عن زياد بن علاقة مطولا أيضا وتقدم شرحه هناك. قوله: "رواه أبو بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم" يشير إلى ما أخرجه موصولا في الكسوف ومعلقا، لكن لم أر في شيء من طرق حديث أبي بكرة التصريح بأن ذلك كان يوم مات إبراهيم، إلا في رواية أسندها في "باب كسوف القمر" مع أن مجموع الأحاديث تدل على ذلك كما قاله البيهقي، قال ابن بطال: في هذه الأحاديث جواز التسمية بأسماء الأنبياء، وقد ثبت عن سعيد بن المسيب أنه قال: "أحب الأسماء إلى الله أسماء الأنبياء" وإنما كره عمر ذلك، لئلا يسبب أحد المسمى بذلك فأراد تعظيم الاسم لئلا يبتذل في ذلك وهو قصد حسن، وذكر الطبري أن الحجة في ذلك حديث أنس "يسمونهم
(10/579)

محمدا ويلعنونهم" قال: وهو ضعيف، لأنه من رواية الحكم بن عطية عن ثابت عنه، وعلى تقدير ثبوته فلا حجة فيه للمنع، بل فيه النهي عن لعن من يسمى محمدا، وقد تقدمت الإشارة إلى هذا الحديث في "باب سموا باسمي" قال ويقال إن طلحة قال للزبير: أسماء بني أسماء الأنبياء وأسماء بنيك أسماء الشهداء، فقال: أنا أرجو أن يكون بني شهداء، وأنت لا ترجو أن يكون بنوك أنبياء، فأشار إلى أن الذي فعله أولى من الذي فعله طلحة.
(10/580)